في مثل هذا اليوم تحل ذكرى النكبة الفلسطينية الكبرى، ويقف الفلسطيني أينما كان على أطلال الذاكرة الفلسطينية ليتذكر بمرارة وحسرة وانتصار على الانكسار بذكرى ضياع الوطن الفلسطيني ودماره بفعل الحملة الاستئصالية الاستيطانية الصهيونية. ففي مثل هذا اليوم قبل حوالي 65 عاماً مضت، قامت الدولة الصهيونية على أنقاض الوطن الفلسطيني،عبر احتلال وتدمير المدن والقرى الفلسطينية، وتشريد سكانها، وذبح بعضهم .

 في ليلة وضحاها وجد الفلسطينيون أنفسهم بلا أرض وبلا بيت وبلا سقف يأوون تحته، فكانت الكارثة الوطنية الكبرى والمأساة الفلسطينية العظمى حيث أصبح المواطن الفلسطيني صاحب الأرض والبيت لاجئاً بينما اليهودي اللاجئ صار مواطناً وحاكماً.

 إنها المأساة التي حصلت بفعل القذارة العالمية التي أنجبتها الحقارة السياسية الدولية، إذ لا يوجد خيانة دولية مدروسة ومعدة سلفاً لشعب بريء ومسالم أكبر من تلك التي حدثت مع الشعب الفلسطيني الأعزل فكلفته وطنه وحاضره ومستقبله وحياته، ولا يمكن للعقل البشري أن يحتمل تلك المصيبة التي حلت على شعب بأكمله وأضاعت مستقبل ملايين البشر وقضت على الوطن الفلسطيني الذي كان ولا زال جزءاً من المنطقة العربية المشتعلة، وكل ذلك بفعل وجود إسرائيل الصهيونية، فوجود تلك المصيبة جعل كل شيء في الشرق الأوسط معاكساً لما كان عليه قبل نشوء تلك المصيبة. وجعل الذين كانوا ينعمون بالأمن والسلام في وطنهم وبيوتهم، بلا أمان وبلا طمأنينة، وقبل كل شيء بلا وطن وبلا حرية وبلا هوية، وفي العراء وفي الخيام والشوادر والشتات والتشرد والمنافي الداخلية والخارجية إنها نكبة شعب بأكمله.

إنَّ المأساة الفلسطينية الناتجة عن المذبحة الصهيونية في فلسطين وعن المحرقة الرهيبة التي نفذتها عصابات بنغريون وبيغين وشامير وغيرهم من رموز الأجرام الصهيوني، ستبقى حية في ذاكرة أبناء الشعب الفلسطيني الذين يؤكدون اليوم وكل يوم على حقهم بالعودة إلى فلسطين وبالتعويض عن الخسائر المادية والمعنوية والنفسية، لأن هذا الشعب لن يتنازل ولن يفرط عن حق العودة ولا زالوا يحتفظون بمفاتيح بيوتهم ودورهم، لأن هذا الحق فردي وقانوني ومقدس وشرعي ولا يجوز ولا يحق لأي شخص أو جهة أو مؤسسة أو منظمة أو سلطة أو دولة أو هيئة التخلي عنه أو التلاعب به.

 في يوم النكبة الفلسطينية تحية حب ووفاء وكبرياء وانحناء واحترام ومحبة وفخر واعتزاز بشعب فلسطين الذي علَّم الشعوب المكافحة والنضال، والذي جعل للحجر لسان، فشعب فلسطين يملك أقوى القنابل وأعزها وأكثرها حيوية وفعالية،أنها القنبلة البشرية، قنبلة الإنسان الذي يواجه الأباتشي والفانتوم والميركافاه بالجسد العاري إلا من الإيمان بالشهادة لأجل حياة عزيزة للآخرين في وطن حر وسعيد وسيد ومستقل وخالٍ من الفاشية والفاشيين والصهيونية والمستوطنين.

في يوم فلسطين المنكوبة باحتلالها من قبل أعداء الأرض والإنسان، التحية كل التحية لشعب الانتفاضة الأبية، وللأيدي التي تقذف الحجارة وتبني بالتضحيات أسس الدولة الفلسطينية المستقلة والقادمة لا محالة. التحيات كل التحيات للاجئين الفلسطينيين في الداخل وفي الشتات، حيث يحافظ هؤلاء على تواصلهم مع أرضهم المغتصبة ويصونون حقهم بالعودة ويحمونه من خيانة البعض وغدر الآخرين وتآمر المتآمرين.