تلقى الرئيس محمود عباس مساء امس، اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية الأميركي جون كيري، بحثا خلاله مستجدات العملية السلمية، عشية بدء المفاوضات.
وكان كيري اعلن في وقت سابق من يوم امس ان الرئيس عباس ملتزم بمواصلة محادثات السلام مع اسرائيل رغم مسألة بناء المستوطنات الاسرائيلية. وقال كيري اثناء زيارة لبرازيليا "ساتحدث مع الرئيس عباس اليوم (الثلاثاء) .. وهو ملتزم مواصلة المشاركة في المفاوضات لانه يؤمن بأن المفاوضات هي التي ستحل هذه المسالة".
وصرح وزير الخارجية الاميركي في مؤتمر صحفي اعقب محادثات مع نظيره البرازيلي انتونيو باتريوتا "دعوني اوضح لكم ما يأتي: ان سياسة الولايات المتحدة المتعلقة بجميع المستوطنات هي انها غير شرعية".
وتدارك "ولكن، ومع ذلك، فقد كان رئيس الوزراء الاسرائيلي (بنيامين نتنياهو) صريحا معي ومع الرئيس عباس انه سيعلن بعض البناء الاستيطاني الاضافي في مناطق لن تؤثر على خارطة السلام، ولن يكون لها تأثير على القدرة للتوصل الى اتفاق سلام".
واكد كيري "ضرورة بدء مناقشة مسألتي الحدود والأمن".
وفي كولومبيا الاثنين، حض كيري الفلسطينيين على "عدم الرد سلبا" على اعلان اسرائيل بناء وحدات سكنية جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية. وقال ان هذا الاعلان "كان نوعا ما منتظرا" ولا يجوز ان يصبح "عقبة" امام عملية السلام التي استؤنفت.
واشار كيري في بوغوتا الى اهمية حل مسألة المستوطنات الاسرائيلية سريعا في الاراضي الفلسطينية، وذلك غداة اعلان اسرائيل عن بناء وحدات سكنية جديدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وخلال مؤتمر صحفي مع نظيرته الكولومبية ماريا انغيلا هولغوين، ذكر كيري بان الولايات المتحدة "تعتبر جميع المستوطنات غير شرعية". واوضح انه اجرى محادثات خلال النهار مع نتنياهو وانه كرر هذا الموقف "بشكل واضح جدا".
واضاف "بعد حل مسائل الأمن والحدود يمكنكم حل مسألة المستوطنات". وقال ايضا "اطلب من جميع الاطراف عدم التحرك سلبيا ولا العمل بشكل سلبي (..) ولكن بتفهم اهمية الظرف والسير الى الامام بهدوء وحذر من اجل التفاوض على مسائل كبيرة".
وقال موقع "يديعوت احرونوت" الاسرائيلي إن تقريرا لشبكة "بلومبيرغ" الأميركية كشف النقاب عن أن كيري حذر نتنياهو، من مغبة فشل المفاوضات مع الفلسطينيين. وبحسب الموقع فإن كيري قال لنتنياهو إن مثل هذا الفشل سيزيد من عزلة إسرائيل الدولية.
وبحسب الموقع الإسرائيلي فقد استخدم كيري في حديثه مع نتنياهو تعبيرا صريحا هو "مواجهة حملة لنزع الشرعية حتى عن تزويد إسرائيل بالمنشطات "ستيريوئيديم"، وأن المقصود من التعبير المذكور هو حملة لنزع الشرعية عن إسرائيل، أشد وأقوى من الحملة الحالية.
وجاء في التقرير المذكور أنه يسود في أوساط المحيطين بكيري والمقربين منه، شعور بأن العزلة الدولية ضد إسرائيل تقلق نتنياهو بنفس درجة القلق التي يسببها له مشروع البرنامج النووي الإيراني، وليس فقط بسبب التداعيات الاقتصادية لهذه العزلة، وإنما بسبب إسقاطات ذلك على هامش حرية ومناورات إسرائيل سياسيا وأمنيا، وبضمن ذلك قدرة إسرائيل على القيام بعمليات مختلف عليها دوليا، بدون دعم ومساندة دولية.
وقالت الشبكة الأميركية في تقريرها إن أقوال كيري هذه جاءت على خلفية قرار الاتحاد الأوروبي فرض مقاطعة على المستوطنات الإسرائيلية ومقاطعة كافة الشركات ومراكز البحث العلمي الإسرائيلية العاملة وراء الخط الأخضر. وحذر كيري نتنياهو من أن عدم التقدم في المفاوضات سيزيد من حدة العقوبات الأوروبية، بحيث يكون القرار الأوروبي الأخير بداية لحملة مقاطعة شاملة ضد إسرائيل.
واعطت اسرائيل امس دفعا لتسريع البناء الاستيطاني من خلال موافقتها على بناء 942 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية المحتلة عشية استئناف المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية، في خطوة قال مسؤول فلسطيني انها تهدد "بانهيار" المفاوضات.
ويأتي هذا الاعلان الذي وافقت عليه بلدية الاحتلال في القدس وأكده عضو بلدي قبل وقت قصير من اطلاق اسرائيل سراح 26 اسيرا فلسطينيا كدفعة اولى من 104 اسرى سيطلق سراحهم بالتزامن مع مفاوضات السلام بين الطرفين.
واعطت الحكومة الاسرائيلية الاحد الضوء الاخضر لبناء 1187 وحدة استيطانية في الضفة الغربية المحتلة واحياء استيطانية في القدس الشرقية التي يريدها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم العتيدة. والمشروع الاستيطاني الجديد الذي اعلن امس سيكون في حي جيلو الاستيطاني جنوب القدس بمحاذاة مدينة بيت جالا. واكدت البلدية في بيان ان المشروع الجديد اجتاز خطوة جديدة مع "التصريح الممنوح من وزارة الداخلية" مشددة على ان هذه ليست خطة جديدة ولكنها مواصلة "لمشروع تطوير جيلو الذي اعلن قبل عامين".
وصرح نائب رئيس البلدية يوسف بيبي علالو الذي ينتمي الى المعارضة اليسارية انه "قرار رهيب يعد استفزازا للفلسطينيين والاميركيين والعالم باسره الذين يعارضون جميعا مواصلة الاستيطان".
وكشف مسؤول في المنظمة غير الحكومية الاسرائيلية "السلام الآن" المعارضة للاستيطان ان قرار البلدية يشمل امكان بناء 300 وحدة اخرى ايضا في مرحلة لاحقة. وقال المسؤول في المنظمة ليور اميحاي ان "الحكومة تفعل كل شيء لتخريب المفاوضات حتى قبل ان تبدأ".
من جهته، صرح امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه لوكالة فرانس برس ان "هذا التوسع الاستيطاني غير مسبوق ويتناقض مع الالتزامات التي قطعتها الولايات المتحدة قبل بدء المفاوضات".
واكد عبد ربه ان ذلك " يهدد المفاوضات نفسها بالانهيار قبل ان تبدأ. واذا كانت البداية للعملية التفاوضية بتوسيع الاستيطان في كل الضفة الغربية والقدس الشرقية فكيف ستكون النهاية؟".
وبحسب عبد ربه فان اسرائيل "تواصل الاستيطان وتزعم ان قراراتها الاستيطانية تحظى بدعم اميركي"، مشددا على الحاجة الى "تدخل اميركي واوروبي ودولي حازم وعدم معالجة القضية وكانها قضية عابرة".
ويثير البناء الاستيطاني المستمر على الأرض دون هوادة شكوكا جدية فيما إذا كانت أحدث جولات المفاوضات التي تتم بوساطة أمريكية ستسفر عن اتفاق لاقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش بجوار إسرائيل. وقال داني دايان الرئيس السابق لحركة المستوطنين "أصبح حل الدولتين الآن غير قابل للتحقيق" موضحا أن أي اتفاق يروق للفلسطينيين سيتضمن إجلاء الكثير من المستوطنين بدرجة يستحيل تطبيقها.
وبعد جولة أولية من الاجتماعات عقدت في واشنطن في نهاية الشهر الماضي تبدأ المناقشات الفعلية اليوم الأربعاء حيث تلتقي وزيرة القضاء الإسرائيلية تسيبي ليفني بكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات في فندق الملك داود بالقدس.
وسيقوم المبعوث الأميركي مارتن انديك بدور الوساطة في المفاوضات وتم الاتفاق على عقد الاجتماع المقبل في وقت لاحق هذا الشهر في مدينة أريحا.
وقال دانيال سيدمان وهو محام وخبير في التوسع الاستيطاني إن إسرائيل وافقت خلال الساعات الأربع وعشرين الأخيرة على زيادة بنسبة 3.26 في المئة في عدد الوحدات السكنية بالقدس الشرقية وحدها مضيفا أن هذا قد يقضي على فرص السلام. وقال "أعتقد أن السيد نتنياهو ربما أخطأ الحسابات في هذا. لن يذرف أي دمعة إذا انهارت المحادثات لكنه سيذرف الدمع إذا ألقيت عليه المسؤولية في هذا".