أحتضن ثرى نابلس اليوم الاثنين، جثمان الفدائي حافظ أبو زنط في مسقط رأسه بعد 35 عاما من احتجاز جثمانه في إحدى مقابر الأرقام الإسرائيلية، منذ أن سقط في معركة الجفتلك في الغور منتصف عام 1976.
'مزيج من المشاعر اختلطت علينا جميعا، بين الحزن والفرح والغضب' قال ناصر أبو زنط شقيق الشهيد لمراسلة 'وفـا'.
وخلال مهرجان تشييع جثمان الشهيد حافظ أبو زنط الذي تحول إلى عرس وطني، والذي أقيم اليوم على دوار الشهداء بنابلس، والذي شارك فيه مئات المواطنين، قال شقيق الشهيد ناصر أبو زنط في كلمته لجمهور جبل النار: ' الحمد لله أننا تمكنا من استرداد رفات ابننا حافظ بعد جهود مضنية لنزفّ بجثمانه الطاهر أرض نابلس'.
وأضاف: 'بفضل جهود اللجنة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء ومركز القدس لم يكن ليتم استرداد جثمان شقيقي وإخراجه من مقابر الأرقام، لم يعد حافظ رقما وبات لشقيقي قبر نزوره، ولن يضيع حق وراءه مطالب.'
وطالب أبو زنط الجميع بالسعي وراء حق استرداد جثامين الشهداء الذين تأبى إسرائيل إلا أن تطمس معالمهم بوضعهم في مقابر الأرقام تلك.
ومن جهته، اعتبر محافظ نابلس جبرين البكري هذا اليوم باعتباره وقفة بطولة وعز وكرامة لكل الشعب الفلسطيني لاستقباله رفاة الشهيد أبو زنط، وأشار إلى أن مثل هذا الإنجاز هو شوكة في حلق الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين الذين لا ينفكون على العربدة في الأراضي الفلسطينية، كما وأكد في كلمته تمسك الشعب الفلسطيني بحقوقه وثوابته حتى نيل حق إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.
وقال في كلمته متوجها للأسرى في معتقلات الاحتلال: 'بمزيد نحن معكم يا أسرانا، وسنبقى معكم حتى يتم تحريركم من سجون الاحتلال.'
وفي كلمة لمنظمة التحرير الفلسطينية، حيا عضو اللجنة التنفيذية في 'م.ت.ف' تيسير خالد بما أسماهم أسرى الأرقام من الشهداء والأسرى الأحياء من القابعين في معسكرات الاحتلال الإسرائيلي، واعتبر استرداد رفات الشهيد حافظ أبو زنط بمثابة زفاف تحتفي به مدينة جبل النار، كما وحيا في كلمته الأسرى الذين يخوضون 'انتفاضة السجون' متحدين جبروت الاحتلال وسياسة القمع، وطالب مناطق اللجوء والشتات بالالتفاف حول انتفاضة الأسرى التي تأتي في سياق النهوض الوطني لنيل الحرية والاستقلال وبناء دولة فلسطين.
فيما أكد وزير شؤون الأسرى عيسى قراقع ضرورة الالتفاف حول الأسرى باعتبار القضية هي قضية وطنية، وناشد كل المؤسسات على المطالبة ببقية رفات الشهداء الفلسطينيين التي تعمل إسرائيل على احتجازهم في مقبرة الأرقام: 'حافظ يقول لكم افتحوا ملف مقبرة الأرقام ولا تتغافلوا عنه.'
ومن جهتها عبرت عضو المجلس الوطني خالدة جرار عن إصرار الشعب الفلسطيني على حقه في استرداد جثامين شهدائنا من تلك المقبرة، ورأت في استرداد رفات الشهيد أبو زنط إنجازا عظيما يعبر عن تمسك الشعب بحقه ووفائه لقضيته.
ومثل فلسطينيو مناطق الـ48 في مهرجان تشييع جثمان الشهيد أبو زنط بنابلس جمال زحالقة الذي حيا الشهداء على مر تاريخ حركة المقاومة الفلسطينية، وأعلن دعم فلسطينيي الداخل للأسرى في إضرابهم من خلال برنامج تحركات داعمة في عدد من مدن أراضي الـ48 وأمام سجن جلبوع، مؤكدا أن هذا التحرك سيُوجه بشكل خاص للحكومة الإسرائيلية ورئيس حكومتها بنيامين نتنياهو الذين تعمدوا التضييق على الأسرى داخل المعتقلات بسبب فشلهم في صفقة شاليط، ودعا الفلسطينيين للوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام باعتباره أمرا مهما يخدم المصلحة والقضية الوطنية.
وفي نهاية المهرجان، شيع جثمان الشهيد أبو زنط إلى المقبرة الغربية في نابلس بعد أن نقله المشاركون في التشييع من منزله في المدينة، حيث كان قد تم استلام الجثمان أمس عند حاجز جلجوليا قرب قلقيلية.
وكان الشهيد أبو زنط نجح في الثامن عشر من أيار من العام 1976 واثنان من المقاومين الفلسطينيين من عبور الحدود ضمن مجموعة عسكرية لمهاجمة مستعمرة الحمرا المقامة على أراضي الغور، حيث اصطدموا بكمين لقوات الاحتلال قرب معسكر الجفتلك الذي ما زال موجودا كشاهد مادي على معركة خاضها المقاتلون الثلاثة ضد السلاح الإسرائيلي وسقط فيها شاهر العاروي، وحافظ أبو زنط من نابلس، وخالد أبو زياد من يافا.
وجاء قرار إسرائيل بالإفراج عن جثمان أبو زنط إثر الالتماس الذي تقدّم به مركز القدس للمساعدة القانونيّة وحقوق الإنسان بواسطة المحامي هيثم خطيب.
وكان الإفراج عن جثمان الشهيد العاروري خلال شهر كانون الثاني من العام الماضي 2010، ساهم في مرونة التعاطي مع الإجراءات التي تم اتباعها في تسليم جثمان الشهيد أبو زنط.
وكان المركز أوضح في بيان صحفي له، أن النيابة العامة أبلغت المحكمة الإسرائيلية العليا، موافقتها على تسليم جثمان الشهيد أبو زنط بشرط مطابقة فحص الـ'DNA'، على أن تقوم عائلة الشهيد أو من ينوب عنها بتحمل تكاليف الفحص.
وأشار البيان إلى أن محامي المركز هيثم خطيب، قدّم الالتماس في نهاية العام الماضي وبعد متابعة حثيثة خلال الأشهر الأخيرة مع النيابة العامة التي تمثل القائد العسكري، وتم إبلاغه بقرار الموافقة.
وقال منسق حملة استرداد جثامين الشهداء والكشف عن مصير المفقودين سالم خلة، إن الحملة أطلقها مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان في السابع والعشرين من شهر آب عام 2008 بهدف استرداد جثامين الشهداء الفلسطينيين والعرب، حتى يتمكن ذووهم من تشييعهم ودفنهم وفقا لتقاليدهم الدينية، وبما يليق بكرامتهم الإنسانية.
وبين أن الحملة بدأت بتوثيق الحالات من خلال استمارات أعدتها خصيصا للحملة، تم متابعتها من قبل لجان متابعة محلية، منوها إلى أن ما تم توثيقه منذ إطلاق الحملة إلى الآن بلغ 334 شهيدا وشهيدة ومفقودا، وجميع عائلاتهم تقطن في الأرض الفلسطينية.
ويعتبر السابع والعشرين من شهر آب من كل عام، يوما دوليا لنصرة ذوي الشهداء والمفقودين ليتمكنوا من تشييع أبنائهم بشكل يليق بكرامتهم.
وتوجد أربع مقابر أرقام في شمال أريحا حتى طبريا، جميعها في مناطق عسكرية مغلقة، يحظر على ذوي الشهداء ووسائل الإعلام زيارتها.
ويطالب الفلسطينيون وذوو شهداء مقابر الأرقام بتنفيذ ما جاء في القانون الدولي والإنساني في اتفاقيات جنيف لعام 1949، والتي تلزم دولة الاحتلال باحترام كرامة الموتى، وتمكين ذويهم من تشييعهم ودفنهم وفقا للتقاليد الدينيّة في الأقاليم المحتلة، وبما يليق بالكرامة الإنسانيّة لضحايا الحروب.
ـ
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها