حوار/ يوسف عودة
لم تعرفه الأضواء ولا إشارات المرور، عاش مرارة النكبة وعذاباتها، كل نبضة في قلبه على توقيت فلسطين بقي في المخيم قيثارة الأغاني الحزينة، جرد سيف شعره الشعبي متراساً للثوابت الوطنية ومدافعاً عن أحلام شعبه وطموحاته بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس وحق العودة.
تزخر المخيمات الفلسطينية بالمواهب الإبداعية، تطير من أزقتها رفوف العصافير الملونة، أدباء وشعراء، فنانون ورسامون، كأنهم طيف قوس قزح يلونون بها زفرات السم اليومي والحنين إلى الوطن يكتبون من حبر معاناتهم ويغرفون من دواة الصبر والانتظار.
الشاعر الشعبي محمد قادرية يكتب الزجل الفلسطيني شوقاً وحرماناً لوطنه فلسطين، يتبادل معه رسائل الشوق يسطرها مواجع وحكايات للأهل لبيته المسروق في شفا عمرو. في مخيم المية و المية ولد الشاعر محمد قادرية، وترعرع في كنف العوز والحرمان مثل شعبه المشرد في خيام البؤس والظلم وعالم لا يرى إلا بعين واحدة.
حين تستمع إليه خلف منبر القصيدة يغمرك شعور بأن الذاكرة لن يطويها النسيان والحلم يكبر في رحم القضية ومن خيمة اختارت الصمود والتحدي ومن شعره الشعبي وطن يطل من نوافذ الجرح، يكتب عن تراث شعب مكافح، وقصائده صهيل الخيل على عتبة الفجر القادم بالنصر. شاعر شعبي يبحر من ميناء العودة مثل عشاق الوطن جدول ماء يصب في بحيرة الذاكرة .
يضيء دروب الجليل وسنابل خضراء حروفه في مروج الوطن، حمل جواز مروره مستنداً إلى حضوره المنبري في كل المخيمات الفلسطينية، يحيي المناسبات الوطنية في مسيرة العودة، نشتم في شعره الشعبي رائحة الطيون والتراب، وعلى قيثارة القوافي شجن وعشق لفلسطين، يحمل سطور الكلمات إلى كروم الزيتون والناس الطيبين يغرد على صهوة جواده في الزمن المر.
يقول الشعر حالة وجدانية صادقة مثل الشجرة الطيبة التي تحمل ثمراً طيباً، وفلسطين هي القصيدة الأجمل منها نستوحي شعرنا الشعبي، ونحيك نسيج كلماتنا لوحة إبداع لمسيرة شعب مناضل. وعن اختياره كتابة الشعر الشعبي، الشعر الشعبي أكثر التصاقاً وتعبيراً عن الحكاية، ببساطة وعفوية الناس ويومياتهم، علاقة الإنسان بالأرض، تنتهي عشقاً في الثرى كأنه يعلن عن ميلاد جديد، من هنا تكون القصيدة الشعبية استمراراً للحياة ونمط عيش، وهي المفكرة الشعبية التي امتلأت صفحاتها بالتضحية والفداء والبطولة، والشعراء الشعبيون هم الذين وثقوا يوميات الحركة الوطنية الفلسطينية وعلى سبيل المثال الشاعر الشهير "نوح إبراهيم" الذي انخرط مقاتلاً مع الثوار عام 1936، حمل السلاح وقاوم بشعره الشعبي الذي كان النشيد لعموم الشعب، وفضح الانتداب البريطاني وقاوم الهجرة الصهيونية إلى فلسطين، وقد استشهد الشاعر "نوح إبراهيم" في قرية طمرة بالجليل أثناء ذهابه لحضور اجتماع قيادة الثورة.
بلادي يا نخلة على العالم بتطرح وبسوق العراقة بتجمع وتطرح... بلد مبروك عطاه الرب قيمي بصحايف القرآن قاعد مرحرح... حاشا تجوع بربوعو اليتيمي وحاشا ببيوتو الشح يمرح... بتفرح الأهالي ال بأرضك مقيمي والمغيب عن ترابك كيف يفرح... كلمة بقولها بأشعاري الحكيمي ال ما إلو مطرح بحضن الوطن... بمساحة الدنا ما إلو مطرح
وعن تجربته الشعرية يقول، منذ زمن طويل وأنا اكتب الشعر الزجلي مستلهماً ذلك من الشاعر الأكبر وهو الشعب الذي يختزن الإرادة والعزيمة، وهو مصدري الأساسي للكتابة وواجبي أن أوثق ذلك الإبداع من خلال قصائدي الشعبية، المخيم بكل تفاصيله يستفزك للكتابة، أليس هو الحكاية، لوحة جدارية ألوانها المعاناة والظلم والصبر والصمود، ملحمة خالدة لابد وأن تكون نهايتها راية النصر.
لقد شاركت في معظم المناسبات الوطنية على منابر المخيمات الفلسطينية في لبنان، كما شاركت في إحياء اليوم الوطني للشعب الفلسطيني في مملكة البحرين.
وعن الحالة الثقافية الفلسطينية في لبنان أجاب، في الحقيقة نفتقر إلى المؤسسة الثقافية التي ترعى وتحضن المبدع الفلسطيني وعلى كل المستويات، هناك تشتت ثقافي ونحن بأمس الحاجة إلى إطار ثقافي يوحد كل المثقفين والشعراء لكي نحافظ على نتاجهم، مثمناً تسجيل اليوميات الفلسطينية شعراً، ومهمة المؤسسة حماية الذاكرة وإبراز دور المخيم الفلسطيني كواحة حضارية إنسانية ومن ناحية ثانية لا توجد أي جهة فلسطينية تساعدني لإصدار كتاباتي الشعرية، لقد طرقت أبواباً كثيرة دون جدوى، لكن ذلك لن يحبط عزيمتي ولن ينال من إرادتي أن أبقى بعيداً أو مغرداً خارج السرب، فلسطين هي القضية والأساس.
بعصر المال والزعامة الغنية شو تركت يا ابو عمار ببنوك الأجنبية... سألنا سويسرا عنو واليابان قالوا الحاسب ما وجدلو هدية... قلنا يمكن شي قصر باليونان او يخت بجزيرة اسبانية... يما فندق عاشواطئ كان او مزرعة بالأراضي المغربية
ياسر اخوك ماغير العنوان بعصر الذهب والثروة البترولية... فحين عام بإيدو الصولجان زعيم بسرة عالمية... ولما رحل ووكل من عليها فان وجدنا الطهر والعفاف بتركتو حطة ومسدس وبدلة عسكرية
الشاعر الزجلي محمد قادرية يكتب أزجاله ويرسلها مع الحمام الزاجل لوطن يسكن فيه، وخيمة شدت حبالها بوجه الريح وشراع يبحر إلى فلسطين.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها