عقد الجانبان الفلسطيني والاسرائيلي جولة مفاوضات جديدة امس في القدس الغربية رغم وجود أزمة كبيرة بين الجانبين لا سيما بسبب الخلاف على جدول الاعمال واستمرار الاستيطان وحدود وامن الدولة الفلسطينية في المستقبل. فيما شن نائب وزير الخارجية الإسرائيلي زئيف الكين حملة شديدة ضد قيام دولة فلسطينية مؤكدا رفضه القاطع لمثل هذا التصور، معتبرا ان "الاتفاقات لا تجلب السلام والأمن دائما، بل هي تجلب في بعض الأحيان المزيد من الدماء". وجاء ذلك بالتزامن مع قيام 16 عضو كنيست من "الليكود" و"البيت اليهودي" بإرسال رسالة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عشية لقائه مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، يطالبونه فيها بـ"عدم تكرار خطأ أوسلو"، وطالبوه بأن يعرض على كيري ان موقف اسرائيل الواضح وهو "ان اسرائيل لن تسلم مزيدا من قطاعات الوطن الى السلطة الفلسطينية".
وقال مسؤول فلسطيني لوكالة فرانس برس "عقد الوفدان الفلسطيني والاسرائيلي جلسة مفاوضات جديدة اليوم رغم وجود ازمة كبيرة بين الوفدين بسبب التعنت الاسرائيلي". وكشف المسؤول الذي فضل عدم ذكر اسمه انه "حتى الآن لم يتم الاتفاق على جدول اعمال للتفاوض عليه بين الجانبين رغم عقد اكثر من ثماني جلسات تفاوضية".
وأوضح "الجانب الفلسطيني يريد جدول اعمال يشمل قضايا الوضع النهائي وعددها ستة اضافة لقضية الاسرى لكن الجانب الاسرائيلي قدم ورقة لجدول اعمال مقترح من سبعة عشر بندا منها يهودية الدولة وقضايا تفصيلية كثيرة".
وقال "انه بسبب الخلاف حول جدول الاعمال اتفق على ان يتم الحديث عن قضيتي الامن والحدود الا ان اسرائيل اقترحت ان يتم البدء اولا بالامن كمدخل للمفاوضات". وتابع "الجانب الفلسطيني وافق على ان يتم الحديث عن الامن لكننا اوضحنا ان رؤيتنا للامن هي اننا نتحدث عن الامن لدولة فلسطين على حدود عام 1967 وهو ما رفضه الجانب الاسرائيلي".
وقال المسؤول "ان اسرائيل هددت في احدى الجلسات التفاوضية ان تضم منطقة نهر الاردن الى دولة اسرائيل لتكون منطقة فاصلة بين الاردن وفلسطين او ان يبقى فيها الجيش الاسرائيلي لعدة سنوات". وقال "الوفد الاسرائيلي يرى ان منطقة نهر الاردن وهي الحدود الفاصلة بين الاردن وفلسطين يجب ان تبقى تحت السيطرة الاسرائيلية مع وجود معابر فلسطينية لكن الجانب الفلسطيني يرفض ذلك".
وقال المسؤول الفلسطيني ان الرئيس محمود عباس "ربما يتراجع عن قبول دولة منزوعة السلاح اذا بقيت محاولات الابتزاز الاسرائيلية هذه ورفضهم مفاوضات جدية". واضاف ان "اسرائيل حتى ترفض وجود الطرف الاميركي في المفاوضات ولم يحضر المبعوث الاميركي الا جزءا من جلسة واحدة لكن الطرف الفلسطيني يلتقي (المبعوث مارتن) انديك قبل كل جلسة وبعدها لوضع الادارة الاميركية بصورة كل التفاصيل باعتبار الولايات المتحدة الراعي الاساسي للمفاوضات".
وشدد "نحن نرى اذا ارادت اسرائيل مفاوضات جدية فيجب ان يحضرها الطرف الاميركي ويكون فيها دور للرباعية الدولية وان تبدأ جلسات مفاوضات ماراثونية دون توقف لكن اسرائيل واضح انها غير معنية حتى الآن".
وقال "ان قضية مواصلة الاستيطان ورفض اسرائيل لوجود الطرف الفلسطيني على حدود عام 1967 يعمق الخلافات ويضع المفاوضات في ازمة، حتى الان هي ازمة صامتة لكنها ممكن ان تنفجر اذا استمر الصلف والتعنت الاسرائيلي ودون اي تدخل فعلي من قبل الادارة الاميركية".
من جانبه اشار امين سر منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه في حديث لـ"صوت فلسطين" الى ان تصريحات وزير الخارجية الاميركي جون كيري الاحد "لا تدل على وجود تقدم بل تدل على وجود نوايا اميركية للتقدم بالمفاوضات". وقال "لا يوجد اي تغيير على الارض في سياسة اسرائيل يجعلنا نتفاءل في عملية السلام بسبب السياسة الاسرائيلية".
وأوضح "اسرائيل تطرح الأمن والأمن اولا وان يتم ترسيم الحدود بناء على رؤيا أمنية وهذه نظرة استعمارية ولو تم ترسيم حدود دول العالم بناء على الامن لعاش العالم الان كله في حروب". واكد ان "المؤشرات سلبية جدا وليست ايجابية بالرغم من كل النوايا الاميركية الحسنة وجهود الجانب الفلسطيني لانجاح المفاوضات".
وقال عبد ربه "ان من بين مطالب اسرائيل ان تستولي على الاغوار وتريد السيطرة على الحدود مع الاردن مباشرة اي منطقة نهر الاردن رغم ان لها حدودا مع الاردن". واتهم اسرائيل بانها "تريد مفاوضات بدون مضمون لمسايرة العالم حتى انتهاء فترة الادارة الاميركية الحالية وهم يناورون ويتلاعبون ونحن نريد تسوية".
من جانبه طالب تيسير خالد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير بالانسحاب الفوري من المفاوضات. وقال ان "الانسحاب بات مطلبا ملحا وواجبا وطنيا بعد ان حولتها حكومة اسرائيل الى غطاء للاعتداءات ولانتهاكات حقوق الانسان والى غطاء لأوسع حملة استيطانية عدوانية يجري من خلالها بناء آلاف الوحدات السكنية للمستوطنين من أجل تدمير حل الدولتين في حدود عام 1967".
وقال "المفاوضات عقيمة .. وتدور حول نفسها وتراوح مكانها بعد أن عادت بها اسرائيل ، كما هي العادة الى نقطة الصفر وأغرقتها بالتفاصيل بعيدا عن القضايا الجوهرية".
في غضون ذلك، شن نائب وزير الخارجية الإسرائيلي زئيف الكين حملة شديدة ضد قيام دولة فلسطينية مؤكدا رفضه القاطع لمثل هذا التصور. وجاء ذلك بالتزامن مع قيام 16 عضو كنيست من "الليكود" و"البيت اليهودي" بإرسال رسالة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عشية لقائه مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، يطالبونه فيها بـ"عدم تكرار خطأ أوسلو".
صحيفة "معاريف" العبرية التي نقلت أقوال الكين في موقعها على الشبكة، امس، قالت إنها جاءت بعد ساعات من اللقاء المشترك، الذي جمع بين نتنياهو وكيري وقال فيه الأخير إن حل الدولتين مقبول على الطرفين.
الكين قال خلال اجتماع احتفالي لناشطي الليكود: "قبل 11 عاما طرح هذا السؤال على مركز الليكود، هل يجب أن نسمح بقيام دولة فلسطينية؟، فقال نتنياهو، الذي قاد النقاش في حينه، نعم لدولة فلسطينية يعني لا لدولة يهودية ونعم لدولة يهودية يعني لا لدولة فلسطينية".
وأضاف نائب وزير الخارجية الاسرئيلي "ونحن نحيي اليوم ذكرى مرور عشرين عاما على اتفاق أوسلو، يجب أن نذكر أنه منذ قيام إسرائيل قتل 2500 إسرائيلي في عمليات تفجيرية، 1500 منهم بعد اتفاق أوسلو، الأرقام تتحدث عن نفسها، عندها بدأ بحر الدموع الذي أراد رابين وقفه".
وأضاف: "الاتفاقات لا تجلب السلام والأمن دائما، بل هي تجلب في بعض الأحيان المزيد من الدماء، بات معروفا أن سبب النزاع ليس المستوطنات رغم أن هذا ما يقولونه لنا فقد كان النزاع قبل المستوطنات وعندها أيضا كان الهدف هو التخلص منا".
وتطرق الكين إلى أقوال نتنياهو في اجتماع مركز الليكود قبل 11 عاما والتي أقر فيها رفض إقامة دولة فلسطينية، بما يتعارض مع موقف رئيس الحكومة، في حينه، أرئيل شارون. نتنياهو قال في الجلسة الشهيرة أقوالا تصلح اليوم أيضا"، على حد قول الكين، قال إن الفلسطينيين سيتمتعون بكل الحقوق إلا حقا واحدا هو حق إبادة دولة إسرائيل لذلك سيحصلون على حكم ذاتي وليس على دولة.
وتابع الكين، يقولون إن الدولة الفلسطينية هي حلم المستقبل ولنا أيضا يوجد حلم، أن يسكن الذئب والحمل معا، وعندما يتحقق هذا الحلم في الشرق الأوسط. سنجمع مركز الليكود ونبحث قضية الدولة الفلسطينية من جديد.
من جهته قال رئيس الائتلاف الحكومي ياريف لفين إنه لن يدير ائتلافا سيؤدي إلى دولة فلسطينية، ملوحا بأنه سيبقى في منصبه طالما تسير الحكومة في الطريق الصحيح، على حد تعبيره.
وأكد لفين ضرورة البناء والاستيطان في كافة المناطق، والحفاظ على العدل الاجتماعي، ومنع محاولات السيطرة على الليكود، في إشارة إلى محاولات الدمج بين الليكود و"يسرائيل بيتنا" التي تثير تخوفات حول إلغاء الانتخابات التمهيدية (البرايمريز) في الليكود.