اعلنت السلطات السورية انها توصلت الى اتفاق مع الامم المتحدة للسماح لخبرائها بالتحقيق في الاتهامات الموجهة الى النظام باستخدام اسلحة كيماوية في ريف دمشق قبل اربعة ايام، في ظل حركة اتصالات دولية ضاغطة حول خيارات الرد على هذا الهجوم من بينها الخيار العسكري. واعلنت الامم المتحدة انها ستبدأ التحقيق اليوم الاثنين، فيما اعتبرت واشنطن ان الموافقة "جاءت متأخرة لدرجة لا يمكن تصديقها".
وفي حين حذرت موسكو من "خطأ مأساوي" يتمثل بعملية عسكرية محتملة في سوريا، داعية الى العقلانية، اكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ان النظام السوري استخدم السلاح الكيماوي واعلن انه "على اتصال وثيق مع الرئيس الاميركي باراك اوباما للرد بشكل مشترك على هذا الاعتداء غير المسبوق".
واعتبر رئيس الحكومة الفرنسية جان مارك ايرولت امس ان "المجتمع الدولي لا يمكنه ان يسكت عن هذه الجريمة ضد الانسانية"، مستبعدا في الوقت نفسه ضمنا اي عمل فوري من قبل فرنسا. وقال ايرولت "نشدد على ضرورة ان تتمكن بعثة الامم المتحدة من القيام بتحقيقاتها بشكل كامل وحر وسريع لكشف حقيقة" ما جرى، مذكرا بان الرئيس فرنسوا هولاند تحادث هاتفيا خلال النهار مع نظيره الاميركي باراك اوباما ورئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون ورئيس الحكومة الاسترالية كيفن راد والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل.
واضاف المسؤول الفرنسي "يبدو من المؤكد عمليا ان نظام بشار الاسد استخدم السلاح الكيماوي ضد شعبه". وتابع "بعد انتهاء هذا التحقيق نتوقع من المجتمع الدولي موقفا حازما وواضحا. على مجلس الامن ان يجتمع. والمجتمع الدولي لا يمكن ان يسكت عن هذه الجريمة ضد الانسانية".
ونقلت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية قوله "تم الاتفاق اليوم (الاحد) في دمشق بين حكومة الجمهورية العربية السورية والامم المتحدة (...) على تفاهم مشترك يدخل حيز التنفيذ على الفور حول السماح لفريق الامم المتحدة برئاسة البروفسور آكي سيلستروم بالتحقيق في ادعاءات استخدام الاسلحة الكيماوية" في ريف دمشق.
وأعلنت الامم المتحدة بعد وقت قصير على التصريح السوري بان بعثتها "تستعد للقيام بأنشطة تحقيق" في المواقع التي يفترض انها شهدت هجوما كيماويا اعتبارا من الاثنين 26 آب.
وسارعت الولايات المتحدة الى التشكيك في الموقف السوري. وقال مسؤول اميركي كبير "لو لم يكن للحكومة السورية ما تخفيه وأرادت ان تثبت للعالم انها لم تستخدم اسلحة كيماوية في هذا الحادث، لكانت اوقفت هجماتها على المنطقة ومنحت الامم المتحدة وصولا فوريا اليها قبل خمسة ايام"، معتبرا ان الموافقة "جاءت متأخرة الى درجة لا يمكن تصديقها".
وكان مسؤول اميركي آخر اشار في وقت سابق الى ان استخدام قوات النظام السوري اسلحة كيماوية "شبه مؤكد".
وشهدت الساعات الماضية حركة دبلوماسية ناشطة تناولت كيفية التعامل مع المسألة.
واعلن عن اتصال تم الخميس بين وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره السوري وليد المعلم. وقال مسؤول في وزارة الخارجية الاميركية ان كيري ابلغ المعلم انه "لو لم يكن لدى النظام السوري شيء يخفيه كما يزعم لكان عليه ان يسمح بوصول فوري وبلا عراقيل الى موقع" الهجوم الكيماوي المفترض لمحققي الامم المتحدة.
وقالت رئاسة الوزراء البريطانية ان "استخداما كبيرا للأسلحة الكيماوية يستحق ردا جادا من المجتمع الدولي".
وصرح وزير الدفاع الاميركي تشاك هيغل امس ان القوات الاميركية مستعدة للتحرك ضد النظام السوري، مشيرا الى ان واشنطن ما زالت تقيم خياراتها، والى ان اوباما "طلب من وزارة الدفاع اعداد خيارات لكل الحالات".
في المقابل، حذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش "من يتحدثون عن امكان شن عملية عسكرية في سوريا عبر محاولتهم مسبقا فرض نتائج التحقيق على خبراء الامم المتحدة، الى التحلي بالعقلانية وعدم ارتكاب خطأ مأساوي". كما حذرت روسيا من تكرار "مغامرة العراق".
وحذرت ايران، حليفة النظام الاخرى، امس من "تداعيات شديدة على البيت الابيض" اذا تجاوزت واشنطن "الخط الاحمر" في سوريا.
ودعت جامعة الدول العربية الى عقد "اجتماع عاجل" على مستوى المندوبين لمجلس الجامعة الثلاثاء المقبل في القاهرة بهدف البحث في "ما تداولته وسائل الاعلام حول الجريمة المروعة التي وقعت في منطقة الغوطة الشرقية بدمشق واودت بحياة مئات الضحايا الابرياء جراء استخدام السلاح الكيماوي".
ودعا الاردن الاحد الى معاقبة من يثبت تورطه باستخدام اسلحة كيماوية في سوريا وذلك قبيل استضافته اجتماعا دوليا لرؤساء اركان جيوش عدد من الدول بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا لبحث تداعيات النزاع السوري.