حسن بكير

قرارات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" المجحفة بحق اللاجئين الفلسطينيين والتي طالت تخفيضات على المستوى التربوي والصحي والاغاثي وحتى خطة الطوارئ المتعلقة بمخيم نهر البارد المنكوب، ستشكل كارثة وتهديداً لحياة آلاف اللاجئين في في مناطق عمل الأونروا، وخاصة في لبنان حيث يعاني الفلسطينيون من ارتفاع نسبة البطالة في ظل حرمانهم من حقوقهم المدنية وخاصة حق العمل.

وتصعيداً لمواجهة هذه القرارات، انتفضت فصائل الثورة والقوى الوطنية الإسلامية الفلسطينية واللجان الشعبية ومعهم الجماهير الفلسطينية والمهجّرين الفلسطينيين من مخيمات سوريا ونهر البارد ضد هذه القرارات وقامت بعدة فاعليات للضغط على الأونروا للتراجع عن قراراتها.

وقد احتشد قبيل صلاة الجمعة اليوم 22\1\2016، أهالي مخيمات لبنان بكافة شرائحهم وانتماءاتهم السياسية مع قياداتهم الفصائلية كافة ولجانهم الشعبية ومؤسساتهم الأهلية وقوى الأمن الوطني، أمام المركز الرئيس للأونروا، مقابل المدينة الرياضية في بئر حسن.

ورفعت اللافتات المندّدة بسياسة الأونروا والمطالبة بحقهم في العيش الكريم في ظل حقوقهم المشروعة التي أقرتها لهم الأمم المتحدة منذ ستين عاماً.

وبدأ الاعتصام بإلقاء كلمات مختصرة، مع تقديم مذكرة مطوّلة مرفوعة للمدير العام للأونروا "ماتياس شمالي" قرأها أمين سر اللجان الشعبية في لبنان أبو إياد الشعلان.

كلمة انصار الله ألقاها ممثّلها غسّان حمود جاء فيها: "اننا نقف اليوم لنعبّر من كل المخيمات الفلسطينية عن رفضنا لقرارات الأونروا الاخيرة، والتي تصب في مصلحة العدو الصهيوني، ولا يمكن ان نرضى بهذه القرارات الجائرة التي تمارسها الأونروا ضد شعبنا الفلسطيني وندين ونستنكر هذه الاجراءات بحق شعبنا، ونناشد العالم اجمع ان يقف الى جانب المحرومين من شعبنا".

وألقى عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية علي فيصل كلمة منظمة التحرير الفلسطينية، جاء فيها: "لن نتراجع، لن نكل، ولن نمل الى حين تتراجع الأونروا عن قراراتها. على الدول المانحة توفير الاموال للخدمات الصحية والتعليمية كاملة وان لا تدفع بنا نحو اليأس ونحن لن نتراجع عن حق العودة مهما كان الجوع والعطش سنعود الى ديارنا.

كما ندعو قيادة الأونروا لتوفير الاموال الازمة ولتوفير موازنة دائمة لا تعتمد على موازنات الدول المانحة من أجل تلبية خدمات شعبنا. نحن نقول بوضوح الصحة 100% التعليم 100% واعمار مخيم نهر البارد 100% ونازحينا 100% وخطة الطوارئ 100% لن نتراجع عنها اطلاقاً ونقول للدول العربية ان تدفع الاموال لدعم شعبنا ودعم انتفاضتنا الباسلة في ارضنا المحتلة".

وأضاف فيصل محذّراً "إذا لم تتراجع الأونروا عن قراراتها، سندعو الى اعتصام مفتوح ولن نتراجع قبل أن تتراجعوا عن قراراتكم".

ثمّ كانت كلمة تحالف القوى الفلسطينة ألقاها ممثل القيادة العامة في لبنان ابو عماد رامز، حيث قال: "نحن اليوم هنا لنقول إن الشعب الفلسطيني متكامل، هناك انتفاضة في فلسطين، وهنا هبة شعبية في مواجهة الأونروا. إنَّ الظلم الواقع على شعبنا واحد، فالاحتلال والأونروا ورعاتها اليوم يفعلون ما يفعلون من أجل تهجير الشعب الفلسطيني وتوطينه اينما حل واينما تواجد. نحن اليوم وباختصار نقول هذا التحرك اليوم سيكون بداية لتحركات اكبر. اذا كانت الأونروا لا تريد ان تتحمَّل مسؤولياتها، والدولة اللبنانية لا تريد أن تقف بجانبنا في مواجهة سياسات الأونروا، علينا ان نتوجه الى الجنوب اللبناني من اجل ان نحقّق عودتنا بايدينا. هذه رسالة الشعب الفلسطيني اليوم، فليتحمَّل المجتمع الدولي اليوم، وليتحمّل كل المعنيين بالأمر مسؤولياتهم تجاه شعبنا. نحن اليوم موحّدون اكثر من اي وقت مضى، واذا كانت الأونروا تلعب على قسمة الشعب الفلسطيني نقول لها إن هذا الامر قد اصبح وراء ظهرنا. ونقول لماتياس ان اهلنا في المخيمات عليهم ان يستردوا حقوقهم وفي مقدمهااعادة استكمال اعمار مخيم نهر البارد".

أمّا كلمة القوى الاسلامية فألقاها الشيخ ابو بسام المقدح، ومما جاء فيها: "هذه الوقفة اليوم هي ليست الاولى وليست الاخيرة حتى يتراجع القرار الظالم وحتى تتراجع الأونروا عن تجويع اهلنا، وعن تجويع نسائنا. لن نقبل ولن نرضى بعد اليوم ان يموت ابناؤنا ونساؤنا وشيوخنا على ابواب المستشفيات. لن نقبل ان نتسوّل بعد اليوم امام المؤسسات والمساجد، لن نقبل ان نكون سلعة تُباع وتُشترى. رسالتنا الى الأونروا انك الشاهد على قضية فلسطين لا نريد منك أرزاً ولا طحيناً، نريد ان نعود الى فلسطين وحق العودة عندنا حق مقدّس".

وطالب المقدح الأونروا بالعودة عن قراراها المجحف بحق شعبنا، وبإعمار نهر البارد لافتاً إلى أن الصوت سيبقى عالياً بوجه الأونروا الى ان نصل الى عصيان مدني حتى تتراجع الأونروا عن قراراتها في الصحة والتعليم والخدمات والاعمار، وختم قائلاً"ما مات حق وراءه مُطالب".

وبعد ذلك تلا الشعلان نص مذكرة الفصائل واللجان الشعبية والمؤسسات الفلسطينية قبل أن تُسلَّم الى ممثّل الأونروا، حيث استعرضت المذكرة في بدايتها الأوضاع السيئة والكارثية التي يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان وهذا نصها:

أولاً، قسم الصحة:

إنَّ خدمات الاستشفاء للاجئين كانت تغطى من قِبَل الاونروا تغطية كاملة، ولكن قبل عقدين من الزمن قسَّمت الأونروا المرضى الى درجة ثانية وثالثة. فمرضى الدرجة الثانية تغطي الأونروا كامل تكاليف الاستشفاء مع مساهمة من المريض في ثمن بعض الأدوية وبعض الأجهزة الطبية، أمّا مرضى الدرجة الثالثة فإن الأونروا بدأت بتغطية ما نسبته 30% من كلفة العمليات الجراحية ثم تدرجت في الزيادة الى أن وصلت 50% في العام الماضي، على الا تزيد قيمة هذه النسبة عن 4000$ امريكي.

لكن فوجئنا هذا العام بأن الأونروا قررت ان تجبر اللاجئين على دفع جزء من قيمة فاتورة الاستشفاء حتى لمرضى الدرجة الثانية، تتراوح النسبة ما بين 5% الى 20% مع زيادة النسبة من 50% الى 60% بسقف لا يتعدى 5000$.

الخطورة في هذا القرار أن مرضى الدرجة الثانية هم أكثرية المرضى الذين يدخلون المستشفيات واذا دخلوا سيتم حجز مرضاهم داخل المستشفى حتى تتوفر بقية التكاليف،وفي بعض الحالات وصلت الفروقات الواجب على المريض دفعها نحو 500$ امريكي

يضاف الى ذلك ان الأونروا اتخذت قراراً بان يتم اولاً تحويل المريض الى مستشفيات الهلال الأحمر الفلسطيني، ويترك لهذه المستشفيات قرار تحويل المريض، واذا علمنا بان مستشفيات الهلال ليست مجهزة بما يكفي لانقاذ حياة المريض، فقد يموت المريض وهو يتنقل بين المستشفيات كما حصل مؤخراً في صور.

لذلك نحن نرفض هذه القرارات الجديدة ونطالب بالتراجع عنها فيما يتعلّق بمرضى الدرجة الثانية واعادة التغطية الشاملة للاستشفاء لكافة أقسام المرضى كما كان عليه الحال سابقاً قبل نحو عقدين من الزمان.

ثانياً، التعليم :

في بداية العام الدراسي اتخذت الأونروا قراراً بحشر 50 طالباً في الصف الواحد حيث يمكن ذلك، بحجة العجز في الميزانية، ومعنى ذلك ان طلاب المدارس القديمة المستأجرة من الأونروا هم محظوظون لأن صفوفهم لا تتسع الا لخمسة وعشرين طالباً بينما المدارس الجديدة التي بنتها الأونروا بمساحة 56 م2 للصف الواحد سيحشر فيه 50 طالباً الأمر الذي سيؤدي الى تدمير العملية التربوية وتخريج طلاب أُمّيين وجهَلة لأنه لا يمكن ايصال المعلومات الى جميع الطلاب، انما يُكتفى بمجموعة قليلة من الطلاب ممن لديهم مميزات خاصة وبقية الطلاب لا يستفيدون من حضورهم الى المدرسة، وينتج عن ذلك ان تجد في مدارس الاونروا طلاباً أميين لا يقرأون ولا يكتبون كما هو مُشاهد الان، وهؤلاء سيملون من وجودهم في الصفوف وسيعطلون الحصة التعليمية بالمشاغبة وغيرها.

ثالثاً، اعمار البيوت وترميمها:

بسبب الفقر المدقع، وقِدَم البيوت التي يسكنها اللاجئون الفلسطينيون، هناك الكثير من البيوت آيلة الى السقوط، وقد سقطت قطع من الاسمنت على رأس بعض الأُسَر وجرحت عدداً من أفراد تلك الأُسَر وكسرت اطرافاً لأفراد آخرين، لذلك نطالب الأونروا المسارعة الى اعادة اعمار هذه البيوت والى ترميم واصلاح ما أمكن ترميمه واصلاحه.

إنَّ القيادة السياسية للقوى الوطنية والاسلامية واللجان الشعبية في لبنان تحمِّل الأونروا مسؤولية عدم التراجع عن قراراتها وعدم اصلاح الخلل القائم، فلن نرضى أن تكون ارواح ابنائنا وبناتنا في خطر ولا ان نموت على ابواب المستشفيات.

رابعاً، نهر البارد:

نطالب بتأمين التمويل اللازم لاكمال الاعمار في مخيم نهر البارد، كما نطالب بالابقاء على برنامج الطوارئ لأهل نهر البارد الذين يعيشون اوضاعاً استثنائية.

خامساً، الشؤون الاجتماعية:

إنَّ ايقاف توزيع الاعاشات هو مقدمة لإلغاء مساعدة الشؤون نهائياً فضلا عن انه سيؤدي الى فصل عمّال الاعاشة من وظيفتهم، لذلك نرفض هذه الاجراءات اضافة الى اجراءات اخرى اتخذتها الأونروا او يمكن ان تتخذها تمس بحقوق شعبنا في العيش بكرامة وأمان الى حين عودته الى وطنه فلسطين.

لذلك نؤكّد أننا ماضون في تحركاتنا ومستمرون في التصعيد حتى يتم تحقيق مطالبنا المحقة والعادلة في كافة المجالات بما يليق بحاجات شعبنا وأهلنا.

سادساً، النازحون من سوريا:

إنَّ تقليصات الأونروا شملت ايضاً مساعدات النازحين الفلسطينيين من سوريا حيث اوقفت الأونروا مساعدة الايواء البالغة مئة دولار لكل عائلة كما خفّضت مساعدات الغذاء من 45,000 ل.ل الى 40,000 لذلك نطالب الأونروا بإعادة مساعدة الايواء وزيادة مساعدة الغذاء.

القوى السياسية الوطنية والاسلامية واللجان الشعبية