أبلغت الإدارة الأميركية الوفد الفلسطيني، خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، رفضها طرح المبادرة الفلسطينية لإنهاء الاحتلال أمام مجلس الأمن، و"اضطرارها" لاستخدام "الفيتو" في حال الإقدام على ذلك.

واعتبرت الولايات المتحدة، وفق مسؤولين فلسطينيين، أن "تلك الخطوة الفلسطينية، إذا تم اتخاذها، ستكون منفردة وأحادية الجانب وبديلة عن المفاوضات، ولن تساعد واشنطن في إنفاذها".

بدوره؛ وضع الجانب الفلسطيني اجتماع وزراء الخارجية العرب، أمس بالقاهرة، في صورة نتائج اللقاء الأخير الذي جرى في واشنطن بين الوفد الفلسطيني، برئاسة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات ووزير الخارجية الأميركي جون كيري.

وقدم الرئيس محمود عباس إلى الوزراء العرب الخطة المتكاملة التي طرحها، بموافقة القيادة الفلسطينية، لإنهاء الاحتلال وترسيم الحدود خلال مفاوضات تبدأ به وتجري على مدى تسعة أشهر، على أن يتم الانسحاب من الأراضي المحتلة ضمن 3 سنوات.

من جانبه، قال عضو الوفد الفلسطيني المفاوض في القاهرة عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين قيس عبدالكريم (أبو ليلى) إن نتائج لقاء الوفد الفلسطيني مع كيري، في واشنطن قبل أيام، "سلبية".

وأضاف، لـصحيفة "الغد" الأردنية، إن "كيري قال للوفد إن الولايات المتحدة لن تساعد الجانب الفلسطيني في طرح مبادرته على مجلس الأمن، ولن تتدخل لدى الأخير فيما تذهب إليه الخطة بشأن إنهاء الاحتلال".

وأوضح أن "كيري أبلغ الوفد صراحة أن الولايات المتحدة تعتبر تلك الخطوة بمثابة إجراء أحادي الجانب، بينما يفترض، بحسب قوله، بحث تلك القضايا من خلال المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية فقط".

وأشار إلى أن "الموقف العربي سيدعم الجهود الدبلوماسية الفلسطينية، غير أن طرح المبادرة الفلسطينية أمام مجلس الأمن لن يكون لها نصيب من النجاح، أمام موقف أميركي سلبي، ووضع عربي ليس جاهزاً الآن لممارسة أي ضغوط عليه في هذا الاتجاه".

ورأى أن "الخيار المفتوح اليوم أمام الجانب الفلسطيني يتمثل في الانتقال إلى الخطوات التي طالما انتظرها طويلاً من أجل أن ترى النور".

وتحدث عن ضرورة "الانضمام إلى بقية المؤسسات والمنظمات الدولية، وفي مقدمتها محكمة الجنايات الدولية وميثاق روما، بما يسمح بملاحقة الاحتلال ومحاكمته وتشكيل ضغط دولي حقيقي لإنهاء الاحتلال".

وأوضح أن "ذلك يتطلب، أيضاً، إعادة النظر في التزامات السلطة ووظائفها الأمنية والاقتصادية، خاصة أن الجانب الإسرائيلي يدير الظهر لكافة الالتزامات والاتفاقيات المبرمة مسبقاً".

واعتبر أن "هذه الخطوة توضح للاحتلال عدم إمكانية استمرار الوضع على ما هو عليه، وعدم إمكانية استمرار الاحتلال وسياسة النهب المحموم للأراضي الفلسطينية والتوسع الاستيطاني".

وأمام التلويح الأميركي باستخدام "حق النقض" ضد طرح المبادرة الفلسطينية أمام مجلس الأمن، فإن "الجانب الفلسطيني قد لا يملك إلا التراجع، ولو مؤقتاً، عن اتخاذ تلك الخطوة والبحث في البدائل الأخرى"، وفق مسؤول فلسطيني.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم نشر اسمه في حديث لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، "لم يكن يراود الوفد الفلسطيني إلى واشنطن أدنى شك بما سيكون عليه موقف واشنطن السلبي من المبادرة، حيث كان ذلك متوقعاً، أمام الانحياز الأميركي المفتوح للاحتلال".

بينما رأى (أبو ليلى) أن "الأرجح الآن والأكثر جدوى اتخاذ خطوات فلسطينية لا تستطيع الإدارة الأميركية عرقلتها، مثل الانضمام إلى بقية المؤسسات والمنظمات الدولية".

من جانبه، قال عضو اللجنة المركزية لحركة فتح نبيل شعث إنه "لم تكن هناك فائدة من زيارة واشنطن سوى إنهاء أي حجة أميركية بعنصر المفاجأة".

وأضاف، في تصريحات مشتركة أمس إلى "الغد" وإذاعة أجيال المحلية، أن "الجانب الفلسطيني واضح في موقفه من عدم الموافقة الأميركية على المبادرة أو اللجوء إلى استخدام "الفيتو"، وذلك بالذهاب نحو تصعيد المواجهة من أجل عدم استمرار الوضع على ما هو عليه اليوم".

وأوضح أن "عدم وجود وفاق كامل بين الولايات المتحدة والجانب الإسرائيلي، في الفترة الأخيرة، لا يعني اتخاذ واشنطن مواقف مضادة للاحتلال في مجلس الأمن".

وأفاد أن "الولايات المتحدة كانت توفر القنابل التي استخدمتها سلطات الاحتلال، خلال عدوانها ضد قطاع غزة، في قتل الفلسطينيين بالقطاع".

واستبعد "قراراً أميركياً بتغيير الموقف من الاحتلال، أو الاستغناء عنه كحليف، ما لم يتوفر موقف عربي قوي"، لافتاً إلى "التفات الولايات المتحدة اليوم إلى قضايا إشكالية أخرى مثل تنظيم "الدولة الإسلامية".

وقلل من "فرص التوصل إلى حل سياسي اليوم، غير أن الشعب الفلسطيني لن يكل في البحث عن أي طريقة لإنهاء الاحتلال".
بينما "بات واضحاً أن المحاولات الأميركية والجهود العربية لإحياء عملية السلام لم تنجح بسبب التعنت الإسرائيلي"، ما يتطلب "الذهاب الفلسطيني إلى اتجاه آخر، قد تصبح معه تكلفة الاحتلال أكبر، مصحوباً بالنضال الشعبي الفلسطيني".