استبعد رئيس الوزراء المكلف رامي الحمد الله امس، إدخال تغييرات كبيرة على تشكيلة حكومته عن سابقتها ، مؤكدا أنها مؤقتة لحين تشكيل حكومة وفاق وطني.
واعلنت الولايات المتحدة الاميركية على لسان وزير خارجيتها جون كيري وترحيبها بتكليف الحمد الله بتشكيل الحكومة ، فيما اعتبرته اسرائيل " شخصية معتدلة". كما عبر جون روتر رئيس بعثة الاتحاد الاوروبي في الاراضي الفلسطينية امس عن امله في "مواصلة العمل بشكل وثيق جدا مع الحكومة الفلسطينية الجديدة لبناء المؤسسات التي تحتاجها فلسطين". وهنأ وزير خارجية المملكة المتحدة، رامي حمد الله، لتكليفه بتشكيل الحكومة الخامسة عشرة. وتمنى هيغ، لرئيس الوزراء المكلف في اتصال هاتفي، النجاح والتوفيق في مهمته الجديدة، آملا استمرار التعاون بين بريطانيا ودولة فلسطين. وقال وزير الخارجية الألمانية جيدو فسترفيلي "نعول على مواصلة رامي حمد الله السياسة الناجحة لسلفه سلام فياض على طريق بناء الهياكل الحكومية، والبحث عن حلول بناءة في العلاقة مع إسرائيل".
وقال الحمد الله لـ"صوت فلسطين" إنه باشر بإجراء مشاورات تشكيلة الحكومة بعد تكليفه بذلك من قبل الرئيس محمود عباس، مشيرا إلى أنها ستكون امتدادا للحكومة السابقة التي كان يرأسها سلام فياض، وأن معظم الوزراء فيها سيحتفظون بمناصبهم.
وأضاف الحمدالله "لغاية الآن لم تجر تغييرات كبيرة على الحكومة السابقة وخلال الأيام المقبلة ستكون هناك مداولات ومشاورات حول الحكومة والوزراء الجدد". وألمح إلى احتمال أن تتضمن التغييرات الجديدة وزارتي المالية والداخلية.
وأكد الحمد الله، أنه وافق على تكليفه على اعتبار أن فترة الحكومة الجديدة ستقتصر على مدة ثلاثة أشهر، معربا عن أمله في نجاح المساعي لتشكيل حكومة توافق وطني في الموعد المتفق عليه.
وقال امين سر المجلس الثوري لحركة فتح امين مقبول "ان تكليف رامي الحمد الله بتشكيل حكومة جديدة، جاء بعدما لم تنجح فتح وحماس في التوصل الى اتفاق بتشكيل حكومة توافق وطني في الثاني من حزيران الحالي".
غير ان محللين سياسيين يرون ان عمر هذه الحكومة سيطول "لأنه لا توجد ملامح تشير الى قرب التوصل الى اتفاق بين فتح وحماس خلال ثلاثة شهور".
وقال المحلل السياسي عبد المجيد سويلم لوكالة فرانس برس "من الناحية الشكلية هذه الحكومة الجديدة مرتبطة باتفاق حماس وفتح، لكن بما انه ليس في الافق وليس واردا التوصل الى اتفاق، فاننا سنكون امام حالة معاكسة، وستكون هذه الحكومة طويلة الأمد".
وقال مقبول " نأمل ان تتواصل المحادثات بين فتح وحماس خلال الشهور الثلاثة المقبلة، وان تتوج هذه المحادثات بحكومة توافق وطني حسب ما تم الاتفاق عليه في الدوحة". واضاف "الآن أمام حركتي فتح وحماس جدول من المباحثات يستمر حتى اواخر آب المقبل، من المفترض ان يتم حينها الاتفاق على تشكيل حكومة توافق وطني برئاسة الرئيس محمود عباس للاشراف على الانتخابات العامة وفق اعلان المصالحة في الدوحة".
وقال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية احمد مجدلاني، ان "عدم وضوح الرؤيا حول تحقيق المصالحة بين فتح وحماس، وضع الرئيس ابو مازن امام خيار تكليف شخصية جديدة".
وجاء موقف حماس منددا بتكليف الحمد الله، الذي اعتبرته "غير شرعي". وقال فوزي برهوم المتحدث باسم حماس لوكالة فرانس برس ان الحكومة التي سيشكلها الحمد الله هي "غير شرعية وغير قانونية كونها لن تعرض على المجلس التشريعي" المعطل منذ الانقسام الفلسطيني منتصف 2007. وأضاف "هذا استنساخ لتجارب سابقة وتشكيلات قام بها أبو مازن لن تحل المشكلة ولن تحقق الوحدة كونها لم تكن نتيجة للمصالحة او تطبيقا لاتفاق القاهرة".
ومع ذلك، قال نبيل شعث القيادي البارز في حركة فتح للصحفيين في غزة "ان الحكومة الجديدة لن تشكل اي عقبة في وجه محادثات المصالحة مع حماس"، منوها الى ان حماس "طلبت في (لقاء سابق) في القاهرة بتاجيل العمل لتشكيل حكومة وحدة لمدة ثلاثة اشهر". وقال شعث "ليس من المنطق ابقاء حالة فراغ في الضفة الغربية وابقاء حوالي ثلاثة ملايين ونصف المليون فلسطيني من دون حكومة".
وشدد ان فتح "جادة في التوصل للوحدة الوطنية (...) أنا لا اريد اتهام اي طرف في وضع عقبات امام هذه الجهود لان الوحدة هي هدفنا".
ورحب كيري بقرار الرئيس عباس تكليف الحمد الله بتشكيل حكومة جديدة، معربا عن امله في التعاون معه لتحقيق السلام في الشرق الاوسط. وقال كيري في بيان "نهنئ الدكتور رامي الحمدالله، رئيس الوزراء المقبل للسلطة الفلسطينية"، مؤكدا ان "تعيينه يأتي في لحظة مليئة بالتحديات وهي ايضا لحظة سانحة مهمة".
واضاف البيان "معا، يمكننا اختيار طريق المفاوضات للتوصل الى حل الدولتين الذي من شأنه أن يسمح للفلسطينيين بتحقيق تطلعاتهم المشروعة، ومواصلة بناء مؤسسات دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة تعيش بسلام وأمن وازدهار اقتصادي جنبا إلى جنب مع إسرائيل".
واشاد كيري في بيانه بـ"المساهمات الاستثنائية لرئيس الوزراء المنتهية ولايته الدكتور سلام فياض، الذي عمل بلا كلل لبناء مؤسسات فلسطينية فاعلة".
من جانبه، هنأ وزير خارجية بريطانيا امس، رامي الحمد الله. وتمنى هيغ، لرئيس الوزراء المكلف في اتصال هاتفي، النجاح والتوفيق في مهمته الجديدة، آملا استمرار التعاون بين بريطانيا ودولة فلسطين. وأعرب عن أمله أن تشهد رئاسة حمد الله للحكومة الفلسطينية انفراجا في العملية السلمية على طريق قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، معربا عن أمله في التعاون المشترك معه من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط.
وفي حديث له عقب المكالمة الهاتفية التي أجراها مع حمد لله، قال وزير الخارجية: "لقد تحدثت مع الدكتور رامي حمد الله اليوم (الاثنين) لتهنئته بتوليه منصب رئيس الوزراء لدى السلطة الفلسطينية، حيث يأتي تعيينه في وقت حرج بالنسبة للبحث عن السلام في الشرق الأوسط، وإن هناك حاجة ملحة للعودة إلى المفاوضات على أساس حل الدولتين، وترغب المملكة المتحدة برؤية دولة فلسطينية مستقلة ومستقرة على حدود 1967، تعيش بأمن وسلام مع إسرائيل، والقدس عاصمة مشتركة للدولتين، وبإيجاد حل عادل ومنصف وتسوية متفق عليها لقضية اللاجئين".
وأضاف "لقد أكدت لرئيس الوزراء حمد الله الدعم البريطاني القوي لجهود استئناف عملية السلام، والتزامنا بحل الدولتين، وقد رحبت بإصراره على بناء وصيانة المؤسسات والمقومات الاقتصادية للدولة الفلسطينية المستقبلية، تحت قيادة الرئيس محمود عباس".
وتابع "أحيي المساهمة العظيمة التي قدمها رئيس الوزراء السابق سلام فياض لعملية بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية، وأتطلع للعمل بشكل وثيق مع رئيس الوزراء حمد الله الذي سيكمل هذه الجهود".
بدوره، شكر الحمد الله، هيغ على اتصاله وتقديم التهنئة له بمنصبه الجديد الذي كلفه به الرئيس محمود عباس، مؤكدا سعيه الدؤوب للعمل من أجل الحفاظ على مصالح شعبنا الفلسطيني حتى نيل حقوقه كاملة. ودعا بريطانيا إلى لعب دور مركزي من أجل إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني والخلاص من الاحتلال وتمكينه من ممارسة حقوقه الشرعية بالاستقلال والحرية.
وقال وزير الخارجية الألمانية جيدو فسترفيلي "نعول على مواصلة رامي حمد الله السياسة الناجحة لسلفه سلام فياض على طريق بناء الهياكل الحكومية، والبحث عن حلول بناءة في العلاقة مع إسرائيل". وأضاف فسترفيلي أثناء توقفه في نيويورك، بحسب بيان صحفي للمركز الألماني للإعلام: 'سعداء بالتعاون مع السلطة الفلسطينية على أساس دعائم الجودة والثقة".
وأشار إلى أن تشــكيل رامي الحمد الله للحكومة يأتي في لحظة غاية في الأهمية لعملية السلام في الشرق الأوسط. وأكد فسترفيلي أن ألمانيا تساند بكل ما أوتيت من قوة مبادرة الرئيس أوباما ووزير الخارجية كيري لمنح عملية السلام في الشرق الأوسط حراكا جديدا.
وتعتبر اسرائيل رامي الحمد الله شخصا "معتدلا" و"براغماتيا"، على ما افادت وسائل الاعلام الرسمية امس. وذكرت اذاعة الجيش ان "المسؤولين الاسرائيليين يعتبرون ان رامي الحمد الله هو معتدل وبراغماتي سيتبع الخط السياسي ذاته مثل سلفه سلام فياض".
وتابعت ان "رامي الحمدالله مقرب من محمود عباس ومن غير المفترض ان يطغى على حضوره. انه أقرب الى اداري وليس سياسيا له مقام قيادي، في حين ان سلام فياض بعد ست سنوات في منصبه بات يبدو اكثر واكثر بمثابة خصم لمحمود عباس".
ورفض عدد من المتحدثين باسم الحكومة الادلاء بتصريحات ردا على اسئلة فرانس برس، موضحين انه شأن داخلي فلسطيني.
ونقلت صحيفة "هآرتس" عن مسؤولين اسرائيليين وصفهم لرئيس الوزراء الجديد بانه "براغماتي لديه اتصالات مهنية كثيرة مع الاسرائيليين". واشارت الصحيفة الى ان الحمدالله خلافا لفياض لديه علاقات جيدة مع مختلف التيارات داخل حركة فتح.
وتوقع المسؤولون الذين تحدثت اليهم الصحيفة ان يمتنع عن الادلاء بتصريحات تتعلق بعملية السلام تاركا هذا الدور للرئيس عباس.
ويحظى الحمد الله باحترام شعبي ورسمي كبيرين، وكان على علاقة وثيقة بالرئيس الراحل ياسر عرفات، والرئيس الحالي محمود عباس. ويرى فيه كثيرون انه قاد باقتدار جامعة النجاح التي يدرس فيها حاليا اكثر من عشرين الف طالب وطالبة، رغم ما مر به من ظروف شخصية قاهرة عندما فقد ثلاثة من ابنائه الاربعة، هم ولد وبنتان، قتلوا في حادث سير مع شاحنة اسرائيلية عام 2000. واصيبت زوجته التي كانت تقود السيارة آنذاك بجروح بالغة، ظلت على اثرها تخضع لفترة طويلة للعلاج في المستشفى.
ويتبوأ الحمد الله الى جانب رئاسته لجامعة النجاح عددا من المناصب الاخرى، فهو الامين العام للجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية منذ عام 2000. وكان قد تراس مجلس ادارة بورصة فلسطين لعدة سنوات. وهو عضو في العديد من المؤسسات الاكاديمية العربية والدولية.
وكتبت صحيفة هآرتس "على الحمد الله أن يقنع الولايات المتحدة والدول المانحة بالرغم من انه غير معروف نسبيا في العواصم الاوروبية وواشنطن، بأنه سيكون شريكا صادقا، وسيحارب الفساد بقدر ما كان عليه سلفه سلام فياض". واضافت "اذا لم يشعر الغرب بان هناك مسؤولا يتحلى بالنضج لحماية الخزينة الفلسطينية، سرعان ما ستنضب المساعدات الدولية التي تعتمد عليها السلطة