بيان صادر عن قيادة حركة "فتح" إقليم لبنان

(مجزرة صبرا وشاتيلا هي عنوان الاستهداف الجسدي والسياسي للإنسان الفلسطيني)

يعيش شعبنا الفلسطيني اليوم تفاصيل وذكريات مأساة صبرا وشاتيلا، تلك المجزرة الرهيبة، مجزرة العصر الحديث التي مرّ عليها ثلاثة وثلاثون عاماً. بدأت في 16\9\1982 واستمرت لغاية 18\9\1982، أي ما يزيد على ستين ساعة استهلكتها العصابات الاجرامية من الصهاينة وعملائهم الحاقدين على الشعب الفلسطيني من أجل استكمال خطتهم بقتل، وذبح، ودفن الأحياء من الأطفال والنساء والرجال والشيوخ، فقد استهدفوا كل من هو حيٌّ، عائلات بكاملها ذُبِحَت وقُطِّعت أوصالها، عائلات فلسطينية، ولبنانية جنوبية، وبعد أن استكمل مجرمو العصر جريمتهم لجأوا إلى استخدام الجرافات لهدم المنازل، أو نسفها على رؤوس أصحابها من الضحايا الذين بلغ عددهم ما يقارب ثلاثة آلاف وخمسماية شهيد، إضافة إلى مئات الجرحى.

لقد تمت هذه المجزرة بقيادة شارون وزير جيش الاحتلال، ورفائيل ايتان رئيس أركانه، وهما المسؤولان عن التخطيط، والاشراف، والمشاركة الفعلية الصهيونية في التنفيذ.

بعد انتهاء المجزرة استقبل شارون القتلَة وهنّأهم قائلا لهم: "إني أهنّئكم فقد قمتم بعمل جيد وناجح". وعندما قام الناجون برفع قضايا ضد شارون في المحاكم البلجيكية وطلبوا شهادة إيلي حبيقة، تم إغتيال إيلي حبيقة في بيروت الشرقية في 24\1\2002، وأغلب الظن أن الموساد الاسرائيلي هو الذي قام بتصفيته.

لقد ارتكب شارون مجزرة صبرا وشاتيلا مستقوياً على الأبرياء والمدنيين، علماً أنه ومعه ثلث الجيش الاسرائيلي فشلوا في الدخول إلى بيروت العاصمة العربية التي صمدت بوجه العدوان الاسرائيلي البري والجوي والبحري على مدى ثلاثة أشهر متواصلة حيث كان الشهيد ياسر عرفات يقود القوات المشتركة الفلسطينية اللبنانية، وسجّل الانتصار بفضل صمود هذين الشعبين، وعندما وافق على وقف القتال ومغادرة بيروت تلبية لرغبة الأطراف اللبنانية، غادر هو من معه من المقاتلين يحملون أسلحتهم وأعلامهم الفلسطينية، وقد أخذ ابو عمار تعهُّداً من القوات الاوروبية التي انتشرت في بيروت آنذاك وحول المخيمات بحماية أهالي المخيمات من العصابات الإجرامية، إلاّ أن هذه الجيوش لم تقم بواجبها، ونكثت بالوعد.

رغم مرور ثلاثة وثلاثين عاماً على المجزرة إلاّ أن الجرح مازال نازفاً، ومازال الحدث مؤلماً، ومازال مخيم شاتيلا وصبرا بإنسانه، وبيوته، وتاريخه شاهداً حياً على الجريمة.

إنَّ الردّ على مجزرة صبرا وشاتيلا لا يكون بالبكاء والدموع، وانما أن نأخذ العبرة، ونستلهم من قراءة التاريخ واستيعابه ما يعطينا القوة والمنعة، ولا بد أن نُخرِج شعبنا الفلسطيني اليوم من دائرة الضعف والتفكك، والاستهداف وهذا يتجسّد في القضايا التالية:

أولاً: إنها حالة الانقسام القائمة والانصياع للإرادة الجماهيرية التي تطالب بالوحدة الوطنية، والمصالحة الحقيقية، والتطبيق العملي للاتفاقات التي يتم التوقيع عليها من قبل الجميع في القاهرة العام 2011، وأيضاً في الدوحة بحضور الرئيس أبو مازن، والسيد خالد مشعل، وأمير قطر.

ثانياً: يجب الاصرار على وحدة الوطن جغرافياً، وسياسياً، واجتماعياً، ورفض أية طروحات انفصالية. وأي محاولة تكرّس وجود سُلطتَين أو حكومتَين، ومحاربة أي محاولة تفاوضية مع الاحتلال بعيداً عن الاجماع الفلسطيني.

ثالثاً: التحضير العملي والموضوعي لإنجاح دورة المجلس الوطني القادمة، وضرورة مشاركة جميع الاطراف الفلسطينية بما في ذلك حركة حماس وحركة الجهاد الاسلامي، وإعطاء الأولوية لإنقاذ القضية الفلسطينية، وتوحيد القوى الفلسطينية، والاتفاق على القضايا الاستراتيجية السياسية، والعسكرية، والأمنية.

رابعاً: تكريس الطاقات والقدرات الفلسطينية في مختلف المجالات من أجل تعزيز وجودنا في القدس عاصمة دولة فلسطين، والأهم أن نكثّف جهودنا البشرية في مواجهة المستوطنين والاحتلال الذين يعتدون يومياً على المسجد الأقصى، وعلى من فيه من المرابطين والمرابطات، والحراس، والمصلين، والطلاب، وأن يترافق ذلك مع جهود سياسية واعلامية جبّارة بحجم هذا العدوان الخطير الهادف إلى تقسيم المسجد الأقىصى زمانياً ومكانياً بقرار من أعلى هيئات إسرائيلية.

خامساً: إنّ هذه الذكرى الأليمة تضعنا أمام مسؤوليات وطنية كبيرة تجاه مخيماتنا الفلسطينية في لبنان، وأن نكون جميعاً يداً واحدة، وصفاً واحداً، وموقفاً سياسياً، وأخلاقياً، ووطنياً واحداً لحماية مخيماتنا من المشاريع المشبوهة والتفجيرية الغريبة عن شعبنا وأمننا، ومستقبل قضيتنا، ولعلّ ما شهده مخيم عين الحلوة يتطلّب المواقف الجدية بالتعاطي مع الظواهر والحالات الخارجة عن الاجماع، وهذه مسؤولية القيادة السياسية للفصائل، من أجل أن يكون هناك وضوح، واستقرار، وأمن اجتماعي يساعدنا على القيام بواجباتنا كقوى وطنية واسلامية في استنهاض أوضاعنا، وتعزيز الثقة بيننا وبين جماهيرنا، وطمأنة أهلنا كي يلتفوا حول القضايا الجوهرية الأساسية وخاصة: الحفاظ على قضية اللاجين، والتصدي لقرارات وكالة الأونروا التي تمس الخدمات للاجئين الفلسطينيين اللبنانيين والسوريين.

ثم القيام بالدور المعهود من شعبنا في لبنان في دعم أهلنا على أرض الوطن في تصديهم لمخططات الاحتلال، واعتداءاتهم المتواصلة.

في هذه الذكرى الأليمة نتوجه بالتحية والتقدير إلى قوافل الشهداء وفي مقدمتهم الشهيد الرمز ياسر عرفات، وشهداء صبرا وشاتيلا، وتل الزعتر وجنين، وكل شهداء المجازر في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولن ننسى أسرة الدوابشة التي أُحرِقت ليلاً، ومحمد حسين أبو خضير وكل شهدائنا الأبطال في كافة الساحات.

كما نتوجه بالتحية إلى أسرانا الأبطال الرموز الوطنية وفي مقدمتهم الأخ مروان البرغوثي، والأخ احمد سعدات، والأخ فؤاد الشوبكي، ولينا الجربوعي، وأصحاب أحكام المؤبدات، والمضربين عن الطعام، والمرضى وكافة الأسرى والأسيرات في معتقلات وزنازين الاحتلال.

كل التحية إلى أهلنا في القدس، وفي أراضي العام 1948 الذين يقفون اليوم في الخندق الأمامي دفاعاً عن المقدسات والأقصى.

 

المجد والخلود للشهداء الأبرار

والنصر لشعبنا المجاهد

وإنها لثورة حتى النصر

حركة فتح – إقليم لبنان

                                                                          17\9\2015