نظم مركز العمل التنموي/ معا، ومؤسسة هينرش بُل (فلسطين والأردن)، وشبكة المنظمات الأهلية البيئية الفلسطينية، ندوة حوارية ناقشت "الأنماط الإنتاجية المُعززة للسيادة الوطنية على الأرض والغذاء: الزراعات البيئية نموذجا".
واستعرض المهندس الزراعي سعد داغر مقارنة بين الزراعة الكيماوية والزراعة البيئية، مشيرا إلى الآثار المدمرة للزراعة الكيماوية على الأرض والتربة والتنوع الحيوي والاقتصاد والصحة، إلى جانب الأضرار الوطنية المتمثلة بالارتباط بالخارج والاعتماد عليه للحصول على البذور والمبيدات.
وبحسب تقديرات عرضها داغر، فإن كمية استهلاك الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة من المبيدات تصل إلى 4000 طن بتكلفة 80 مليون دولار تقريبا، أما الأسمدة الكيماوية، يقدر استهلاكها بـ30 ألف طن بتكلفة 45 مليون دولار.
ونتيجة لما تلحقه الزراعة الكيماوية من أضرار، يؤكد داغر ضرورة اتباع نمط الفلاحة البيئية، وهي وفق تعريفه "الفلسفة الزراعية والتطبيق العملي، اللذان يراعيان القوانين والنظم البيئية الطبيعية، ويعتنيان بكل أشكال الحياة على الأرض، ويعملان بانسجام مع البيئة المحيطة، دون الإضرار بعناصرها (تربة، هواء، مياه، تنوع حيوي، بشر)، ويقودان إلى تجدد العناصر والحياة، من أجل إنتاج غذاء صحي للإنسان والحيوان.
وخلال الندوة، عرضت مؤسسة دالية المجتمعية، ورقة موقف حول "السيادة الغذائية الوطنية الفلسطينية"، تطرقت إلى المشاكل التي تقف عائقا أمام سيادة الفلسطينيين على غذائهم ومنها سياسات الاحتلال المسيطرة على الأرض والموارد الطبيعية.
من جانبه، قال مدير عام السياسات والتخطيط في وزارة الزراعة حسن الأشقر إن الحكومة لديها مجموعة استراتيجيات لدعم القطاع الزراعي، مؤكدا أن السياسة الوطنية للأمن الغذائي والتغذوي سياسة استراتيجية لضمان الأمن الغذائي في الأراضي الفلسطيني حتى عام 2030.
وأشار إلى أن السياسة الوطنية تعالج مجموعة من القضايا الأساسية منها: زيادة توافر الغذاء، وزيادة فرص الحصول عليه، وتحسين الاستفادة منه، وتحسين البيئة المؤسسية، وبناء الصمود والاستجابة للصدمات.
وشدد على سعي الحكومة إلى تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية من بينها، القضاء على الجوع وجميع أشكال سوء التغذية، ومضاعفة الإنتاجية الزراعية ومداخيل صغار المنتجين، وضمان وجود نظم أنتاج غذائي مستدامة، وحفظ تنوع الموارد الوراثية النباتية والحيوانية للأغذية والزراعة.
من ناحيته، استعرض مدير وحدة الدراسات البيئية في مركز العمل التنموي جورج كرزم الصراع الفكري السياسي بين مدرستي "الأمن الغذائي" و"السيادة على الغذاء"، مفهوم الأمن الغذائي يفترض في جوهره أن يمتلك الناس قدرة على تلبية احتياجاتهم الغذائية، من خلال الإنتاج المحلي أو الاستيراد، وهذا يعني "تبعية الشعوب الفقيرة الغذائية للدول الإمبريالية واحتكاراتها المتحكمة عالميا بإنتاج الحبوب والأغذية الاستراتيجية، هذا المفهوم يهدف في المحصلة الأخيرة، إلى تكريس وتأبيد الظلم والقهر الاجتماعيين، وانعدام العدالة والمساواة؛ بل شرعنة الفقر والجوع وماكينة النهب العالمية المعززة للفجوات الطبقية.
وشدد على ضرورة تشجيع المزارعين على العودة إلى الزراعات البلدية والعضوية التي تتميز مدخلاتها بأنها محلية، سواء على مستوى السماد البلدي المحلي أو السماد الأخضر أو الحيوانات أو الأيدي العاملة أو البذور البلدية غير الصناعية، أو العلاجات الزراعية الطبيعية والعضوية المشتقة من الموارد والنباتات المحلية.
وجرى في الندوة استعراض نماذج ناجحة للزراعة البيئية، منها تجربة إيمان تركمان، وهي سيدة من منطقة النصارية في الأغوار الوسطى (حاصلة على بكالوريس تربية ابتدائية). التي تلقب بـ "بنت الجبل"، تركت الوظيفة، وأسست مزرعة بيئية تعيل أسرتها من خلال زراعة 40 صنفا على مساحة 12 دونما.
تجربة أخرى عرضها أحمد نوباني من مزارع النوباني بمحافظة رام الله، تتمثل بتربية النحل والأغنام، وزراعة محاصيل مختلفة في أرضه مكنته من تحقيق الاكتفاء الذاتي لأسرته وحتى لأصدقائه. قال النوباني وهو محاضر في جامعة بيرزيت إن الزراعة البيئية لا بد من النظر إليها من زوايا مختلفة وليس من منظور اقتصادي.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها