كلنا كان يتحدث عن نفسه، وأشرقت كانت تتحدث عن فلسطين" يقول طه القطناني والد الشهيدة أشرقت يوم تشييعها.
شيع الشيخ طه ابنته العنيدة بعد أن انتهى الاطباء من تشريح جثمانها والقى نظرة الوداع عليها في مخيم عسكر الجديد في نابلس، ويقول "اليوم مشاعرنا مختلطة بين الحزن والفرح، والآن تشيع اشرقت نهارا ونشعر بالفخر أننا كسرنا الاحتلال وقلنا "لا" وتمكنا من "لا" ولم يفرض الاحتلال شروطه علينا".
يطلق الشيخ طه تنهيدة "ابنتي سبقتني الى التراب..نحن عندما ننجب أبناءنا نعمل جاهدين على ان يحيوا حياة كريمة، ولكن طالما يوجد احتلال لا توجد حياة كريمة."
في العشرين من كانون الأول سيمضى على ولادة أشرقت سبعة عشر عاما، يقول والدها كانت قريبة منا وحنونة تفعل كل شيء عن طيب خاطر وفي ذات الوقت كانت ناضجة، وتملك موقفا ورؤية، متفوقة في المواد الأدبية في مدرستها وتحديدا اللغة العربية والتاريخ".
كانت أشرقت عنيدة وقوية الشخصية دائمة الحضور وتتميز بحس وطني عال كما يخبرنا والدها، "لا يمكن أن يكون القرار الذي اتخذته أشرقت نابعا من حالة عاطفية او انفعالية فقط، وانما هو قرار تم اتخاذه عن وعي وادراك، وصفحتها على الفيسبوك تعبر عن شخصيتها الوطنية".
عاشت أشرقت ظروف اعتقال والدها المتكرر، وكانت شاهدة على جنود الاحتلال وهم يبرحونه ضربا أثناء اعتقاله، ومنذ بدء الهبة الجماهيرية و"اشرقت فلسطين" كما يحب أن يسميها والدها تتابع الاحداث أولا بأول.
"كانت حواراتنا حول الوضع السياسي محتدة طويلة وكانت تناقشني حتى الرمق الأخير، ونتشاكس فأحملها وأهددها وأقول لها "هسااا بضربك"، يقول والدها خانقا دمعه بضحكة "كانت عنيدة".
يضيف: "أنا كوالد بالاربعين من عمري رؤيتي تختلف عنها؛ كنت أحاول جاهدا أن اثنيها عن هذه الحال واقولها لها ان تجاربنا للاسف مع الانتفاضتين بالنهاية مخيبة للآمال، لكن هذا لم يثنها".
يشير والد اشرقت الى أن وسائل الاعلام لم تنقل حقيقة استشهاد ابنته بقولهم ان اشرقت لم تنفذ عملية طعن وانها مجرد مزاعم، قائلا "السكين الملقاة بجانب ابنتي هي سكين مطبخنا من بيتنا، ابنتي لا حاجة لها ان تكون في منطقة حاجز حوارة ومدرستها بعيدة عن الحاجز أكثر من 10 كيلومترات، ولايمكن أن تكون هناك إلا من أجل أن تقاوم، هذه الرواية الحقيقية فقط".
أوصت أشرقت والدها خمس وصايا: "إن استشهدت فتبرع بأعضائي، وان احتجز الاحتلال جثماني فلا تقبل بشروطه، وان استشهدت لا تبك، وان استشهدت فانا ابنة فلسطين لا الفصائل، وان استشهدت لا تطلقوا الرصاص في جنازتي".
في الحادي والعشرين من تشرين الثاني كانت الليلة الأخيرة لأشرقت هادئة جدا ويخيم عليها سكون على غير العادة، كانت تكتب وترسم وتشاهد التلفاز بصمت وهدوء، وعندما كان يتحدث إليها اخوتها تجيبهم بنوع من البرود.
في تلك الليلة طلب والدها عدة مرات أن تذاكر دروسها وكانت تجيبه "أنا ما عندي مدرسة ودراسة بكرا"، قالت ممازحة شقيقها "أطعنك؟ أطعنك؟ خليني اتدرب عليك"، يقول والدها "هي كانت تستعد ولكن نحن لم نشعر أن هذا سيكون جديا لانها دائمة الحديث عن هذا الموضوع في البيت، الحوار حول السياسة كان دائما، ولم نتوقع انها ستقوم فعلا بذلك.. اشرقت فاجأتنا".
يبكي الشيخ طه ابنته قائلا "أي قلب تحملين يا اشرقت..الفتيات اللواتي في عمرك يفكرن في الملابس والمكياج والتسلية وانت كل تفكيرك في فلسطين والقدس فأي قلب تحملين.. كانت أشرقت تستنهضنا، تجلدنا، تقول لنا قاوموا كونوا رجالا، كانت تعيب علينا في نابلس صمتنا وحالة التراخي التي نعيشها".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها