بعنوان "القصة التي لم ترو عن سرقة الرادار المصري في حرب الاستنزاف"، كشفت صحيفة "معاريف" العبرية النقاب للمرة الأولى عن تفاصيل ما وصفت بأنها "إحدى العمليات الجريئة في تاريخ جيش الاحتلال الإسرائيلي، والتي لعب فيها الحظ دورًا كبيرًا". حتى إن ما يُسمى برئيس الأركان الإسرائيلي وقتها، حاييم بار ليف للقائمين بالعملية فور الانتهاء منها إنها كانت خطوة ممتازة والأكثر خطورة وجرأة في تاريخ المؤسسة العسكرية بـ"إسرائيل".
البطل الرئيسي للعملية - كما تصفه الصحيفة - هو رامي شلو، الذي أصبح فيما بعد مدير عام شركة كوكا كولا، كان وقت العملية واحدًا من الخمسة الذي حللوا الصور الجوية في وحدة الخدمات التقنية بالاستخبارات الإسرائيلية التابعة لسلاح الجو".
وقال شلو: "في خريف عام 1969 فوجئنا بلغز صعب حله؛ كانت "إسرائيل" تقصف محطة الرادار المصرية بمنطقة (راس غارب) مرارًا وتكرارًا، وكنا نسجل إصابات وخسائر، إلا أن المحطة كانت تستمر في بث خدماتها على مدار الوقت، ما يؤدي إلى الإضرار المستمر بعمليات قواتنا، على مدار 3أشهر استمر هذا الأمر الغريب".
وأضاف: "صباح الاثنين 22 ديسمبر، وبعد أن انتهينا من عمل امتد لـ24 ساعة من فحص وتحليل الصور الجوية لقناة السويس وسوريا ولبنان والأردن، كنت متعبًا بشدة، شرعت في فحص الصور الخاصة بالقطاع الهامشي والفرعي من خليج السويس، ووجدت نقطتين صغيرتين حول خيم البدو، واللتين كانتا موجودتين على جبل في منطقة (راس غارب) على مسافة 5 كيلو متر من الرادار الذي قصفته "إسرائيل" من قبل".
واستطرد "لقد استخدمت الحاسة السادسة التي قالت لي إن هذا ما نبحث عنه، لقد كان الرادار مخبأ بشكل نادر واستثنائي، لم يحميه وحدة دفاع مصرية أو مدافع أو مباني سكنية، كل وحدات الاستخبارات قالت إن الحديث يدور عن خيم للبدو، لكن قائدي العسكري، يحيئيل هلئور اقتنع برأيي أن هذا هو محطة الرادار التي نبحث عنها، وأراد أن يتم قصفها لكنني اقترحت أن نستولي على الأخير". وتابع: "على مدار أسبوع كنت أشعر بالرعب ألا يكون هو الهدف الحقيقي، وإنما خيم بدوية".
ونقلت الصحيفة عن استخباراتي سابق بسلاح الجو شارك في العملية، قوله: "جاءني أحد القادة العسكريين ويدعي يحيئيل هلئور، مع صور جوية، وأبلغني اكتشاف محطة الرادار الحقيقية، استدعيت وقتها دود عفري، رئيس هيئة العمليات بالسلاح". ونقلت عن عفري قوله: "بعد فحصنا للصور استدعيت اثنين من الطيارين، هما أليعازر كاهان وكوخاف هس، وناقشنا مسألة الاستيلاء على الرادار".
ومساء الجمعة التالية حلقت 3 مروحيات وعليها 66 مقاتلاً إسرائيلًا، بينهم مظليون ومستجوبو أسرى وطبيب وفنيون ألكترونيون وصحفي واحد، من منطقة أبو روديس لرأس غارب، وبالرغم من كل الاستعدادات لاحظ المصريون اختراق المروحيات الإسرائيلية ورفعوا حالة التأهب، لكنهم لم يكتشفوا أن إسرائيل عرفت مكان الرادار الحقيقي. وقال أحد المشاركين بالعملية: "وصلت قوتنا العسكرية زحفا للهدف، الحارس المصري كان هادئا، أنزل الكلاشينكوف من على كتفيه ودخل في حالة استعداد، رأيت رجالنا يصلون للرادار، الحارس ركض وصرخ". وذكرت الصحيفة أن "عملية السيطرة على الرادار استغرقت 25 دقيقة، وتفكيكه استمر حوالي ساعة، رجالنا ربطوا الرادار بالمروحيات، كان هناك مخاوف من قيام المصريين باستخدام الأسلحة المضادة للطائرات، حلقت المروحيات على ارتفاع منخفض في محور ضيق وهبطت بسلام في الجانب الإسرائيلي من خليج السويس، وفحصت قوة من الفنيين الرادار وقام المظليون بحراسته".
وأوضحت أن "الرادار الذي كان بحوزة المصريين كان أكثر الأنواع تطورًا في العالم، ورئيس الأركان الإسرائيلية وقتها، بار ليف قال بعد العملية إنها "المرة الأولى التي أتيح فيها للجيش الإسرائيلي أن يعرف عن قرب رادارًا سوفيتيًا من طراز (بي - 12)". وتحدث الرئيس الإسرائيلي الأسبق عن العملية في كتاب له وقال إن "الحصول على رادار روسي من هذا الطراز كان أمرًا مهمًا للإسرائيليين وللقوى العظمى الغربية، في مجال الحرب الإلكترونية".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها