بقلم: سامي أبو سالم
في إحدى مدارس رفح جنوب قطاع غزة، التي لجأ إليها نازحون، يقيم المواطن هاني خليل نعيم، المريض بالسرطان، مع أفراد أسرته الثمانية في أحد الصفوف.
يغطي نعيم فمه وأنفه بقطعة قماش تجنبا للدخان الذي يملأ أرجاء المدرسة، وينتظر دوره لاستخدام المرحاض.
ويقول نعيم (52 عامًا) من مدينة بيت حانون شمال القطاع: أنه مصاب بالسرطان منذ أربع سنوات وتناول جرعات علاجية في مستشفى المطلع بالقدس المحتلة والمستشفى الاستشاري برام الله لكن حياته في خطر بسبب توقف العلاج، فقد كان من المفترض أن يتناول العلاج في العشرين من نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي لكن الاحتلال يمنع التنقل بين قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة.
وتوقف نعيم "قسرًا" عن تناول العلاج الخاص به بسبب عدم توفره، ورفض قوات الاحتلال سفره والآلاف من المرضى، منذ السابع من أكتوبر العام الماضي.
ويقول هاني نعيم الذي نزح من بيت حانون قسرًا منذ بداية العدوان في الأسبوع الأول من أكتوبر الماضي، إن حياته في خطر بسبب عدم تناول الجرعات الخاصة به وأيضًا بسبب الطروف الصحية المتدهورة التي يعيشها داخل مركز الإيواء، والخطر من أكثر من جهة، أولاً عدم تناول الجرعات وهذا يسبب انتكاسة صحية والظروف غير الصحية في المدرسة، مشيرًا إلى أنه أصيب بنزلة معوية أكثر من مرة ولم يستطع الأطباء إسعافه فاعتمدوا على السوائل المعقمة.
ونوه إلى أنه تقدم بطلب لتحويله للعلاج في الخارج ومن المفترض أن يكمل علاجه في تركيا أو مصر أو أية، دولة لكن كل ذلك يحتاج لموافقة الاحتلال وهذا سبب انتظاره لمدة شهرين.
ويبلغ عدد مرضى السرطان زهاء 2000 مريض بحاجة لعلاج خاص في المحافظات الشمالية أو الخارج، لكن الاحتلال يعرقل تنقلهم، فيما يحتاج نحو 60% من مصابي الحرب البالغ عددهم زهاء 64 ألف جريح إلى علاج بالخارج أيضا، وفقا لمصادر في الهلال الأحمر الفلسطيني.
وقال نعيم، والد الثمانية أطفال إن أهم معضلة هي النظافة والمرحاض: "أجريت لي عمليات جراحية في القولون والكبد ويجب أن يكون بجانبي حمام نظيف يسهل الوصول إليه وهو غير متوفر، أنتظر ساعات طوال ليصل دوري".
وقال: "إن المواطنين يشعلون النار للطبخ أو لتسخين المياه وهذا يحول المدرسة لما يشبه الفرن ما يتسبب في تلوث الهواء ولا أستطيع التنفس وهذا يؤثر على صحتي".
وأضاف: أن آخر مرة تناولت فيها الخضار من طرد غذائي حوالي 2 كغم من الأونروا لعائلته المكونة من تسعة أنفار، ما دون ذلك يعتمد على الطعام المعلب.
وتشهد الأسواق في قطاع غزة شحًا بشكل عام في المواد الغذائية سيما الخضار والفواكه شبه المعدومة بسبب عدم تمكن المزارعين في قطاع غزة من الوصول لمزارعهم، إضافة للقيود التي يفرضها الاحتلال على دخول المساعدات الغذائية.
وتشهد أسعار السلع الغذائية خاصة الخضار ارتفاعًا كبيرًا في الأسعار، فبلغ ثمن كيلو البصل 30 شيقلاً وثمن كيلو الخيار 15 شيقلاً (الدولار يعادل 3.6 شيقل تقريبًا).
وينتظر هاني نعيم أي اتصال أو إشارة من وزارة الصحة للسفر للخارج، يتابع صفحات الانترنت ومجموعات "التواصل الاجتماعي" التي تنشر أسماء من سيسمح لهم بالسفر بعد موافقة الاحتلال.
أما طه عكاشة (58 عامًا) من مخيم جباليا، فقد توفي أول أمس في مدينة رفح وهو ينتظر جرعته العلاجية الخاصة بالسرطان.
ونزح عكاشة والد الأربعة أبناء مع عائلته إلى رفح مع بداية العدوان بعد أن تناول 3 جرعات في المستشفى التركي وسط قطاع غزة قبل الحرب، وفقا لشقيقه رامز.
وأشار رامز إلى أن أخاه كان مصابا بسرطان الرئة منذ زهاء عشرة أشهر، وكان بانتظار سماح الاحتلال له بالانتقال إلى القدس المحتلة لعلاج إشعاعي في أكتوبر إلا أن العدوان منع تنقله.
وكان المريض طه بانتظار تحويلة طبية للعلاج بالخارج إلا أنه فارق الحياة في مستشفى أبو يوسف النجار بمدينة رفح وتم دفنه هناك.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها