أهاب المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور بأعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة التصويت لوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ولوصول المساعدات الإنسانية التي يعتمد عليها بقاء أهالي القطاع.

وقال منصور، في كلمته بالجمعية العامة للأمم المتحدة ضمن الدورة الاستثنائية الطارئة العاشرة المستأنفة، التي تناقش القضية الفلسطينية عقب العدوان الإسرائيلي على غزة، مخاطبا أعضاء الجمعية العامة "صوتوا لوقف هذا الجنون، أمامكم فرصة لتقوموا بشيء، لتفعلوا شيئا، لتعطوا إشارة واضحة، اختاروا العدل لا الانتقام، اختاروا احترام القانون لا أن تمرروا خرقه، اختاروا السلام لا المزيد من الحروب، اختاروا لتضعوا نهاية لما يقرب من 3 أسابيع من حرب ازدواجية المعايير لم نشهدها على مدار عقود، صوتوا لاستعادة مصداقية هذا المكان والقواعد التي يجسدها، لا تهدروا هذه الفرصة، الحيوات على المحك وكل الحيوات مقدسة، رجاء انقذوا الحيوات، صوتوا تأييدا لمشروع قرارنا".

وأضاف منصور: "لنتذكر جميعا أننا نجتمع هنا بينما الفلسطينيون في غزة تحت القصف، ولنتذكر أننا نتحدث بينما أسر تقتل، ومستشفيات تتوقف عن العمل، وبينما أحياء تدمر وأناس يفرون من مكان إلى آخر دون أن يجدوا مكانا آمنا يذهبون إليه، وعليكم انتقاء كلماتكم بعناية وأن تتصرفوا على النحو الواجب".

وتابع منصور أن سبعة آلاف فلسطيني في غزة قتلوا على يد إسرائيل منذ بداية العدوان، من بينهم ثلاثة آلاف طفل و1700 امرأة، مضيفا أن 70 بالمئة ممن قتلوا من النساء والأطفال، وتقريبا كل من قتلوا من المدنيين، متسائلا: هل هذه هي الحرب التي يدافع عنها البعض منكم؟

وقال إن نحو 1600 فلسطيني ما زالوا تحت الأنقاض، ولا يمكن لأحد أن يصل إليهم لإنقاذهم أو لدفنهم، مشيرا إلى أن هناك ما يقارب من ثمانية عشر مصابا، والكثير منهم يعالجون في أروقة المستشفيات بلا مواد تخدير.

وأكد منصور أن المسار الوحيد للمضي قدما هو العدالة للشعب الفلسطيني، قائلا: "لا تشوهوا القانون، لا تقوموا بليّ القانون، لا تخرقوا القانون، لا تخدعوا القانون لاستيعاب إسرائيل، تمسكوا بهذه القوانين من أجل الأمم جميعها، ومن أجل مصداقية الأمم المتحدة، تمسكوا بالقانون والتزموا به".

وفيما يلي نص كلمة السفير منصور:

لنتذكر جميعا أننا نجتمع هنا بينما الفلسطينيون في غزة تحت القصف، ولنتذكر أننا نتحدث بينما أسر تقتل ومشافي تتوقف عن العمل، وبينما أحياء تدمر وأناس يفرون من مكان إلى آخر دون أن يجدوا مكانا آمنا يذهبون إليه، وعليكم انتقاء كلماتكم بعناية وأن تتصرفوا على النحو الواجب.

 لكل من حشدوا ضد كارثة إنسانية كبيرة من صنع الإنسان أو تداعيات إقليمية نقول: أوقفوا القصف وإلا ستقع تداعيات إقليمية، توقفوا عن القصف وأنقذوا الأرواح كما ذكر رئيس الجمعية العامة.

حيوات الجميع، حيوات الأطفال، والمدنيين، مليونين وثلاثة من عشرة مليون مدني في غزة.

حضرة الرئيس، في غزة أب ينبِئ ابنته عن حفل عيد الميلاد الذي كان يخطط لأن ينظمه لها ويطلب إليها أن لا تضيع على نفسها الفرصة، أم مهزولة إذ توفي أبناؤها قبل أن يتناولوا طعامهم، الأفكار التي تخطر على بال الأم في مواجهة هذا الحزن ما هي هذه الأفكار؟ ثلاثة آلاف طفل قتلوا في غزة على يد إسرائيل في الأسبوعين الماضيين، فقط أكرر ثلاثة آلاف طفل بريء ملاك قتلوا في غزة في الأسابيع الماضية، رجل يعانق أمه ويستجدي طفله، عودي أرجوك، عودي وسآخذك أينما تشائين، يعانقها ولا يتمكن من إفلاتها ولكن لا وقت للحداد فالموت مستمر.

1700 امرأة قتلت على يد إسرائيل في الأسبوعين الماضيين، كتب الشاب (لن نترك غزة، سنترك غزة فقط لنذهب إلى الجنة.. للسماوات) بعد ذلك بأيام قليلة ذهب للسماء.

7000 فلسطيني قتلوا على يد إسرائيل في هذين الأسبوعين و70 بالمئة ممن قتلوا من النساء والأطفال وتقريبا كل من قتلوا من المدنيين، هل هذه هي الحرب التي يدافع عنها البعض منكم؟ هل يمكن الدفاع عن هذه الحرب هذه جرائم؟ هذه وحشية، هذه همجية، أوقفوها من أجل كل من قتلوا، أوقفوها لكل من يمكننا أن ننقذ حيواته.

جنان طفلة تحت الأنقاض تصرخ ليأتي فريق الإنقاذ لإنقاذها وتقول لهم (لماذا أطلتم حتى تصلوا) 900 طفل فلسطيني تحت الأنقاض أحياء أو أموات، ويتساءلون لماذا استغرق الأمر كل هذا الوقت؟ ويتساءلون إن كانت المساعدة في طريقها إليهم؟

 أنس، ذلك الطفل المعروف باسم "انوس" زحف من تحت الأنقاض ليجد الضوء، ولكنه وجد مزيدا من العتمة والدمار والموت حوله في كل مكان، معاناته بدأت في هذه اللحظة ولم تكن لتنتهي.

1600 فلسطيني تحت الأنقاض ولا يمكن لأحد أن يصل إليهم لإنقاذهم أو لدفنهم، تحدث طبيب عن مصطلح نحت أثناء الحرب هذه، طفل جريح لم يبق أحد من أسرته على قيد الحياة، ثمانون أسرة فلسطينية فقدت 10 أو أكثر من أعضائها، أحيانا خمسة وأربعون فردا من أسرة واحدة قتلوا.

جرح ثمانية عشر ألفا، والكثير يعالجون في أروقة المشافي بلا مواد تخدير، المسعفون الذين رأوا الموت مرارا وتكررا ينهارون وينتحبون ويقولون هذه المرة فاقت كل الحدود.

موظفو الأمم المتحدة والموظفون الإنسانيون والأطباء يدفعون الثمن الباهظ لعملهم، هذه الذكرى تمجد كما لو كانوا قتلوا بسبب كارثة طبيعية وليس لأن هناك من قتلهم، ليس كما كانوا قتلوا على يد دولة عظمى في الأمم المتحدة، المشافي تحولت إلى ثلاجات لحفظ جثث الموتى، الأطباء والمرضى على حد سواء يتساءلون هل المساعدة قادمة؟ لا يسمعون أي شروحات من القادة التي تبرر هذه الحرب، وكل ما يسمعونه أصوات القصف ويشعرون بالقصف، يطلب إلى الناس أن يجلوا منازلهم، ينظرون إلى أبنائهم، ينبغي أن نتوجه نحو الجنوب، هل سنقصف في الطريق؟ أو متى وصلنا؟ هل ينبغي أن نذهب إلى باحة مستشفى؟ مدرسة تابعة للأمم المتحدة؟ كنيسة؟ مسجد؟ أن ننام في سياراتنا في الشوارع؟ ولكن القذائف في كل مكان، ما الخيار المتاح لك إن كنت أبا؟ إذا كان الخيار أو إذا كان من المستحيل أن تجد خيارا، فالموت في كل مكان والدمار في كل مكان.

 يقف رجل أمام منزله بعدما تحول إلى أنقاض، مرة أخرى وبعد وقفوفه يتساءل كيف تدفن منزلا؟

دمرت إسرائيل ما يزيد على أربعين بالمئة من كل المنازل، حولت سكانها إلى مشردين، وشردت مليون وأربعة بالعشرة من المليون، آملة أن تجبرهم على أن ينتقلوا قسرا خارج أراضيهم.

 وزير خارجية إسرائيل جاء إلى مجلس الأمن قائلا هذه الجلسة لا بد أن تنتهي برسالة واحدة، فليعودوا إلى ديارهم، بالنسبة إلى الملايين من الفلسطينيين لا بيت لهم ليعودوا إليه، والآلاف لا يوجد أسرة يمكنهم أن يعانقوها، وهذا ليس من القضاء والقدر لكنه نتاج أعمال حكومة ممثلة هنا، تحدث عن أسر وعن ألمها، لا توجد أسرة واحدة في غزة لم تعان ألما مبرحا، تحدث عن بشاعة قتل المدنيين قبل أن يبرر قتل المدنيين الفلسطينيين بالآلاف، تحدث عن الخوف الذي يشعر به الناس عندما يُطلق صاروخ وإسرائيل تقصف يوميا، يؤمن أن الفرق بين المدنية والهمجية يكمن في من يقتل أو كيف يقتل، يؤمن أن قوانين الإنسانية وقوانين النظام الدولي القائم على القانون تنطبق على الآخرين، وليس على إسرائيل، إنها تحمي حيوات إسرائيل وتسمح بمقتل الفلسطينيين، يؤمن أن إسرائيل بإمكانها أن تتظاهر أنها تلتزم بالقوانين التي تخرقها علنا على شاشات التلفاز وأمام أعينكم، إذا قلتم حماس بما يكفي من المرات لن يتمكن العالم من معارضة أن تمحوا من على وجه البسيطة أسرا بأكملها، أربعة أجيال في مرة واحدة أو حصار.

 لم تسمحوا بدخول المساعدات الإنسانية الكافية له، ولكنكم تتظاهرون بإدخالها لإبداء نوع من الإنسانية

يقول، أطلقوا سراح الأسرى ويأسرون مليوني فلسطيني، سأترجم لكم هذه الأرقام مقارنة لتعداد سكان غزة، هذا يعادل ثمانية وعشرين ألف إسرائيلي، قتلوا منهم اثني عشر ألف طفل وستة آلاف وثماني مئة امرأة وخمسة ملايين وستة بالعشرة مشرد، أبيدوا هذا صادما أكثر؟ الآن أقل مقبولية وأبشع.

لماذا يشعر البعض بألم كبير تجاه إسرائيل وقليل من الألم تجاه الفلسطينيين؟ أين تكمن المشكلة؟ إيماننا خاطئ؟ هل لون بشرتنا ليس اللون المطلوب؟ هل جنسيتنا خاطئة؟ أصلنا غير مقبول؟ سأخاطب كل من أعرفه على مدار الأيام الماضية عن السبب وراء عدم الدعوة لوقف إطلاق النار؟ كيف لممثلي الدول أن يطرحوا أنه من البشاعة أن يقتل ألف إسرائيلي ولا يشعرون بنفس البشاعة عند مقتل ألف فلسطيني يوميا؟ ألا يشعرون بهذه الرغبة المهمة لإنهاء هذا القتل؟ ما من شيء يبرر جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية، ما من شيء يمكن أن يبرر مقتل طفل فلسطيني واحد، ما من شيء على الإطلاق.

لماذا لا نشعر بالرغبة العادلة لإنهاء القتل كما ذكرت؟ فما من شيء يبرر جرائم الحرب، ترجعوننا إلى الوراء 80 سنة بمحاولتكم تبرير ما تقوم به إسرائيل الان، الى اي مدى ينبغي ان يكون المرء منا ساذجا او منافقا ليتظاهر انه لا يعرف ان اسرائيل تقوم بقتل الفلسطينيين المدنيين، من يمكن ان يصدق ان هؤلاء الذين قتلتهم اسرائيل 70 بالمئة منهم من الأطفال والنساء وأن أسرا كاملة قتلت على يد إسرائيل؟ ان كان مقتل 7000 الغرض منه هو الحد من أعداد القتلى، فهل مقتل سبعمائة ألف سيكون هو الرقم المطلوب؟

 لا نود ان تعطونا تطمينات كلامية بشأن القانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين، نود أن تحترموها لا أن تذكروها على مسامعنا وتنتهكونها بعد ذلك بثوان، هذه الممارسات الانتقائية بشعة ولا بد أن تتوقف الآن، هؤلاء الذين ترونهم على شاشات التلفاز لدقائق قليلة يوميا بينما يذبحون صمدوا لمدار عقود أمام الاحتلال العسكري وحصار دام لـ16 عاما و5 حروب، بنوا حيوات لهم وأعادوا بناءها وأعادوا بناءها مرارا وتكرارا، رغم كل التحديات ورغم هذه المعاناة الهائلة، إنهم معجزات تسير على أقدام، كيف يمكن أن تتركوهم يقتلون مرة أخرى؟

 الرد على مقتل المدنيين الفلسطينيين ليس هو مقتل المدنيين الإسرائيليين، والرد على مقتل المدنيين الإسرائيليين ليس هو مقتل المدنيين الفلسطينيين.. المسار الوحيد للمضي قدما هو العدالة للشعب الفلسطيني، لا تشوهوا القانون، لا تقوموا بلي القانون، لا تخرقوا القانون، لا تخدعوا القانون لاستيعاب إسرائيل، تمسكوا بهذه القوانين من أجل الأمم جميعها ومن أجل مصداقية الأمم المتحدة، تمسكوا بالقانون والتزموا به.

وائل الدحدوح كان يقوم بعمله كصحفي بشأن المجازر في غزة، لمن منكم لا يعلم من هو وائل الدحدوح هو مراسل الجزيرة في غزة، وكما كان يقوم بدأب على مدار أيام عندما تلقى أنباء عن غارة إسرائيلية قتلت زوجته وابنه وابنته، قام بشيء يقوم به الكثير من الآباء في هذه الأحوال، تحدث إلى ابنه متوقعا ردا لن يأتيه أبدا، قال له "إنك أخبرتني أنك ترغب في أن تكون صحفيا"، رغب ابنه أن يعمل في الصحافة رغم أن الصحفيين يستهدفون في فلسطين، أتتذكرون شيرين أبو عاقلة؟ والآن حلم هذا الابن سيتلبس هذا الأب إلى الأبد.

ذكر وائل بعض الكلمات أود أن تصغوا إليها قائلا (صبوا كامل غضبهم على أبنائنا)، بل قال بصوت ينفطر له القلب (معلش)، واسمحوا لي أن أشرح لكم معناها، معنى "معلش"، لكن اسمحوا أن أنبئكم بما قصده فعلا، سأقوله باللغة العربية "تبا لواقع تقتل فيه غزة من جديد أمام كاميرات العالم، تبا لكل من لا يحترم إنسانيتنا وكرامتنا ومعاناتنا، لكل من يبرر للقاتل أفعاله بدل أن يقف مع الضحية، لكل من يبرر الجريمة ويقدم واجب العزاء في الضحية ويفسر لها أن قاتلها غير مسؤول عن موتها، تبا لكل من لا يقف مع شعبنا في غزة ويوقف المجزرة، تبا لهذا المنبر إن لم تقل منه كلمة حق وتبا لمن يتحدث بعدي ليدافع عن الباطل ويبرر قتل الأبرياء، لا عدل على هذه الأرض، حسبنا الله ونعم الوكيل.