يمكن الاعتقاد مع دخول زمن تقديم القوائم للجنة الانتخابات المركزية، بأن التحالفات السياسية بين مكونات الشعب العربي الفلسطيني في داخل اراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967 قد تبلورت. قوى اليسار الخمس: الجبهتان الشعبية والديمقراطية وحزب الشعب و"فدا" والمبادرة الوطنية، اعلنت رسميا تحالفها في قائمة واحدة بعنوان "التحالف الديمقراطي"، وحركة فتح اعلنت عن تشكيل قوائمها تحت عنوان " كتلة التحرر الوطني والبناء .. تحدي، صمود، شراكة، تنمية"، والقوى القومية الاربع: جبهة التحرير الفلسطينية والعربية الفلسطينية والنضال الشعبي وجبهة التحرير العربية، اعلنت عن تشكيل الائتلاف"الوطني الديمقراطي"، واما حركة حماس فبقيت محتفظة باسم قائمة "التغيير والاصلاح". ومازال الوقت مبكرا الحديث عن إئتلافات من المستقلين ورجال الادارة المدنية الاسرائيلية (روابط القرى).
هذه القوائم شرعت عمليا في إستنهاض همم اعضائها وكوادرها وانصارها، لان المعركة للانتخابات البلدية والمحلية ليست ذات طابع خدماتي لوجستي فقط، بل هي معركة سياسية بامتياز. ولن تكون المعركة سهلة بالنسبة لكل القوى والفصائل. وبالتالي ستشهد المدن والبلدات والقرى ال416 منافسة محتدمة بين القوى المختلفة. الامر الذي يفرض على الجميع التمتع بروح المسؤولية العالية دفاعا عن مكانته وثقله في هذه المحافظة او تلك، فضلا عن الوطن ككل بمحافظاته ال16.
لكن ما استوقف المرء في هذه اللحظة، ان القوى الاربعة، التي شكلت "الائتلاف الوطني الديمقراطي"، واعلنت في اجتماع اللجنة النفيذية الاخير عن تحالفها الواضح والصريح مع حركة فتح، كما صرحت عن ذلك في اجتماع القوى الوطنية في رام الله وغزة. ورحبت حركة فتح بذلك، واعلنت عن ستعدادها للتعاون معها، قامت بتشكيل قوائم إئتلافية (نابلس مثال على ذلك) مع غيرها ودون التشاور معها او وضعها في الصورة لما جرى او يجري في العديد من المحطات الانتخابية. لاسيما وان قوى الائتلاف الاربعة ليست موجودة في كل المدن والبلدات والقرى. إلآ ان ذلك لا يلغي إشراكها في الحوار وفيما آلت اليه الامور، وإشعارها باهمية رهانها على التحالف مع حركة فتح، وذلك لتعزيز طابع الشراكة السياسية. وطمأنة تلك القوى على دورها كشريك للحركة في تعزيز دور ومكانة فتح في معركة الانتخابات المحلية. بعكس ما قامت به الحركة في غزة حيث حرصت الحركة على التنسيق مع قوى "الائتلاف الديمقراطي" الاربعة. رغم انها شكلت من حيث المبدأ قوائمها إلآ انها طلبت من الائتلاف ترشيح اسماء من عنده لاضافتها للقوائم. وهذا اعطى مصداقية اعلى لعملية الشراكة السياسية.
من المؤكد ان حركة فتح في بعض المدن مثل الخليل ونابلس وجنين وبيت لحم والبيرة وحتى رام الله بحاجة لوضع ثقلها الشعبي كله، واستثمار كل طاقة يمكن ان تعزز من فوزها وترسيخ مكانتها القيادية في الشارع الوطني والخدمي. وبالتالي قد تقفز عن ضوابط الشراكة والتنسيق مع قوى الائتلاف. كما فعلت في مدينة نابلس بالتحالف مع الحاج عدلي يعيش، المحسوب على حركة حماس، رغم انه اكد في مؤتمر صحفي، انه مستقل، وليس له إنتماء حزبي، وقبلت فتح بالتناوب بين يعيش وممثلها سنتين لكل منهما في رئاسة البلدية، دون التشاور معها او وضعها في صورة التطورات.
التحالفات في الانتخابات البلدية والمحلية الان، هي فرصة لتجسيد الشراكة مع القوى السياسية المختلفة، وفتح افق امام القوى السياسية والمستقلين للرهان على التعاون مع حركة فتح في المستقبل.لانه من الضروري ان تعي كل القوى الفاعلة في الساحة السياسية، ان حسم المعارك لم يعد رهن تقرير فصيل لوحده بغض النظر عن ثقله في الساحة. تغيرت المعايير نسبيا، وهناك حاجة لتعزيز الشراكة بين القوى الفاعلة والمؤثرة في المشهد السياسي والبلدي، عبر تثبيت مبدأ التعاون مع القوى الوطنية والديمقراطية لخوض المعارك اللاحقة، لاستعادة عافية قوى وفصائل منظمة التحرير وخاصة حركة فتح، قائدة المشروع الوطني التحرري.