قدمت ثلاث منظمات حقوق إنسان فلسطينية، وهي: مؤسسة الحق، ومركز الميزان، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، مذكرة لمكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية تشمل وصفا وتحليلا دقيقا لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في سياق العدوان الحربي الإسرائيلي في مايو 2021 على المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.
وقال مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، راجي الصوراني: "إن عدوان مايو 2021 على قطاع غزة هو المثال الأحدث على سلسلة العمليات العسكرية الأكثر تدميراً والتي تهدف إلى إلحاق أضرار ومعاناة بصورة غير متناسبة بالمدنيين في قطاع غزة، الذي يقبع منذ 15 عاماً لحصار غير قانوني."
وقعت العملية، التي أطلق عليها اسم "حارس الأسوار،" في ظل موجة عالية من القمع شنتها السلطات الإسرائيلية في كافة أرجاء فلسطين المحتلة: اشتدت حدة التوتر بعد أن أمرت المحاكم الإسرائيلية بطرد عائلات فلسطينية من منازلهم في حي الشيخ جراح في القدس الشرقية المحتلة ونقل ملكية هذه الأراضي للمستوطنين الإسرائيليين. وعلى إثر ذلك، اندلعت احتجاجات جابت أنحاء فلسطين والتي قابلتها سلطات الاحتلال بمزيد من القمع واستخدام العنف والقوة العسكرية. في القدس وداخل الخط الأخضر، تُرجم هذا إلى موجات من الاعتقالات التعسفية وعنف من قبل الشرطة وحشد متطرفين إسرائيليين يعدمون الفلسطينيين دون محاكمة تحت حماية ودعم السلطات الإسرائيلية؛ أما في الضفة الغربية، فقد عمقت قوات الاحتلال الإسرائيلية مظاهر الاحتلال وتضييق الخناق على الفلسطينيين. وتعرض قطاع غزة لهجوم عسكري واسع النطاق استمر 11 يومًا من القصف العنيف الذي أسفر عن مقتل 240 وجرح 1968 فلسطينيًا.
وبينما تشكل هذه الأحداث السياق الذي يجب النظر فيه إلى الوقائع، يركز التحليل المدرج في المذكرة بشكل خاص على الجرائم الدولية التي ارتكبت في قطاع غزة، استكمالاً للهجمات العسكرية السابقة على قطاع غزة والحصار غير القانوني، الذي يدخل عامه الخامس عشر.
وتكشف المذكرة ارتكاب السلطات الإسرائيلية جرائم خطيرة على نطاق واسع تدخل في اختصاص المحكمة ضد المدنيين الفلسطينيين والبنى التحتية المدنية في قطاع غزة، بما في ذلك جرائم القتل العمد، أو التسبب عمداً في معاناة كبيرة أو إصابة خطيرة بالجسد أو الصحة، والتدمير الواسع للممتلكات، والهجمات المتعمدة ضد الأهداف المدنية، والاستخدام غير المتناسب للقوة، في إطار احتلال عسكري يندرج في سياق نزاع مسلح دولي ومقترن به.
ويؤكد مدير مؤسسة الحق، شعوان جبارين، أن "ارتكاب هذه الجرائم يجب أن يتم النظر إليه في سياق احتلال اسرائيل المطّول والعدواني للأرض الفلسطينية بأكملها وارتكابها الموسع لجرائم ممنهجة ضد الانسانية، بما في ذلك الفصل العنصري "الأبارتهايد" وجرائم الحرب الخطيرة."
وبحسب ما تم تناوله بدقة في مذكرة قانونية سابقة قدمتها المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه إلى المحكمة في نوفمبر 2017، وأكدته العديد من التقارير المستقلة رفيعة المستوى (بما في ذلك لجان الأمم المتحدة)، يحول نظام التحقيق الإسرائيلي دون إجراء تحقيقات فعالة تحظى بالاستقلالية والحياد، حيث إن 79٪ من الشكاوى الجنائية التي قُدمت إلى المدعي العام العسكري الإسرائيلي لم تلق أي رد جوهري.
من جهته، قال عصام يونس، مدير مركز الميزان لحقوق الانسان، "انتظر الضحايا بالفعل فترة طويلة، فكم سيحتاج الفلسطينيون في قطاع غزة للانتظار قبل أن تحاسب المحكمة الجنائية الدولية المسؤولين الإسرائيليين؟"
وتخلص المذكرة المقدمة إلى أن إجراء تحقيق فوري وملموس وشامل وفتح المحكمة الجنائية لقضايا محددة ضد المتهمين الإسرائيليين هو الطريقة الوحيدة لإنهاء عقود من الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين، وبالتالي تمنعهم من الارتكاب المستمر والحالي للجرائم ويسهم في منع ارتكاب المزيد منها. فمنذ احتلالها لفلسطين، ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكات بحق القانون الدولي بلا هوادة وبشكل صارخ، في مخالفة لجل أحكام القانون الدولي التقليدي والعرفي، مما يعرقل ويقضي على أي منظور لـ "عملية سلام" تؤدي إلى حل عادل. لذلك، فإن الملاحقة القضائية الفعالة مبررة كونها الملاذ الأخير لاستعادة الاحترام للعدالة الدولية وتحقيقها
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها