اكتشف باحثون جزيئات عضوية معقدة في مجرة تبعد عن الأرض أكثر من 12 مليار سنة ضوئية. ووفق دراسة نشرتها دورية "نيتشر" (Nature) العلمية، أصبحت هذه المجرة الأبعد التي يُعثر فيها على مركبات عضوية حتى الآن.

رحلة ضوء

وتبعد المجرة عن حدث الانفجار الكبير بأقل من واحد ونصف مليار عام، وقد استطاع علماء الدراسة من جامعتي "تكساس إيه آند إم" (Texas A&M University)، و"إلينوي في إربانا-شامبين" (University of Illinois Urbana-Champaign) بالولايات المتحدة اكتشاف مادة غامضة تكوّن حبيبات الغبار الخاص بهذه المجرة، وتعكس أشعة تحت حمراء.

العلماء استخدموا عدسة الجاذبية لجمع معلومات عن المجرة المعروفة باسم "إس بي تي 0418-47" (SPT0418-47)، وطبقا للبيان الصحفي الذي نشرته جامعة "تكساس"، تم اكتشاف المجرة أول مرة بواسطة تلسكوب القطب الجنوبي التابع لمؤسسة العلوم الوطنية عام 2013، وتم دراستها من قبل العديد من المراصد، بما في ذلك مرصد ألما وتلسكوب هابل الفضائي.

ويعد الكشف عن مجرات بعيدة كهذه أمرا صعبا، إذ "يحجبها الغبار عن أعين العلماء" وذلك وفقا لما أورده البيان الصحفي لجامعة "إلينوي" نقلا عن يواكين فييرا، أستاذ علم الفلك والفيزياء بذات الجامعة والمشارك في الدراسة.

عدسات كونية مكبرة

ويضيف فييرا "تمتص حبيبات الغبار نحو نصف الإشعاع النجمي المنتج في الكون وتعيد إشعاعه مرة أخرى، مما يجعل الأشعة تحت الحمراء القادمة من الأجسام البعيدة باهتة جدا أو غير قابلة للاكتشاف بواسطة التلسكوبات الأرضية". وفي الدراسة الجديدة، استفاد العلماء مما يسمونه "عدسة التكبير الطبيعية" (أو ما يعرف باسم عدسة الجاذبية).

وعدسة الجاذبية هي ظاهرة في الفيزياء تحدث عندما يكون هناك تجانس تقريبي بين مواقع المراقبة الأرضي وبين مصدر ضوء بعيد (مثل مجرة بعيدة). إذ يحدث تحريف وتكبير للضوء القادم من المصدر البعيد بفضل تأثير الجاذبية الناتج عن وجود كتلة ضخمة (مثل مجرة أخرى قريبة) بين ذاك المصدر البعيد وبين موقع المراقبة. هذا التأثير يجعل الضوء القادم من المجرة البعيدة ينحني ويُكبّر، مما يشكل حلقة حول المجرة القريبة تسمى "حلقة أينشتاين". وتساعد عدسة الجاذبية تلك على تكبير وتحسين رؤيتنا للأجسام البعيدة وتوفر لنا معلومات قيمة عن الكون.