بقلم: سوابنا سبراماني، كبير محللي الأبحاث، IDC الشرق الأوسط وأفريقيا
حقق سوق الشركات بمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا نضجًا خلال السنوات الأخيرة، وذلك في عقب تطور بمراكز البيانات وتحول في الاهتمام نحو البنى التحتية التي تتميز بالكفاءة.
وانطلاقًا من الأركان التقنية الأربعة الرئيسية، وهي الحوسبة السحابية والتقنيات المتنقلة والأعمال الاجتماعية والبيانات الكبيرة/التحليلات، فإن ما يسمى بالمنصة الثالثة تعمل على إعادة صياغة مراكز البيانات وتؤكد على الاستفادة المثلى من الموارد، وتقلل في الوقت نفسه من نفقات التشغيل. وقد أدى ذلك إلى تسريع معدل التغير في الأعمال داخل المنشآت وأوجب وجود تحول بشكل أسرع في مراكز البيانات.
وتعتبر تقنية البنى التحتية التقاربية من التقنيات الناشئة الهامة التي تدعم هذا التحول السريع. والبنية التحتية التقاربية حسب تعريف “آي دي سي” IDC لها هي أنظمة متقاربة مسبقًا ومعتمدة من الشركة البائعة وتحتوي على أجهزة خوادم وأنظمة تخزين ومعدات شبكات وبرامج لإدارة العنصر الرئيسي/الأنظمة. توفر البنية التحتية التقاربية كافة العناصر الأساسية الضرورية لإدارة مركز البيانات مع شهادة الاعتماد وخدمات الصيانة من شركة بائعة واحدة، وبالتالي فإنها تضمن تركيب مباشر ومعالجة مباشرة للأعطال.
وتعتبر أهداف الكفاءة من أهم المزايا التي يوفرها النظام التقاربي والتي يمكن تحقيقها عن طريق نشرها. وسواء تم تهيئة هذه الأنظمة مسبقًا أو تركيبها بالموقع، فإنها يتم “ضبطها حسب المهمة”، وهذا يعني أنها يتم موازنتها بشكل جيد مع متطلبات المنشأة، وهذا يؤدي إلى تحسين الأداء وتسهيل الإدارة، حيث أنه يمكن التحكم بشكل ديناميكي باحتياجات السعة ومراقبتها عبر منصة واحدة توفر نظرة شاملة على موارد النظام. وتسهم الأنظمة التقاربية كذلك في تعزيز الكفاءة بسهولة نشرها وتركيبها وكذلك بسهولة إدارتها.
أما في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا فإن أهم العوامل الدافعة لنمو الأنظمة التقاربية هي البنية التحتية لـ “سطح المكتب الافتراضي” VDI والتقنيات المتنقلة وقواعد البيانات المعقدة والحوسبة السحابية. وكل من هذه العوامل الدافعة تحدث مجموعة من التعقيدات المتعلقة بالحوسبة والقدرة على الاتصال والتخزين، بما يجعلها تلعب دورًا أساسيًا في تبسيط معالجة الأعطال والإدارة. وتعتمد القطاعات كذلك على التطبيقات الهامة والثقيلة، وذلك مثل قطاعات البنوك والاتصالات والقطاع الحكومي وقطاع التجزئة وغيرها، وهذا يمكن أن يؤدي بشكل كبير إلى الاستفادة من التبسيط والتفعيل الذي توفره الأنظمة التقاربية.
وقد أدخل معظم بائعي الخوادم وأجهزة التخزين والشبكات الأنظمة التقاربية في مجموعات منتجاتهم، وعلى الرغم من أن بعض عروض المنتجات التقاربية تتمتع بأهم مقومات النظام (الخوادم، التخزين، الشبكات والإدارة) التي يوفرها بائع فردي، إلا أن البائعين الآخرين قد شكلوا تحالفات استراتيجية لتعزيز قدرتهم على المنافسة في مجال الأنظمة التقاربية ليقوموا ببيعها عبر بائع فردي ولكن من خلال شراكات بين بائعين متعددين.
وهناك كذلك اختلاف في طرق النشر والتركيب التي يستخدمها مختلف البائعين، حيث أن بعض البائعين لديهم هيكل هندسي مرجعي للأنظمة التقاربية والتي يتم تخصيصها ويمكن نشرها وتركيبها بالموقع، بينما أن هناك بائعين آخرين يقدمون أنظمة يتم تهيئتها مسبقًا بالكامل ويتم شبكها واختبارها ونقل المعرفة الخاصة بها فقط بالموقع. ونظرًا لتوفر أساليب مختلفة للتعامل مع الأنظمة التقاربية، فإن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا منقسمة بشأن تبني البنية التحتية التقاربية، حيث تتبنى بعض المنشآت هذه التقنية بينما تفضل منشآت أخرى عدم التعجل نظرًا لمخاوفها من سيطرة البائع عليهم ومشاكل عدم التوافق.
