يُشكل الاكتئاب مسبباً هاماً ورئيسياً للإصابة بأمراض القلب القاتلة، وبالتالي فإن التغلب على الاكتئاب يعني بالضرورة تقليل احتمالات الإصابة بالنوبات القلبية التي تؤدي إلى الوفاة، أو التي تسبب متاعب صحية مزمنة للشخص تمتد طوال حياته.
وبحسب تقرير نشره موقع "سايكولوجي توداي" Psychology Today، اطلعت عليه "العربية.نت"، فإن العديد من الدراسات أظهرت بأن الأفراد المصابين بالاكتئاب لديهم معدلات وفيات أعلى بسبب أمراض القلب.
ويقول التقرير إن "الاكتئاب يُعتبر أكثر الأمراض النفسية شيوعاً، حيث تبلغ نسبة خطر الإصابة به مدى الحياة 20% لدى عامة السكان. ويتوقع الباحثون أن يصبح الاكتئاب أحد الأسباب الرئيسية للإعاقة في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2030، وترتبط هاتان الحالتان السريريتان ارتباطاً وثيقاً، وهناك صلة مباشرة بين أمراض القلب والاكتئاب".
وأفادت الكلية الأميركية لأمراض القلب أن المرضى الذين يُصابون بالاكتئاب بعد تشخيص إصابتهم بأمراض القلب لديهم خطر وفاة يتضاعف إذا تُركوا دون علاج. وبالإضافة إلى ذلك، يُعد الاكتئاب غير المعالج عامل خطر لنتائج سيئة بعد جراحة القلب والأوعية الدموية.
وعلى الرغم من أن معدل انتشار الاكتئاب يختلف بين المرضى الذين يعانون من أنواع مختلفة من أمراض القلب، إلا أن حوالي 15% من هؤلاء مصابون به.
ويقول التقرير إن الاكتئاب يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب عبر عدة طرق، أبرزها "الالتهاب"، حيث أُجريت مراجعة بحثية عام 2020 لفهم المسار المشترك المُحتمل للالتهاب الذي يُؤثر على الاكتئاب وأمراض القلب والأوعية الدموية.
وتبين أن التوتر عامل خطر رئيسي للإصابة بالاكتئاب، وبالإضافة إلى ذلك، يُحفز التوتر أجسامنا على إفراز هرمون الكورتيزول، حيث يعاني الأشخاص الذين يعيشون الاكتئاب من توتر مُستمر وارتفاع في مستويات الكورتيزول، مما قد يُسبب، مع مرور الوقت، إرهاقاً للجهاز المناعي، وهو ما يُقلل من فعاليته، وفي النهاية، تُصبح الخلايا المناعية غير حساسة للتأثيرات التنظيمية للكورتيزول، وتُسبب التهاباً مُزمناً وزيادة في قابلية الإصابة بالأمراض، بما في ذلك أمراض القلب.
كما يشير العلماء الى أن الكورتيزول يُسبب انقباض الأوعية الدموية، مما يعني انخفاض تدفق الدم إلى الأعضاء الحيوية وارتفاع ضغط الدم، وبالإضافة إلى ذلك، يُمكن أن يُسبب الانقباض المُستمر تلفاً في بطانة الأوعية الدموية، ويؤدي إلى تراكم اللويحات، وهو عامل مُساهم رئيسي في الإصابة بأمراض القلب.
كما يشير التقرير أيضاً الى أن "نمط الحياة" يلعب دوراً مهماً في هذا الأمر، حيث نشرت مجلة "نيتشر" Nature نتائج دراسة بحثت في نمط الحياة على العلاقة بين الاكتئاب وخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية لدى عينة من المرضى البريطانيين. وفي هذه الدراسة، تمكّن الأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من الاكتئاب، والذين تجنبوا النيكوتين وحافظوا على وزن صحي، ومارسوا الرياضة بانتظام، وناموا بكفاءة، من خفض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
ويقول التقرير إن "الاكتئاب اضطراب دماغي، فعندما تُصاب بالاكتئاب، فإن جزءاً من دماغك مسؤول عن مستويات أعلى من الأداء، ويُسمى الأداء التنفيذي، لا يعمل بكفاءة".
لكن تقرير "سايكولوجي توداي" يؤكد أن "الخبر السار هو أن الاكتئاب قابل للعلاج بدرجة كبيرة، حيث نشرت مجلة جمعية القلب الأميركية نتائجها حول التدخلات النفسية لدى مرضى الاكتئاب المصابين بأمراض القلب. وراجع الباحثون العديد من التجارب السريرية الكبيرة، ووجدوا أن مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRIs) هي الأدوية الأكثر فعالية وأماناً لعلاج الاكتئاب لدى مرضى القلب".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها