قال وزير الخارجية والمغتربين رياض المالكي، إنه لا عدالة دون انصاف ضحايا شعبنا الفلسطيني، ومساءلة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وإنه لا سلام دون إنهاء الاحتلال.

وأضاف المالكي، في كلمته أمام مجلس حقوق الانسان في دورته الخاصة الـ30، بشأن العدوان الإسرائيلي على الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس، إن الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي، أساس المشكلة، والمعاناة، والمصدر والجذر الرئيس للجرائم والعدوان.

وقال: اذا أراد المجتمع الدولي انهاء معاناة الشعب الفلسطيني، فيجب عليه مواجهة وعزل هذه المنظومة ومقاطعتها وحظر منتجاتها والشركات العاملة معها، وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية عليها، ووضعها موضع المساءلة والمحاسبة وصولا الى انهائها، وتفكيكها، ووضع المستوطنين على قوائم الإرهاب.

ودعا وزير الخارجية والمغتربين، الدول الأعضاء في مجلس حقوق الانسان، لدعم مشروع القرار المقدم للمجلس من اجل تشكيل لجنة دولية، للتحقيق في جميع الانتهاكات، والنظر في أسبابها الجذرية، وتقديم التوصيات لتجنب الإفلات من العقاب وكفالة المساءلة.

وفيما يلي نص الكلمة:

عود الى مجلسكم الموقر، في هذه الجلسة الخاصة، ونحن نودع شهداءنا، ونضمد الجراح، ونكنس عدوانا همجيا جديدا، على شعبنا، بأطفاله ونسائه، حرضت عليه وقادته اسرائيل على مرأى ومسمع العالم اجمع. وما زالت مخالب وغل وآلة حربها وإرهاب المستعمرين تترصد بأطفالنا وتستهدفهم بالقتل والاعتقال والتشريد، وتحرمهم من مستقبل يعيشون فيه بأمن وسلام فمن بين 260 شهيدا هناك أكثر من 66 طفلا، و39 امرأة.  وجرح، وشرد، ودمر الاف المباني والمساكن.

عدوان جديد شجعته السياسات التي تمنح الحصانة من العقاب لنظام عنصري جبان يقتل الأطفال، وينتهك كافة قواعد القانون الدولي، ونشدد هنا على ان تقاعس المجتمع الدولي في مساءلة الاحتلال حتى اللحظة على جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية ومنذ 54 عاما، قد شجعه على مواصلة ارتكابها، وعلى توسيع استعماره لأرضنا، وإنشاء نظام فصل عنصري -أبارتهايد- قائم على اضطهاد الشعب الفلسطيني من النهر الى البحر، وفي كافة أماكن تواجده. ومع ذلك لا يزال البعض يسعى الى التغطية على جرائم الاحتلال، وتبني روايته الزائفة، بالمساواة حينا بين الضحية والجلاد وحينا آخر، بتجاهل حقوقنا المشروعة.

السيدة الرئيسة

اسمحوا لي ان اعبر عن عميق امتنانا للدول التي جعلت عقد هذه الجلسة الخاصة ممكنه، وتقديرنا للمواقف الجادة في استشعار خطورة مواصلة العدوان الإسرائيلي على أبناء شعبنا، ودور مجلس حقوق الانسان.

فنحن نلتقي اليوم وشعبنا ما زال يتعرض الى جرائم وعدوان، ونكبات مستمرة منذ النكبة الكبرى في العام 1948، والاحتلال في العام 1967، تتغول فيه إسرائيل، سلطة الاحتلال والابارتهايد، بجرائمها، وسياساتها، وقوانينها لترسيخ نظام استعماري وابارتهايد قائم على الترحيل القسري لأبناء شعبنا، وقائم على فكرة ديمغرافيا فلسطينية اقل، وجغرافية أكبر لإسرائيل.

هذا ما تفعله في مدينة القدس المحتلة، وفي احيائها الفلسطينية العربية الاصيلة، بزرع مستعمريها بدلا عن أهلها الأصليين، في الشيخ جراح، وسلوان لتهويد المدينة المقدسة، وفي الاعتداءات التي طالت المسجد الأقصى، الحرم الشريف، والمصلين المسلمين في شهر رمضان المبارك، وقبل ذلك في احتفالات أبناء شعبنا المسيحيين في عيد الفصح المجيد، وفي كنيسة القيامة.

كما امعنت إسرائيل بعدوانها، بكافة ادواتها، من مستعمرين، وجيش احتلال، وهتافاتهم الموحدة في فلسطين التاريخية، والتي تُظهر السياسة والوجه الحقيقي لها، وطبيعة هذا النظام العنصري، "بالموت للعرب"، "الموت للعرب". واستمرارها في بناء وتوسيع المستعمرات، ومحاولات تغيير التركيبة الديمغرافية وطابع ووضع الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس. 

وفي ظل غياب المساءلة والمحاسبة فما تقوم به إسرائيل، ايتها السيدات، والسادة، ليس تفعيلا لحق لا تمتلكه كقوة احتلال، "في الدفاع عن النفس" بل ترسيخ لاستعمارها. ونحن نرفض هذه الحجج الواهية، والمساواة بين المستَعمر، والمستعمِر، التي انساق البعض لاستخدامها، والتي تشوه الحقيقة، فإسرائيل قوة احتلال، وعليها واجباته، ومن يملك حق الدفاع عن النفس وواجب مواجهة الاحتلال هو الشعب الفلسطيني.

كأي شعبٍ حر، هبّ شعبنا للدفاع عن ارضه، وعن حقه في الحياة، ودفاعا عن وطنه ومقدساته، وهو مؤمن بحتمية النصر. ولكن، وكأي نظام استعماري، فقد شاهدنا بالبث الحي والمباشر رده بالقتل، والدمار والاعدام لعائلات بأكملها.

وقد تابعنا في شهادات حية لجنود الاحتلال الذين كانوا يقصفون المباني والابراج العالية في غزة وهم يقولون "ان نسف أبراج غزة كان متنفسا لإحباطهم."

السيدة الرئيسة

يجب إعادة الرواية الى أصلها، بأن الاحتلال الاستعماري الإسرائيلي، هو أساس المشكلة، والمعاناة، والمصدر والجذر الرئيس للجرائم والعدوان. وإذا كنا نريد ان نعالج كل هذه القضايا على نحوٍ مستدام يجب مواجهة وعزل هذه المنظومة ومقاطعتها وحظر منتجاتها والشركات العاملة معها، وفرض عقوبات اقتصادية وسياسية عليها، ووضعها موضع المساءلة والمحاسبة وصولا الى انهائها، وتفكيكها. ووضع المستوطنين على قوائم الإرهاب.

سيدتي الرئيسة، 

لقد قال الأمين العام للأمم المتحدة وهنا اقتبس: "إذا كان هناك جحيمٌ على الأرض، فهي حياة الأطفال في غزة اليوم".

ان لهذا الجحيم اسما، هو الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه، 

السيدة الرئيسة

بإمكاننا جميعا التصدي ووقف هذا الجحيم بإنهاء وتفكيك منظومة الاستعمار والفصل العنصري، وتمكين شعبنا من حقوقه غير القابلة للتصرف، وعلى رأسها حقه في تقرير المصير والاستقلال لدولة فلسطين، والعودة للاجئين، وبالإمكان انهاء الجحيم بإرادة دولية جادة، استنادا الى القانون الدولي والقرارات الدولية ومجلسنا هذا. وفي هذه المناسبة، فإنني أدعوكم اليوم لدعم مشروع القرار المقدم امامكم من اجل التشكيل العاجل للجنة دولية، للتحقيق في جميع الانتهاكات، والنظر في أسبابها الجذرية، وتقديم التوصيات لتجنب الإفلات من العقاب وكفالة المساءلة.

السيدة الرئيسة

لا عدالة دون انصاف لضحايا الشعب الفلسطيني، ومساءلة لمجرمي الحرب. ولا سلام دون إنهاء الاحتلال.