وتتوقع “آي دي سي” أن ينتشر استخدام هذه الأنظمة، حيث تقوم المنشآت بالاستفادة منها بشكل تدريجي بوضع تطبيقاتها الهامة على الأنظمة التقاربية. ومن المؤكد أن النمو في الأنظمة التقاربية بالمنطقة يعد دلالة على صحة توقعات “آي دي سي”. واستنادًا إلى تقرير “آي دي سي” عن البنية التحتية المتكاملة والمنصات، حققت منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا نموًا بلغ 102 بالمئة في عام 2013، في الوقت الذي تجاوز فيه متوسط معدل النمو العالمي 50 بالمئة بقليل خلال الفترة نفسها.
وهناك مجال عريض لتبني الأنظمة التقاربية في أهم قطاعات الأعمال بالمنطقة، ومن ضمنها قطاع الخدمات المالية والبنوك، وقطاع النفط والغاز، وقطاع الاتصالات والقطاع الحكومي. ويمكن للأنظمة التقاربية أن تكون ذات قيمة عالية لقطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة التي تشهد ازدهارًا بالمنطقة، حيث يمكن لهذا القطاع الاستفادة من المزايا الحاسوبية التي توفرها مراكز البيانات العاملة من خلال نشر نظام تقاربي فردي بقدرات “ركب وشغل”. ويمكن للنظام أن يوفر القدرة على التنمية والفعالية المطلوبة للشركات الصغيرة والمتوسطة النامية. كذلك يتوقع أن تنطلق مبادرات المدن الذكية الناشئة في المنطقة نحو مسار الأنظمة التقاربية وذلك نتيجة لمتطلبات البنية التحتية الضخمة والمعقدة التي تشكل جزءً من هذه الخطط الضخمة.
وتأتي البنية التحتية التقاربية، مثل أي تقنية تقاربية أخرى، وهي تحمل تحدياتها الخاصة. فبينما أن بعض من هذا التحديات قد أصبحت معروفة، إلا أن بعضها يشكل قضايا حقيقية استنادًا إلى حالات الاستخدام السابقة. ومن المؤكد حلقات استبدال التقنية قد تشكل تحديًا في مجالات الخوادم والشبكات والتخزين، وذلك للمنشآت التي تخطط لإدخال الأنظمة التقاربية خلال فترات تحديث الأنظمة. علاوة على ذلك، واجه بعض الرؤساء التنفيذيين لتقنية المعلومات مشاكل عند محاولة دمج الأنظمة التقاربية مع عمليات البنية التحتية وعمليات الإدارة الحالية.
وهناك إدراك بين الشركات بأن الأنظمة التقاربية هي في حقيقتها مصدر للإخفاق، وبالتالي فإنها تثير مخاوف بشأن الاعتماد عليها. ومن أهم التحديات التي واجهتها المنشآت في المنطقة قلة الكوادر المؤهلة بين أفراد تقنية المعلومات. إن الأنظمة التقاربية تجلب الكثير من التحديات وتضعها ضمن مسئولية فريق تقنية المعلومات. وعلى الرغم من بساطة الإدارة بشكل عام، فإن المهام الروتينية تتطلب معرفة تقنية بإدارة مجموعة من الأنظمة ضمن هيكل إداري موحد. ويقدم العديد من بائعي الأنظمة التقاربية في الوقت الحالي التدريب والشهادات المتعلقة بإدارة أنظمتهم التقاربية.
ما تزال مراكز البيانات تحقق تطورًا، وذلك في ظل أن ارتفاع الطلب من قبل الأعمال والتطويرات التقنية تمنحها أهمية متزايدة في البنى التحتية التي تتميز بالكفاءة. لقد أنشأ بائعو الخوادم وأجهزة التخزين والشبكات مجموعة من العروض التي تستجيب بشكل جيد لاحتياجات مشغلي مراكز البيانات الذين يتطلعون للمستوى التالي من كفاءة البنية التحتية في بيئاتهم الافتراضية. وأخيرًا، تتوقع “آي دي سي” أن المزايا التي تقدمها الأنظمة التقاربية يمكن أن توفر للمنشآت الفعالية والإنتاجية والمرونة والتوفير في التكلفة، بما يؤدي إلى تعزيز تبني تلك الأنظمة في كافة أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها