قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس "حان الوقت لإيجاد الإرادة السياسية للعمل بحزم من أجل إعمال الحقوق غير القابلة للتصرف لشعبنا، بما في ذلك تحقيق استقلال دولة فلسطين، على أساس حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".

وأضاف سيادته في الكلمة التي ألقاها بالنيابة عنه المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور، أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، في اليوم العالمي للتضامن مع شعبنا، لا يزال لدينا الإيمان بأن السلام العادل يمكن أن يتحقق، رغم كل التحديات والمشاق والنكسات.

وأشار إلى أن هذه "المناسبة تأتي بعد عام من اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2012 القرار التاريخي برفع مكانة فلسطين إلى دولة غير عضو مراقب في الأمم المتحدة، بالطبع يبقى هدفنا ومسعانا الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة وهو حق مشروع وقانوني لشعبنا".

وجدد تأكيده على ما دعا إليه قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة (181) قرار تقسيم فلسطين التاريخية للنظر بعين الاعتبار في طلب العضوية في الأمم المتحدة عام 1949 شرطان؛ التزام إسرائيل بقرار التقسيم وقيام الدولة الفلسطينية، والتزامها بالقرار (194) الذي أُكد في مبادرة السلام العربية والخاص بإيجاد حل عادل ومُتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين.

وأشار سيادته إلى أن الأمم المتحدة دافعت منذ إنشائها، عن قضيتنا وأبقتها أولوية على جدول أعمال المجتمع الدولي، ومدت يد العون لشعبنا، وشرّعت من القرارات والتوصيات ما يُشكّل أساسا لا يمكن تجاوزه في البحث عن الحل العادل والدائم والشامل، و'نؤكد هنا على المؤولية الدائمة للأمم المتحدة إزاء قضية فلسطين حتى يتم إيجاد حل لها بشكل مُرض في جميع جوانبها'.

وعبر الرئيس عباس عن تقديره العميق للجهود التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وللجهود التي تبذلها اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف ورئيسها سفير السنغال عبد السلام ديالو، وأعضاء مكتبها، وكافة الدول الأعضاء والمراقبة في اللجنة، وشعبة حقوق الفلسطينيين بالأمانة العامة للأمم المتحدة، والهادفة إلى تعزيز إعمال حقوق الشعب الفلسطيني وضمان تحقيق سلام عادل ودائم.

وأعرب عن امتنان دولة فلسطين للقرارات القوية والمبدئية المعتمدة من قبل الجمعية العامة ومجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان، وغيرها من الأجهزة والهيئات التابعة للأمم المتحدة، بما في ذلك محكمة العدل الدولية، والتي ساهمت في حماية حقوق شعبنا لعدة عقود وعالجت جميع جوانب الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، بما في ذلك ضمن جملة أمور، قضية اللاجئين الفلسطينيين، حق تقرير المصير، وضع القدس، وحملة الاستيطان الإسرائيلية غير القانونية، والحصار الجائر المفروض على شعبنا في قطاع غزة، وقضية الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية'.

وأعرب الرئيس عباس عن أسفه لعدم تنفيذ القرارات التي لا حصر لها الخاصة بقضية فلسطين، وهي حقيقة زادت من حدة الصراع على مدى عقود وألحقت بشعبنا مشاقا جِسام وحرمته بشكل مستمر من ممارسة حقوقه، هذه الحقيقة المؤسفة تكرس القناعة بأن هناك معايير مزدوجة إزاء قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بإسرائيل والتي لم يتم تنفيذها ما يسمح لإسرائيل أن تتصرف باستمرار وكأنها دولة فوق القانون.

وقال 'هذا العام يصادف مرور 46 عاما منذ حرب يونيو/حزيران عام 1967 والتي احتلت فيه إسرائيل بالقوة الأرض المتبقية من فلسطين التاريخية - الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وقطاع غزة'.

وشدد على ضرورة إنهاء هذا الوضع غير العادل 'يجب أن ينتهي الاحتلال العسكري لأرضنا ولشعبنا، ودعا المجتمع الدولي للعمل بشكل فوري لإرغام إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على الامتثال لالتزاماتها القانونية ولقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ولالتزاماتها الدولية ووضع حد لانتهاكاتها للقانون الدولي وسياساتها وممارساتها غير القانونية والعدوانية والمدمرة.

وأضاف 'لابد من وضع حد حاسم ونهائي للحملة الاستيطانية الإسرائيلية الغادرة والاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، عاصمة دولتنا، ولابد من وقف هدم بيوت الفلسطينيين وتشريدهم منها ومن ممتلكاتهم، ووقف بناء جدار الضم العنصري، ولابد من إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، ورفع الحصار الجائر واللاإنساني عن شعبنا في قطاع غزة، ووقف أعمال وإجراءات تهويد القدس الشرقية وتغيير أو محو الوجود الفلسطيني المسيحي والإسلامي وهوية المدينة المقدسة، ووقف جميع أعمال العنف والإرهاب التي يرتكبها المستوطنون الإسرائيليون ضد السكان المدنيين الفلسطينيين'.

وأوضح الرئيس أن دولة فلسطين لا تزال تواصل العمل بأقصى قدر من المسؤولية لخدمة شعبنا والوفاء بالتزاماتها القانونية وتعهداتها الدولية، وتصرفت باستمرار وبنوايا حسنة من أجل تحقيق السلام، مؤكدة مرارا تمسكها بالمحددات التابعة لعملية السلام المنصوص عليها في قرارات مجلس الأمن ومبادئ مدريد ومبادرة السلام العربية، وخارطة الطريق للجنة الرباعية، وتمسكها بحل الدولتين- دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة ديمقراطية قابلة للحياة ومتصلة جغرافيا، وعاصمتها القدس الشرقية، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمن على أساس حدود ما قبل عام 1967.

وقال 'لقد أبدينا استعدادنا لعدة عقود للوصول إلى حل للصراع مع إسرائيل ينسجم مع القرارات والمبادرات الدولية بإقامة دولتنا الفلسطينية على مساحة 22% فقط من أرض فلسطين التاريخية وعاصمتها القدس الشرقية وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفقاً لقرار الجمعية العامة (194).

وأضاف 'نؤكد من جديد ومرة أخرى هذه الالتزامات وهذا الاستعداد رغم تبدد الآمال والوضع الخطير على الأرض بسبب الانتهاكات الإسرائيلية، فإننا مازلنا مُلتزمون بحل الدولتين وبالمفاوضات مع اعترافنا الكامل بالدعم الحيوي من قبل الولايات المتحدة وأعضاء اللجنة الرباعية وجامعة الدول العربية، وكافة الدول الأخرى المعنية، ولا تزال يدنا ممدودة للسلام.

وأشار إلى أن السبب في اتخاذ قرار منذ بضعة أشهر للدخول في جولة جديدة من المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي هو من أجل التوصل إلى تسوية لكل قضايا الوضع النهائي وإلى اتفاق سلام شامل ونهائي.

وقال: 'باشرنا في هذه المفاوضات وسنستمر فيها بنوايا حسنة ملتزمين بتوفير المناخ المواتي والبيئة المناسبة لاستمرارها بصورة مجدية وبمصداقية من أجل التوصل إلى اتفاق سلام بغية رفع الظلم التاريخي غير المسبوق الذي لحق بشعبنا في النكبة في عام 1948 إلى يومنا هذا'.

وشدد سيادته على أن الجانب الفلسطيني يسعى إلى اتفاق سلام يقود إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل وتحقيق استقلال دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية على كامل الأرض الفلسطينية التي أُحتلت عام 1967، اتفاق سلام يضمن أمن شعبنا وكرامته، ويوفر حلا عادلا ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفق قرار الجمعية العامة 194 كما دعت ونصت عليه مبادرة السلام العربية.

وأكد أن مبادرة السلام العربية التاريخية التي نالت استحسان المجتمع الدولي على نطاق واسع تشكل فرصة حقيقية لتحقيق سلام إقليمي شامل يقدم لإسرائيل اعترافاً عربيا مقابل الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة وتنفيذ حل الدولتين على أساس حدود ما قبل عام 1967.

وقال 'في هذا اليوم، الذي يصادف الذكرى السادسة والستين لصدور قرار التقسيم عام 1947، يتطلع شعبنا بأمل كبير نحو المستقبل، وهو مصمم على الصمود في أرضه وعلى إعمال حقوقه غير القابلة للتصرف، وواثق أن المجتمع الدولي لن يسمح بإضاعة هذه الفرصة التي تُتاح اليوم من أجل حل الصراع العربي-الإسرائيلي على مختلف المسارات، بدءا بجوهر هذا الصراع وأساسه، الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، إنها فرصة لنبدأ عهد جديد من التعاون والتعايش في المنطقة يسود فيه الأمل والسلام والأمن وتُتاح فيه الفرص لمستقبل أفضل لأطفالنا جميعا'.

وأعرب عن امتنانه العميق لجميع الدول الأعضاء وللمنظمات غير الحكومية وللمجتمع المدني ولكل الأشقاء والأصدقاء ولكافة الشعوب المحبة للحرية والسلام في العالم الذين يقفون باستمرار إلى جانب شعبنا، ونحن 'ممتنون لتضامنهم ودعمهم للتطلعات الوطنية المشروعة لشعبنا من أجل تحقيق حريته واستقلاله وتحقيق السلام العادل والدائم'.

وشارك في هذه المناسبة بجانب رئيس اللجنة، المندوب الدائم للسنغال السفير عبد السلام ديالو، نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان إلياسون، نيابة عن بان كي مون، ورئيس الجمعية العامة  للأمم المتحدة جون آش، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر المندوب الدائم للصين السفير ليو جي يي، والمفوض العام لوكالة الأونروا فيليبو غراندي، والمراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة السفير رياض منصور.

وألقيت عدة كلمات لكل من المندوب الدائم لسيريلانكا السفير باليثا كوهونا بصفته رئيس اللجنة الخاصة المعنية بالتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تمس حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، وللسكان العرب في الجولان السوري المحتل، والمندوب الدائم لجمهورية إيران الإسلامية السفير محمد خزاعي، نيابة عن حركة عدم الإنحياز، ومندوبة جمهورية جيبوتي نيابة عن مجموعة منظمة التعاون الإسلامي، والمندوب الدائم لأتيوبيا السفير تيكيدا أليمو نيابة عن الإتحاد الإفريقي، والسفير أحمد فتح الله، نيابة عن الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وديڤيد وايلدمان بالنيابة عن منظمات المجتمع المدني الداعمة لقضية فلسطين، إضافة لمشاركة الفنان الفلسطيني محمد عساف، سفير النوايا الحسنة لوكالة الأونروا..

ورحب المتحدثون بالجهود التي تقوم بها اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، مشددين على ضرورة إعمال الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حقه في تقرير المصير، وتحقيق الاستقلال لدولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية.

وأعربوا عن تأييدهم ودعمهم للمسعى الفلسطيني لحصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة لتأخذ مكانها الصحيح في مجتمع الأمم، مطالبين بوقف جميع الممارسات الإسرائيلية غير القانونية التي تعمق مأساة الشعب الفلسطيني ومعاناته تحت الاحتلال وتعرقل تحقيق الحل القائم على دولتين، بما فيها وقف كافة الأنشطة الاستيطانية غير القانونية وبناء الجدار.

وطالب المتحدثون بوضع حد للمعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ورفع الحصار المفروض عليه بشكل فوري وتام.

وفي نهاية الاجتماع، تلا السفير عبد السلام ديالو أسماء رؤساء الدول والحكومات ووزراء الخارجية الذين بعثوا رسائل تضامن إلى الشعب الفلسطيني وقيادته في هذه المناسبة الهامة.