بقلم جويتي لالشانداني، نائب رئيس المجموعة والمدير العام الإقليمي لشركة IDC بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا

 

شكل دور الأعمال في المشاريع التقنية موضوعا لحوارات مطولة بين الرؤساء التنفيذيين لتقنية المعلومات، وتمحور جانب كبير من الاهتمام على الطريقة التي يمكن من خلالها لإدارات تقنية المعلومات التعاون مع الأعمال. والمؤكد أن هناك سببا مقنعا لهذه التساؤلات.

وفي دراسة مسحية أجرتها IDC على الرؤساء التنفيذيين لتقنية المعلومات في مختلف أنحاء العالم، كشفت النتائج أن 45 بالمئة تقريبا من حجم الإنفاق على التقنية في المنشآت يتم عبر ميزانية غير تلك الخاصة بإدارات تقنية المعلومات.

ويمثل ذلك مزيج من مشاريع التقنية الممولة من الأعمال والتي يتعاون فيها قسم الأعمال المعني على نحو وثيق مع إدارة تقنية المعلومات (28.5 بالمئة) والمشاريع التي تكون إدارة تقنية المعلومات على علم بها إلا أنها لا تلعب دورا فيها (16.8 بالمئة). وهناك نوع ثالث يصعب حساب مقاييسه ولكنه قد يحدث تغييرا أكبر في عمل الرؤساء التنفيذيين لتقنية المعلومات، وهو تقنية معلومات “الظل” (Shadow IT).

تعتبر قضية تقنية معلومات “الظل” من القضايا المتنامية في صناعة التقنية، وذلك على الرغم من أن هذا المصطلح كثيرا ما يساء استخدامه نتيجة للخلط القائم بشأن معناه الحقيقي. تقنية معلومات “الظل” تعني ببساطة الإنفاق على تقنية غير معروفة لإدارة تقنية المعلومات، وهذا يختلف عن الإنفاق المصرح به الموضح أعلاه، وذلك لأن هذه المشاريع لا يتم تمويلها من ميزانية تقنية المعلومات، كما أن إدارة تقنية المعلومات ليس لديها علم بوجودها، ناهيك عن مشاركتها في تطبيقها أو دعمها.

وهناك اعتقاد شائع بأن الإنفاق المصرح به في تقنية المعلومات يحقق نموا، حيث تتحول الشركات إلى مركز أكبر لشراء التقنية. وهناك تشكك إلى حد ما بأن الإنفاق على تقنية معلومات “الظل” من قبل الشركات يحقق نموا كذلك. وعلى أي حال، ما هي الدوافع الرئيسية لهذا النمو في الإنفاق على تقنية معلومات “الظل”؟ وما هي المشاكل الرئيسية التي تؤدي إليها؟

لقد توصلت إلى نظريتين تفسران النمو في تقنية معلومات “الظل”، وذلك من خلال حواراتي مع الرؤساء التنفيذيين لتقنية المعلومات في منطقة الشرق الأوسط وفي أماكن أخرى بالعالم. النظرية الأولى هي أن موردي تقنية المعلومات يتجاوزون إدارات تقنية المعلومات بشكل متزايد ويتوجهون مباشرة إلى المستخدمين ليقدموا لهم منتجاتهم وخدماتهم، أما النظرية الثانية فهي أن أصحاب الأعمال يطلبون تنفيذ مشاريع تقنية المعلومات بوتيرة أسرع مقارنة بما يمكن أن تقدمه لهم إدارات تقنية المعلومات الداخلية بالشركة.

وتثير تقنية معلومات “الظل” مشكلة أكبر للمنشأة وهي زيادة تعريض المعلومات الخاصة بالشركة للمخاطر، وذلك لأن مجموعات البيانات تكون خارج أنظمة أمن المعلومات الخاصة بالشركة. وإلى جانب ذلك، تؤدي تقنية معلومات “الظل” إلى حدوث تجمعات للمعلومات، حيث أن قطاعات العمل بالشركة تحصل على التقنيات الخاصة بها ولا تدمجها مع أنظمة الشركة، مما يؤدي إلى أن تصبح المعلومات متواجدة في جزر منعزلة.

ومن الصعب كذلك توضيح قيمة التقنية بشكل دقيق إذا لم يمكن دمجها مع الأنظمة الأخرى. فعلى سبيل المثال، قد تظل برامج التواصل الاجتماعي منعزلة داخل إدارة التسويق، حيث أن هدفها هو جميع معلومات اجتماعية من العملاء من أجل تحسين حملات التسويق. وهذه البرامج الاجتماعية والرؤى التي تنتجها قد تكون أكثر قيمة للمنشأة في مجملها إذا تم ربطها بخدمة العملاء وتطوير المنتجات وعمليات المبيعات.

ومن القضايا الأخرى الرئيسية أن معظم المتخصصين بتقنية المعلومات يرون أن تواجد تقنية معلومات “الظل” يحدث تكرارا لا ضرورة له، ويؤدي إلى زيادة التكلفة ويقلل من قدرة المنشأة على التفاوض بفاعلية مع موردي تقنية المعلومات. ولهذه الأسباب فإنني لا أتوقع أن يستمر الإنفاق على تقنية معلومات “الظل” في الارتفاع إلى ما لا نهاية، ولكن عواقب الإنفاق المحدود على تقنية معلومات “الظل” ستكون وخيمة على الرؤساء التنفيذيين لتقنية المعلومات.

وستدرك المنشآت في مرحلة معينة ما توفره لهم الاستثمارات التقنية المشتركة التي لم يتم استغلالها بشكل جيد، وستدرك التكاليف الإضافية التي تحملتها. ولسوء الحظ أن إدارات تقنية المعلومات ستكون هي المسؤولة عن إصلاح الوضع، ومن هذا المنطلق فإنني أدعو كافة المتخصصين في تقنية المعلومات للمبادرة بجعل الاستثمارات في منشآتهم مشتركة لكافة قطاعات المنشأة.

وأوصي من أجل تحقيق هذا الهدف بتطبيق مسارين لخفض مستوى تقنية معلومات “الظل”. المسار الأول هو محاولة التعامل مع الأسباب الجذرية التي تؤدي إلى ظهور تقنية معلومات “الظل” في المقام الأول، وهذا يتطلب أن يعمل مسؤولو تقنية المعلومات على تغيير الثقافة السائدة بين الإدارات وجعلهم شركاء فاعلين في المنشأة بأكملها. وإلى جانب ذلك، هناك ضرورة لتحديد مشاريع تقنية معلومات “الظل” القائمة بالفعل، ولكن لا يجب أن يتم ذلك بنية إغلاقها، حيث أن ذلك سيثير حالة من الاستياء، وبدلا عن ذلك يجب التركيز على الشراكة مع الإدارات ذات الصلة بهذه المشاريع من أجل دمجها. وأشجع مسؤولي تقنية المعلومات على تغيير طريقة تطويرهم للمشاريع مع قطاعات الأعمال بما يمكن من تقليل الوقت المطلوب لإحداث التغيير، مع التركيز بشكل خاص على إطلاق مشاريع أصغر وأكثر حيوية.

أما المسار الثاني فيرتبط بالسياسة التي يتم تطبيقها في المؤسسة بكاملها. وعلى سبيل المثال، يتعاون العديد من رؤساء تقنية المعلومات في الوقت الراهن على نحو وثيق مع إدارات المالية لتتبع مشاريع تقنية معلومات “الظل” وإعادتها بشكل رسمي إلى المسار الصحيح. وهناك أسلوب آخر يتم تطبيق بشكل متزايد في المعركة ضد تقنية معلومات “الظل” وهو أن تقوم المنشآت بإصدار تعليمات من الإدارة العليا لعدم شراء خدمات سحابية (أو مشتريات من أي تقنية أخرى) دون مشاركة مباشرة من إدارة تقنية المعلومات.

وحيث أن مختلف قطاعات الأعمال تقوم بتمويل مشاريعها التقنية بما يصل إلى نصف تمويل كافة المشاريع التقنية في المنشأة، من الضروري أن يتوصل الرؤساء التنفيذيون لتقنية المعلومات إلى طريقة تمكن إداراتهم من المشاركة بشكل أكبر في هذه المشاريع وأن ينظر الآخرون إلى إدارات تقنية المعلومات كشريك عمل ذو قيمة عالية. وفي ظل تطلع الأعمال بشكل متزايد لتقليل الوقت المطلوب لإحداث تغيير، يجب على الرؤساء التنفيذيين لتقنية المعلومات أن يعملوا من أجل تغيير ثقافة تقنية المعلومات في مجملها وبناء علاقات بين الأعمال وزيادة سرعة مشاريعهم. وحتى تحقيق ذلك الهدف، فإن عليهم التيقظ لما يدور في الظلال.