أقدم نسخة من القرآن الكريم في الصين، وأكثر من عشرين ألف نسخة قديمة من القرآن الكريم، وكتب السيرة والأحاديث النبوية -جميعها بخط اليد- وبعضها يعود تاريخه لأكثر من ألف سنة؛ هي حصيلة 23 عاما قضاها الباحث الصيني ما جينغ فو في التنقيب عن التراث الإسلامي في أطراف بلاده المترامية.

ففي قرية صغيرة بإقليم نينغشيا ذي الأغلبية الصينية المسلمة، يقيم ما جينغ فو بمنزل متواضع لا تتجاوز مساحته بضعة أمتار، وما أن يفتح البيت أبوابه حتى يفوح عبق التاريخ والتراث الإسلامي المنبعث من غرفة لا يمكن وصفها بأقل من متحف.

وما يوجد في المنزل من كتب ومخطوطات ومقتنيات يبدو أنه يتجاوز في قيمته وعدده ما هو موجود ومعروض في الكثير من المتاحف الإسلامية والعربية.

غرفة الكنز

يخيل إليك وهو يهمّ بفتح باب غرفته الموصد بأقفال محكمة، أنك داخل إلى مغارة علي بابا، أو قصر من قصور قارون، وإن كان جينغ فو يرى أن ما يملكه أثمن وأعظم.

وهو يحتفظ في غرفة لا تتجاوز ثلاثة أمتار بـ21 ألف قطعة أثرية، لا يقل أقصرها عمرا عن مئة عام، أما أقدمها فهو نسخة من القرآن الكريم يتجاوز عمرها ألف عام.

ويحرص جينغ فو -حتى وهو في بيته- على إبقاء الغرفة مغلقة ما لم يستجد أمر يستدعي فتحها، خاصة أن السلطات الصينية لا تقدر قيمة ما يملك، لذلك يأخذ على عاتقه حماية كنزه الثمين بنفسه.

ويقول مؤرخون صينيون إنها أول نسخة من القرآن الكريم دخلت الصين في عهد أسرة تانج الصينية أثناء الحكم الأموي، كما تضم القطع الأثرية مخطوطات وأواني وعملات معدنية قديمة تعود إلى العصر العباسي.

 البحث عن متحف

ويقول ما جينغ فو إن بداية جمعه التراث الإسلامي كانت قبل عقدين من الزمن، حين اشترى أول نسخة قديمة من القرآن الكريم عام 1993، منذ ذلك الحين تولدت لديه رغبة جامحة في اقتناء المزيد من النسخ.

وأوضح أن تلك الرغبة لم تكن بدافع الفضول أو شهوة التملك، بل كانت التزاما أخلاقيا وواجبا أدبيا تجاه دينه الإسلامي، خاصة أن العديد من تلك النسخ -حسب قوله- لم تكن في أيد وأماكن أمينة.

ويضيف الباحث الصيني في حديثه للجزيرة نت أنه قضى نحو عشرين عاما في التنقل بين مقاطعة وأخرى، وفي بعض الأحيان كان يقطع مسافات طويلة سيراً على الأقدام، إلى أن تمكن من جمع هذا القدر الكبير من التراث الإسلامي، على حد قوله.

ويشير جينغ فو إلى أن المسالة المادية ليست مهمة بالنسبة له، ويقول إن الكثير من الأموال والمشاريع التجارية عرضت عليه، لكنه يأمل أن تساعده الدولة في إنشاء متحف لعرض هذه المقتنيات، لكي تحظى بحقها من المشاهدة في بلد يضم مئات الآلاف من المسلمين، بالإضافة إلى ضمان حمايتها حين تكون في عهدة الدولة.

وبالرغم من نداءات جينغ فو المتكررة ورسائله المباشرة إلى وزارة الثقافة الصينية، فإنه لم يتلق جوابا، ولم تساعده في مساعيه الهوية المسلمة للإقليم الذي يقيم فيه.