تقرير: فاطمة إبراهيم

يستدل من شهادات من تواجدوا في بلدة جبع جنوب جنين، أن قوة خاصة من جيش الاحتلال كانت تكمن داخل مبنى قيد الإنشاء على أطراف البلدة، أمس الأول، لتنفيذ عملية الاغتيال التي راح ضحيتها الشهداء الثلاثة، نايف ملايشة، وسفيان فاخوري، وأحمد فشافشة.

ويقول أحمد ملايشة: "سمعنا إطلاق كثيف للرصاص عند الساعة السادسة صباحا، ثم بدأت المجموعات الإخبارية بنشر أخبار تفيد بتواجد قوات خاصة على مداخل البلدة، دقائق قليلة بعدها وصلنا خبر استشهاد ابن عمي نايف".

ويروي عباس غنّام وهو مواطن من بلدة جبع، أن قوة خاصة دخلت من عدة محاور إلى البلدة، وشوهد بعضهم يستلقون شاحنة بيضاء هبطوا منها وتخفّوا في بيت على الأطراف وأخذوا يراقبون تحركات الناس، وما أن قتربت السيارة التي تقل الشهداء حتى تم إمطارها بالرصاص وتصفيتهم من مسافة الصفر.

ولم يكتف الجنود بالقتل، إذ أخرجوا جثامين الشهداء من السيارة وطرحوها أرضاً، ثم فجروا السيارة بشكل كامل، وانسحبوا.

وعلى الجانب الآخر من عملية الاغتيال، كانت قوة خاصة ثانية تحاصر منزلا في البلدة وتنادي على من فيها للخروج، وبعد نصف ساعة اعتقلت القوة عزيز خليلة، وبهاء سلاطنة وهما أسيران محرران.

وفي السابع من الشهر الجاري، ارتكبت قوات الاحتلال مجزرة في مخيم جنين استشهد فيها 6 مواطنين، وباشرت باقترافها قوة خاصة، اقتحمت شارع مهيوب شرق المخيم بشاحنة نقل تحمل لوحة تسجيل فلسطينية، وحاصرت منزلاً هناك.

وعلى هيئة عمال يحملون قطع سجاد وآخرين متنكرين بزي نساء يرتدين الخمار، اقتحم أفراد قوة خاصة السوق الشرقي بالبلدة القديمة في مدينة نابلس، في 22 شباط / فبراير المنصرم، واستلوا أسلحتهم المخبأة داخل السجاد وتحت اللباس النسائي وأشهروها بوجه المواطنين وفرضوا حصارا على بيت هناك، قبل أن تصل قوات معززة من جيش الاحتلال لترتكب مجزرة راح ضحيتها 11 شهيداً.

وفي السادس والعشرين من كانون الثاني / يناير، تسللت إلى مخيم جنين قوة خاصة عبر مركبة ثلاجة لنقل الألبان، وحاصرت منزلاً فتحت النار عليه وأطلقت صواريخ باتجاهه، وانتشلت الطواقم الطبية ما لا يقل عن ثلاثة جثامين من داخله بعد انسحاب قوات الاحتلال، في مجزرة خلفت 11 شهيدا بينهم سيدة مسنة.

وينشر المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، أن وحدات المستعربين العسكرية في جيش الاحتلال، الذين يتنكرون في زي مختلف من أجل التسلل بين الجماعات العربية المختلفة، وذلك بهدف تحقيق هدف "أمني" محدد كما يدعون.

وعادة ما يكون المستعربون ذوي ملامح شرقية، ويتخفون خلال المظاهرات أو العمليات الخاصة، بزي يشبه الزي المنتشر في المنطقة، ويقومون بأعمال تقنع المتظاهرين بأنهم منهم، مثل إلقاء الحجارة، وكأنها صوب جنود الاحتلال والشرطة، الى أن يقتربوا من الأشخاص المستهدفين، فيخطفونهم تحت تهديد السلاح، أو يطلقون النار عليهم.

وتنشط حاليا أربع وحدات للمستعربين وهي، " دوفدفان" التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي وتنشط منذ العام 1986، وأساس عملها، تنفيذ عمليات اعتقال، واغتيالات.

وحدة "ي. م. س" التابعة لقوات "حرس الحدود"، وهي قوات تنضم للجيش في زمن الحروب، وللشرطة في زمن الهدوء، وهي ناشطة في الضفة المحتلة، وتعد واحدة من وحدات "النخبة"، وتنشط بعمليات كتلك التي تنشط بها الوحدات الشبيهة في التشكيلات العسكرية الأخرى، ولكنها بالذات تنشط بالتعاون مع جهاز الأمن العام "الشاباك".

"وحدة متسادا" التابعة لإدارة سجون الاحتلال، وأقيمت في سنوات الألفين الأولى، وتُعد واحدة من وحدات النخبة التابعة لجيش الاحتلال، وإضافة إلى المهمات التي تقوم بها باقي وحدات المستعربين، فهذه الوحدة متخصصة أيضا بانقاذ وتحرير رهائن، والسعي إلى إلقاء القبض على من يهربون من السجون.

ورغم أن هذه الوحدة تابعة لإدارة السجون، إلا أنه يتم استخدامها لقمع المظاهرات في الضفة المحتلة، وخاصة المسيرات الأسبوعية، إذ برز اسمها في قمع مسيرات قرية بلعين الأسبوعية.

"غدعونيم": تابعة لشرطة الاحتلال، وأقيمت عام 1990، كوحدة مهمات خاصة، لكن أقامت داخلها فرقة مستعربين تعمل بشكل خاص في مدينة القدس المحتلة.

ومن معلومات تتيح إسرائيل الوصول لها عبر مواقع رسمية، فإن وحدة "يمام" الخاصة في جهاز ما يسمى بـ"حرس الحدود" التابع لشرطة الاحتلال، أنشأت في عام 1974 ومتخصصة في مجال "الاستجابة للحالات القصوى"، وتعمل بالتعاون مع جميع القوى العسكرية في جيش الاحتلال وجهاز "الشاباك".

وتعمل هذه الوحدة كما هو معلن، في إطار عمليات سرية، ويتميز أفرادها بمهارات القنص والقرصنة والتخريب باستخدام وسائل تكنولوجية مبتكرة ومتقدمة.

وتشتهر لدى سلطات الاحتلال وحدة خاصة أخرى تسمى "يسام"، وتتبع لجهاز شرطة الاحتلال، تم تأهيل أفرادها للتعامل مع الاضطرابات والاستجابة للحوادث الخطيرة  والتعامل مع حاملي الأسلحة.

وهناك كذلك وحدة "سييرت متكال" التي تأسست في العام 1957 وتخضع مباشرة لهيئة أركان جيش الاحتلال، وتصنف مع دائرة المخابرات. هدفها الأساسي جمع معلومات استخبارية والتدخل في  عمليات عسكرية محددة الأهداف في الخارج.

وعام 2020 صدر كتاب "سيريت ماتكال"، والذي ألفه ضابطان في جيش الاحتلال، هما  أفنير شور  وأفيرام هاليفي، ويتحدث عن العمليات السرية التي نفذتها وحدة "اتيمار" التي كانا يعملان بها سابقا.

ويتحدث الكتاب عن تفاصيل عمليات الاغتيال التي نفذها جيش الاحتلال منذ عام 1972، وفي سرد لتفاصيل أبرز عملية اغتيال نفذتها الوحدة والتي تعد واحدة من أبرز عمليات الاغتيال منذ الاحتلال الإسرائيلي، تحدث الكتاب بالتفصيل عن عملية تصفية أبو جهاد "خليل الوزير " عام 1988 في منزله بتونس.

وما ورد في الكتاب من تفاصيل العملية أن مقاتلا يدعى ناحوم كان يتجول في الساعة الثالثه فجرا أمام منزل أبو جهاد، وفي يده صندوق هدايا يخفي بداخله مسدسا كاتما للصوت وهو الذي استخدمه في اغتيال حارس منزل أبو جهاد.

ويشرح الكتاب أن مقاتلا آخر ويدعى يوحيى كان يتخفى بزي امرأة وكان يوفر الدعم والحماية لناحوم، إضافة إلى وجود عناصر من الموساد في تونس والتي كانت تراقب العملية حتى موعد تنفيذها.

وفي تفاصيل العملية يورد الكتاب: بعد أن تأكد "ناحوم" أن الطريق سالكة إلى منزل أبو جهاد توجه صوب السيارة التي جلس بها الحارس، وتعمد التوجه من شباك المقعد بجوار السائق وطرق الزجاج حاملا المنشور السياحي، سائلا "أين هذا الفندق؟" وعند خروج الحارس من السيارة أطلق ناحوم 3 رصاصات صوب رأسه وأرداه شهيدا.

ثم ينتقل السرد إلى نقطة اغتيال أبو جهاد "بعد ذلك يطلب المقاتل المتخفي بزي امرأة من قائد الوحدة يعالون بأن يقتحم مع مجموعته منزل أبو جهاد بعد أن نٌفِذت المرحلة الأولى من العملية بنجاح، وعليه ينضم إلى فريق الاغتيال داخل المنزل فريق آخر من عناصر الوحدة وعددهم 6 مقاتلين بقيادة الملقب "ح"، الذي صعد مع المقاتلين إلى الطابق الثاني، حيث من المفروض أن يوجد أبو جهاد، وسمع فريق الاغتيال أصوات تجهيز الرصاص في مسدس.

انتشر فريق الاغتيال في الطابق الثاني، وشاهد قائد الفريق "ح" الذي توجه إلى جهة اليمين على بعد 4 أمتار أبو جهاد يشهر مسدسه وبجانبه زوجته التي شاهدت اختراق ثماني رصاصات للقسم العلوي من جسد زوجها، وتسبب الرصاص بسقوطه ليغرق بدمائه قرب غرفة نومهما.

ويعيد الكتاب الذي يتضمن تفاصيل لعدد كبير من عمليات الاغتيال التي نفذتها وحدات وقوات خاصة إسرائيلية منذ سبعينيات القرن الماضي والتي كان من أبرزها إضافة إلى عملية اغتيال خليل الوزير اغتيال ناجي العلي، وغسان كنفاني، وغيرها من عمليات اغتيال قادة حركة التحرير الفلسطينية إلى الأذهان اعتماد جيش الاحتلال منذ بدء العمليات العسكرية والاقتحامات في مدن الضفة الغربية العام الماضي وحتى اليوم على القوات الخاصة لاغتيال الشهداء الفلسطينيين.

ويعتبر حقوقيون أن استخدام إسرائيل لقوات خاصة متخفية بهدف قتل الشبان الفلسطينيين هو جريمة حرب وعمل يتنافى مع كل المواثيق الدولية .

ويقول مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين : "سياسات الإعدام هذه هي إعدامات خارج نطاق القانون، والقانون الدولي يعتبر القتل بعد التخفي هو بمثابة الغدر وهذا ما يسمى جرائم حرب".

ويضيف "القوة الاحتلالية يجب أن يوجد في الأراضي التي تحتلها قوى بوليسية أو شرطية فقط لكن عمليات الاغتيال التي تقوم بها إسرائيل وإرسال قوات مقاتلة داخل المناطق المحتلة هو عمليات حربية، وهذا انتهاك لاتفاقيات جينيف ولاهاي".

ويرى أن ما تفعله إسرائيل ينافي معايير السلام.

المصدر : وكالة أنباء وفا