قبل السابعة صباحا، بدت حركة المواطنين وطلبة المدارس في بلدة سيلة الظهر جنوب جنين طبيعية، الى أن زفت وسائل الإعلام نبأ استشهاد ابن البلدة الأسير سامي أبو دياك (36 عاما) مبددة بذلك هدوء البلدة "المكلومة" التي تحولت شوارعها إلى ثورة غضب.

الإضراب الشامل عم البلدة.. وأشعل الشبان الغاضبون الإطارات وأغلقوا الشوارع أمام حركة المركبات، وأقفلت المحلات التجارية أبوابها، فيما هب طلبة المدارس وأبناء البلدة حاملين الأعلام الفلسطينية وصور الشهيد في مسيرات غاضبة جابت شوارع البلدة صوب منزل الأسير الشهيد.

في أثناء ذلك، كان مستوطنون من مستوطنة "حومش" المخلاة المقامة على أراضي البلدة، يهاجمون منازل أبناء البلدة القريبة من المستوطنة بالحجارة مغلقين الشارع الرئيسي الواصل بين مدينتي جنين ونابلس بالحجارة تحت حماية جيش الاحتلال، ما أدى لاندلاع مواجهات مع الشبان، أطلق خلالها الجنود قنابل الغاز اتجاه المواطنين.

ووصف زياد أبو دياك، خال الشهيد لـ"وفا"، استشهاد سامي بـ"الفاجعة" للبلدة التي توشحت بالسواد وتفجرت بالغضب عقب نبأ استشهاد ابنها سامي، وقال: "الوضع حزين.. سيلة الظهر لبست حلتها السوداء باستشهاد سامي، الذي عانى المرض العضال، ورغم ان المحتل كان يعلم بأن مصيره الاستشهاد إلا أنه رفض الإفراج عنه".

وأشار أبو دياك إلى أنه وفقا للمعلومات التي وصلت العائلة فإن سامي استشهد في سجن الرملة في الساعة 11 مساء أمس، لكن العائلة لم تعلم بوفاته إلا عبر وسائل الإعلام في السابعة صباحا، مؤكدا أن الاحتلال يمارس الموت البطيء بحق الأسرى المرضى.

وناشد العالم بالتدخل للإفراج الفوري عن الأسرى المرضى لتلقي علاجهم في الخارج، قائلا :كان لنا أمل أن يستشهد بيننا، ونهيب بالجميع الوقوف عند مسؤولياته للضغط على الاحتلال لتسليم جثمانه ودفنه في مسقط رأسه ليخفف ألم المصاب على عائلته.

بدوره، أكد أمين سر حركة فتح - اقليم فتح عطا أبو ارميلة، على أن مدينة جنين ستشهد مسيرة غضب ومهرجانا حاشدا في ميدان الشهيد ياسر عرفات أمام مبنى المحافظة، ثم الانطلاق بمسيرة مركبات إلى بلدة سيلة الظهر مسقط رأس الشهيد والمواجهة مع المستوطنين المتواجدين في مستوطنة "حومش" المخلاة.

ولفظ الأسير المريض أبو دياك أنفاسه الأخيرة في مستشفى "سجن الرملة" الإسرائيلي ليل الاثنين - الثلاثاء، وكان اعتقل في 17 تموز 2002، وصدر بحقه حكما بالسجن المؤبد ثلاث مرات إضافة إلى 30 عاما، وكان يعاني من مرض السرطان في الأمعاء.

وزير العدل السابق علي أبو دياك وقريب الشهيد سامي، أكد أن استشهاده كان صاعقة ومتوقعا بذات الوقت، فرغم أن أمنيته الأخيرة أن يستشهد في حضن والدته، ومطلب أهله بالإفراج عنه بأن يقضي ساعاته الأخيرة بينهم، إلا أن الاحتلال رفض ذلك.

وأضاف أن "الاحتلال استمر بجريمته التي شاركت فيها كل السلطات، بما في ذلك المحكمة العليا التي رفضت الافراج عنه رغم التقارير الطبية من مستشفى سجن الرملة التي تؤكد ان حالته خطيرة جدا وأنه ينتظر الموت".

وتابع: "خبر استشهاد سامي كان صاعقا على بلدته سيلة الظهر والوطن جميعا، فهو شهيد الشعب الفلسطيني، كونه كان يعاني من مرض خطير جدا بسبب الاهمال الطبي المتعمد والجريمة الطبية التي ارتكبت بحقه".

وأكد أبو دياك أن ما ارتكب بحق سامي يأتي ضمن الجريمة المنظمة ضد الإنسانية التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على مرآى من كل العالم ووسط الصمت الدولي الذي يستغله الاحتلال لارتكاب جرائمه دون خشية أو عقاب. واشار إلى ان اتفاقيات جنيف نصت على ان السجين المريض الذي لا يرجى شفاؤه "مرض الموت" ، يجبر القانون على الإفراج عنه فورا لتلقي العلاج والعناية الطبية عند أهله او بمعرفتهم، لكن الاحتلال ينتهك كل الاتفاقيات والمواثيق الدولية.