لم تكن الطالبة رهف رامي زينو (14 عاما) الأولى بين ضحايا التنمر والإهمال المدرسي الممارس في مدارس غزة، ولن تكون الضحية الأخيرة في حال استمرار مسلسل التواطؤ الحاصل بين أجهزة "حماس" ومديرية التعليم في غزة التي تسيطر عليها أيضا حركة "حماس"، الذين وصل بهم الأمر الادعاء بأن رهف انتحرت نتيجة خلافات عائلية، الأمر الذي تنفيه العائلة بشكل مطلق.
وتعود القصة إلى عقاب طالبة في الصف التاسع من قبل مدرستها بشكل مبالغ فيه من التنمر والانتقام والتعامل السيء في إحدى مدارس غزة الحكومية، والنتيجة إقدام الطالبة على الانتحار بإلقاء نفسها من الطابق الثالث في ظل مسلسل من الإهمال وإخفاء معالم الجريمة بتواطؤ مقصود ما بين المدرسة وأجهزة حماس.
يقول رامي زينو (37 عاما) والد رهف: "غادرت رهف إلى المدرسة ولم تكن تعاني شيئاً وفي الساعة التاسعة صباحا جاءنا اتصال من المدرسة يفيد بأن رهف سقطت في المدرسة وأنها ترقد الآن في مستشفى الشفاء بغزة، فتوجهت الأم إلى المدرسة وهناك أخبروها بأن رهف ألقت بنفسها من الطابق الثالث ومنها توجهت الأم إلى المستشفى حيث بدأ التحقيق معها من قبل أفراد أمن حماس مدعين بأن رهف قامت بالانتحار نتيجة وجود خلافات عائلية أسرية وهنا كانت الصدمة لنا جميعا".
ويضيف زينو "ما أن وصلت إلى المستشفى للاطمئنان على ابنتي حتى اقتادني أفراد أمن حماس للتحقيق، وهناك أخبروني بأن رهف انتحرت نتيجة خلافات عائلية وسنطوي القضية إلى هنا بأنها انتحار بسبب خلافات عائلية، وهنا جن جنوني لكن الصدمة جعلتني أركز في مصير ابنتي أولا".
ومكثت الطالبة رهف 12 يوما في العناية المكثفة بمستشفى الشفاء، ثم توفيت دون أن يتم متابعة الحالة من أي جهة الأمر الواقع في غزة، الأمر الذي زاد من شكوك العائلة بأن أمرا غامضا يقف وراء جريمة الانتحار التي قامت بها ابنتهم.
ويتابع والدها: "مديرية التربية والتعليم في غزة سعت لتقييد الجريمة بأنها نتيجة خلاف عائلي وهو ادعاء باطل، ولم يكتفوا بذلك؛ بل أنشأوا لها ملف كبير يفيد بأنها تعاني مشاكل نفسية مسبقا، وأن المدرسة تتابع الحالة منذ عامين؛ وهو أمر يدين المدرسة فلو كانت ابنتي تعاني وضعا نفسيا كما يدعون لماذا لم يتم اخباري بالأمر لأقوم كولي أمرها في علاجها".
وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بسخط شديد على ما حدث مع الطالبة رهف، معتبرين أن اهمال المدرسة والتنمر الذي تعرضت له، من أدى إلى انتحارها في الحرم المدرسي.
ووفقا لحديث العائلة، قامت المدرسة بعد وقوع الطالبة على الأرض بتنظيف المنطقة التي سقطت عليها رهف، قبل وصول أجهزة أمن حماس من أجل إخفاء معالم الجريمة، كما أن مديرة المدرسة اتصلت على مديرية التعليم في شرق غزة قبل الاتصال بالإسعاف وهو ما ساهم في مقتل ابنتهم سريعا".
تنمر وراء الانتحار
وبالعودة إلى أسباب انتحار الطالبة، يؤكد والدها أن بعد أيام من الحادث وبينما رهف في العناية المكثفة توجهت مجموعة من زميلاتها إلى بيتها، وأبلغوهم بأن خلافا حادا كان قد نشب قبل الحادث بيومين بين رهف وإحدى مدرساتها، الأمر الذي استدعى المدرسة لعقاب رهف بطردها من الفصل وابقائها خارج الفصل في أجواء البرد بمعرفة مديرة المدرسة، وصولا إلى تسليمها قرار بالفصل من المدرسة، وبعد ذلك حدث انهيار عصبي لرهف، ورغم ذلك إدارة المدرسة لم تلغي قرارها.
ويقول والدها "توجه في اليوم التالي وفد من العائلة نحو المدرسة للوقوف على تفاصيل ما حدث مع ابنتنا، وللأسف (النيابة والمباحث) التابعة لحماس اكتفوا بالتحقيق فيما بعد الحدث وليس في تفاصيل وأسباب ما قبل الحدث، وأجمعوا جميعهم بأن سبب الانتحار خلاف أسري لا دخل للمدرسة فيه".
وتحت إصرار العائلة على عدم وجود خلافات أسرية داخلها، أقرت مديرة المدرسة بأن خلافا نشب بين رهف وإحدى مدرساتها الأمر الذي تصر العائلة على أنه السبب وراء انتحار رهف، لكن هذا الأمر لم يجد آذانا صاغية سواء من أجهزة حماس أو مديرية التعليم في غزة.
تواطؤ مقصود
وتتساءل العائلة "لماذا لم يتم استدعاء الإسعاف على الفور ولماذا حضرت الشرطة قبل الإسعاف! ولماذا تم غسل مكان الجريمة قبل وصول أحد!، وتؤكد أن مديرة المدرسة وفقا لمصادر من داخل المدرسة أعطت تعليمات بعدم الحديث في مصرع رهف وأن من يدلي بأية معلومات سيتعرض للمساءلة والعقاب.
وتوجهت العائلة بكتب رسمية لدى المسؤولين على الأرض في غزة للوصول إلى حقيقة ما جرى، لكن دون جدوى، وهو الأمر الذي تدينه العائلة إذ لم تبادر أي جهة رسمية بالتواصل مع العائلة سواء للتحقيق أو للمواساة على أقل تقدير.
ويقول مختار عائلة زينو الحاج أبو إبراهيم: "في التحقيق أصروا أن يتم فيما بعد الحادث وليس فيما قبله، والادعاء أن سبب الانتحار خلاف عائلي ليس إلا، وهنا لا ندري كيف وقعت ابنتنا؟ هل سقطت من تلقاء نفسها أم أن أحدا دفعها ووقعت؟"
وتؤكد مصادر في العائلة أنها تلقت اتصالا من أحد الموظفين العاملين في وزارة التربية والتعليم يفيد بأن على العائلة التحرك لأن الملف قيد الطي على خلفية أن الانتحار تم بسبب خلافات عائلية، وأن الوزارة أصدرت تعميما بعدم الإدلاء بأية معلومات فيما يتعلق بالحادث.
ويؤكد المختار "حين أخبرنا المباحث التابعة لـ(حماس) بأن خلافا في المدرسة أدى لانتحار الطالبة وأن عليهم التحقيق في الأمر، كان رد المحقق بالحرف الواحد "أنت يا مختار لا تفهم في القانون كما نفهم نحن ولا يحق لك مساءلة أحد حتى لو قامت المدرسة بالتنمر على الطالبة أو معاقبتها فلا حقوق لك لا في العرف ولا في القانون".
ويضيف "هل نعيش نحن في غابة؟ طفلة في مدرسة تسقط ولا أحد يكلف نفسه من مسؤولي غزة أن يحقق في الحادث، نحن كعائلة نريد للحقيقة أن تظهر، اليوم رهف وغدا على من يقع الدور؟ أين الرادع؟"
يشار إلى أن المدرسة اجتمعت الخميس الماضي وكان عنوان الاجتماع "كيف نعيد للمدرسة هيبتها؟" والأولى وفقا للعائلة أن يكون هناك اجتماع للتحقيق في مقتل الطفلة رهف.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها