تقرير: أسيل الأخرس
يشبه إلى حدٍّ ما عالم الفيزياء البريطاني الشهير ستيفن هوكنغ، بذكائه وقدراته العقلية المميزة واصراره على النجاح والتفوق رغم ضعفه البدني، وإصابته بمرض جيني نادر تسبب له بشلل رباعي.
أصيل محمد المدني (17عامًا) من مدينة رام الله حقق نجاحاً في الثانوية العامة، يمكن أن يوصف بالاعتيادي إذا ما قورن بمعدلات المتفوقين، إذ حصل على معدل 98.2 في الفرع الأدبي.
"مسيرتي كانت صعبة فيها تعب ونجاحات، إلا أن حالتي الصحية لم تمنعني من اثبات نفسي بالعمل الجاد وصولا الى هذه النتيجة، رغم أنني كنت انتظر الحصول على معدل أعلى"، يقول المدني.
"لم يذهب تعبي سدى والفضل بما وصلت له اليوم لأخي المرحوم أيهم ووالدي ووالدتي واساتذتي، وكل من تمنى لي الخير".
أوصى أصيل بالصاق صورة للعاصمة البريطانية لندن على جدار غرفته، تجسيدا لحلمه بدراسة العلوم السياسية في احدى جامعاتها.
"سأبدأ رحلتي الاكاديمية من جامعة بيرزيت، واتطلع الى اكمال الماجستير والدكتوراه في بريطانيا في العلوم السياسية، حتى اقدم مستقبلا ما يخدم قضيتنا الفلسطينية ويمكننا من التحرر". يضيف أصيل.
أصيل ولد مصابا بالشلل الرباعي، بسبب مرض جيني، ومنذ اللحظة الاولى لولادته احتاج رعاية خاصة، فعضلات جسده ضعيفة ولا يحتمل التعرض للفيروسات، ما اضطر ذويه الى اتخاذ إجراءات وقائية تحول دون تعريضه لخطر الاصابة بالعدوى.
أشرفت والدته حسنة تونسية الأصل على تعليمه خلال المرحلة الابتدائية: "التحق أصيل بمدرسة الرواد، من الصف الأول حتى السادس، وكان يتلقى كافة دروسه في المنزل، وتأتي لجنة مختصة لتقييمه، وبعد ذلك التحق بمدرسة نور الهدى، وفي هذه المرحلة اضطررنا الى احضار أساتذة لتعليمه في المنزل، لعدم المامي باللغة الإنجليزية واختلاف المناهج عن دراستي الفرنسية".
لمست عائلة أصيل أن لديه ذكاء حادا، فكان كافيا أن يتعلم الدرس لمرة واحدة فقط، وحتى خلال استعداده لامتحان الثانوية العامة كانت فترة دراسته لا تتجاوز الأربع ساعات يوميا.
رغم ظروفه الصحية القاهرة، يتمتع اصيل بقدرات ذهنية خارقة، فهو شاب طموح ومثابر، مطلع سياسيا وصاحب ذاكرة بصرية وسمعية فائقة تمكنه من الحفظ والتركيز.
رافقه منذ تعلمه القراءة "حامل كتب"، استخدمه في قراءة مئات المراجع والموسوعات المتنوعة بين الجغرافيا والتاريخ والسياسة، الى جانب اشتراكه في برامج متخصصة على الانترنت لتعلم اللغة الإنجليزية.
حصل أصيل العام الماضي على جائزة أفضل طالب، والتي نظمتها وزارة التربية والتعليم لطلبة الصفين العاشر والحادي عشر على مستوى الوطن.
وحول الصعوبات والتحديات التي واجهتها العائلة، تقول حسنة: "حاولنا دمجه وشقيقه ايهم، الذي توفي جراء اصابته بالمرض ذاته، في المدرسة منذ التحاقه في الصف الأول، الا ان المدارس الخاصة رفضت استقباله، رغم استعدادي لمرافقته وانتظاره خلال تواجده في المدرسة".
"الكرسي المتحرك الذي يستخدمه أصيل، متطور وتم شراؤه من الخارج، ولا توجد أي مراكز في فلسطين او في الدول المجاورة مختصة بصيانته، ما يضطر العائلة للسفر الى تونس لصيانته"، تشير حسنة.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها