يتنقل الفلسطيني عوني الهابط، بين عواصم عالمية لشرح معاناة شعبه المستمرة منذ قرن من الزمن بسبب "وعد بلفور المشؤوم"، ومنح بريطانيا وطنا قوميا لليهود على أرض فلسطين.
الهابط (43 عاما) يقود برفقة نشطاء ومتضامنين عرب وأجانب مع القضية الفلسطينية، حملة تجوب عديد العواصم العالمية، لمقاضاة المملكة المتحدة الذي سبّب وعدها المشؤوم بتشريد وتهجير الفلسطينيين في أصقاع المعمورة.
وترفض بريطانيا الاعتذار عن خطئها التاريخي، بل وتصر على استقبال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للاحتفال في لندن لمناسبة مرور مائة عام على "وعد بلفور".
وعد بلفور أو تصريح بلفور هو الاسم الشائع المطلق على الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور بتاريخ 2 تشرين الثاني 1917 إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد، يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين.
واستنكرت القيادة الفلسطينية المواقف البريطانية المنحازة للجانب الإسرائيلي، وطالبتها بتصويب خطئها التاريخي والاعتذار للشعب الفلسطيني بدلا من الاحتفال بهذا الوعد المشؤوم.
وفي هذا الصدد، قال عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس هيئة العمل الوطني في قطاع غزة زكريا الأغا، إن القيادة الفلسطينية ستلجأ للمحاكم الدولية لمقاضاة بريطانيا على رفضها الاعتذار عن وعد بلفور، الذي شكل بداية أبشع ظلم تاريخي فرض على شعبنا الفلسطيني عندما هجر وطرد من دياره إلى مخيمات اللجوء في الوطن والشتات.
وأوضح الهابط رئيس الحملة الشعبية لمقاضاة المملكة المتحدة، أنهم نظموا فعاليات احتجاجية أمام سفارات المملكة المتحدة في أوروبا للضغط على الحكومة البريطانية للاعتراف ببطلان "وعد بلفور" والاعتذار من الشعب الفلسطيني، والعمل على عودة اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم عن مائة عام من التشريد وفقدان الهوية.
وأشار لـ"وفا" إلى أنه يشارك في هذه الفعاليات الآلاف من أحرار العالم ومحبي الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، لافتا إلى أنهم سينظمون لمناسبة مئوية الوعد المشؤوم عديد الفعاليات الاحتجاجية في عواصم أوروبية وعالمية.
وفي برلين أطلق البيت الفلسطيني والحملة الشعبية الفلسطينية لمقاضاة المملكة المتحدة، حملة جمع تواقيع لإسقاط وعد بلفور باللغات العربية والانجليزية والألمانية والاسبانية والفرنسية.
وتطالب الحملة بريطانيا بصفتها المسؤولة عن معاناة وتشريد الشعب الفلسطيني، بالاعتراف ببطلان وعد بلفور الذي بموجبه تم منح اليهود وطنا قوميا لهم في فلسطين، والاعتذار من الشعب الفلسطيني عن هذا الوعد والخطأ التاريخي الكبير.
كما تطالب بالعمل على إعادة اللاجئين الفلسطينيين إلى الأراضي التي هُجِّروا منها قسرا، علما بأن حق العودة من الحقوق العينية الشخصية والذي لا تستطيع الدول التنازل عنه، وأيضا تعويض اللاجئين الفلسطينيين عن مائة عام من التشرد وفقدان الهوية، والمساعدة الجادة على إقامة دولة فلسطينية مستقلة آمنة تعيش جنبا إلى جنب مع جيرانها.
حين صدر الوعد المشؤوم كان تعداد اليهود في فلسطين لا يزيد عن 5% من مجموع عدد السكان، وقد أرسلت الرسالة قبل شهر من احتلال الجيش البريطاني فلسطين، ويطلق المناصرون للقضية الفلسطينية عبارة "وعد من لا يملك لمن لا يستحق" لوصفهم الوعد.
من جانبه، طالب الكاتب والمحلل السياسي مازن صافي، بريطانيا بتحمل مسؤولياتها التاريخية عمّا حدث للشعب الفلسطيني جرّاء منحها "وعد بلفور المشؤوم" لليهود الذي أدى إلى قيام دولة إسرائيل فوق أرض فلسطين وما ترتب عليه من نكبات وويلات وتشريد للشعب الفلسطيني.
وتحدث صافي لـ"وفا"، عن تنفيذ العصابات الصهيونية جرائم ومجازر وطرد وتهجير الفلسطينيين من أراضيهم وإحراق ممتلكاتهم، مؤكدا أن اعتذار بريطانيا عن خطئها هو حق فلسطيني وجزء يتجزأ من معالجة التاريخ مثلما فعلت ألمانيا مع إسرائيل وما قامت به اليابان بعد الحروب العالمية.
ورأى المحلل السياسي، أن افتخار بريطانيا بوعد بلفور وإصرارها على الاحتفال بمرور مائة عام على إصداره يعني أنها تتنصل من مسؤولياتها ومن الحقوق الإنسانية والسياسية والقانونية والتاريخية للشعب الفلسطيني، بل يثبت عجز هيئة الأمم المتحدة عن القيام بمهامها لأن بريطانيا واحدة من الدول الرئيسة فيها.
وأمام هذا الرفض البريطاني، لفت صافي إلى أنه من حق دولة فلسطين تصعيد الحراك الدبلوماسي والسياسي في كل العالم لفضح انحياز بريطانيا لإسرائيل، إضافة إلى تنظيم فعاليات في الوطن والشتات وفي كل العالم للاحتجاج على الموقف البريطاني ومطالبتها بالاعتذار، ودعما لجهود القيادة الفلسطينية.
ودعا بريطانيا إلى تحويل مواقفها التي تدعي فيها دعمها لحل الدولتين إلى مواقف شجاعة تصحح من خلالها الخطأ التاريخي الذي ارتكبته قبل مائة عام، مشيراً إلى أن النضال الوطني الفلسطيني سواء اعتذرت بريطانيا أم لم تعتذر- مستمر ومتصاعد حتى إنهاء الاحتلال وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها