يجسد أطفال غزة نموذجاً حياً لقوة الإرادة ورفض الاستسلام للأزمات المتواصلة التي تعصف بالمجتمع الفلسطيني من خلال مواصلتهم مسيرة الإبداع والابتكار في مجالات شتى،  متحدين كل الظروف الصعبة برسالة مختصرة موجهة للعالم مفادها "نحن شعب يستحق الحياة" فمنذ عدة أسابيع باشر ستة فتيان ذات أعمار متقاربة تتراوح ما بين 14 إلى 16 عام في إثبات قدرتهم على الابتكار رغم صغر سنهم من خلال العمل لإنتاج أول عربة قطار سحب كهربائي في قطاع غزة  داخل قسم المختبر التابع لمركز بناة الغد، احد مراكز جمعية الثقافة والفكر الحر ,بمدينة خان يونس جنوبي القطاع ، بعد حصولهم علي ورش تدريبية مكثفة تلقوها من مدرب متخصص .  ويقول  محمد رمضان"14عام "أن ما ينتجه عبارة عن رأس عربة قطار سحب تجر عربتين من الخلف وهي عربة خاصة بنقل الأطفال التي تكون في المنتزهات أي قطار صغير, وهي فكرة أطلقوها وتبنتها الجمعية ,والآن يشرعون في عملية تجميع ماتور العربة وكل قطعة في المحرك". منوهاً انه تم تدريبهم قبل عملية جمع المحرك من الجانب الميكانيكي في العربة من قبل المدرب محمد شهوان وهو المشرف على عملية تصنيع العربة ولكن بشكل غير مباشر, حيث كانت له تجربة سابقة في أنتاج عربة مشابه .

 وحول آلية تجميع المحرك يحدثنا رمضان "يطلب مني المدرب أن نجلب القطع وان نركبها على الهيكل المختص بمحرك العربة ونبدأ في عملية التجميع من تدريب الذي حصلنا عليه ويشرف المدرب عليها ويستمر في متابعتنا وفي حاله تركيب شيء بالخطأ ينبهنا لذلك ويترك لنا طريقة التصليح ".فطريقة التدريب هذه أعطت الفرق القدرة علي معرفة الخطأ والصواب في عملية تركيب قطع المحرك ويضيف رمضان " نحن من نستطيع تحديد هل ما ننجزه أثناء عملية التركيب هي صحيحة وإذا لم  تكن كذلك نبحث عن سبب الخطأ الذي ارتكبتاه حتى نصل إلى التركيب الصحيح للقطع بطريقة علمية ".

 وخلال الحديث معه عبر  خالد عواد" 15 عام "عن فرحته لتركيب محرك العربة فهو شيء جديد له لم يكن قد جربها من قبل رغم ولعه بتفكيك الأجهزة في البيت ولكنه يعتبر هذه التجربة بمثابة تحدي جديد له مردفا " اخبرني محمد عن وجود فكرة لديهم  لإنتاج عربة  فقررت أن أشارك فيها ,فشيء جميل أن ننتج عربة ونحن ما زلنا فتيان صغار وكما أنها التجربة الأولي لنا جميعا ". وأكد انه تعلم العديد من الأمور الجديدة ومنها عمل المحرك وقدرته علي جر العربات باستخدام الطاقة الكهربائية ومحول الطاقة الكهربائية إلى طاقة حركية والفرامل والضاغطات التي تتحمل الاحتكاك والعفشة والآلة الجر والتحكم بالمقود وعمل كل قطعة علي حدي وطريقة لف البراغي بطريقة صحيحة ولوحة التحكم وطريقة تركيب البطاريات وعملها والكثير من المعلومات الأخرى .

ما يميز هذا العمل وفق عواد انه يتعلمون من تلقاء أنفسهم فهم من يركبون كل قطعة بأنفسهم وهم يجربونها للوصول إلى التركيبة الصحيحة للمحرك ويضيف " المحرك الكهربائي الذي قمنا بتركيبة قوته هي 36 فولت أي 65 أمبير حيث تركب علية بطاريات قالبة للشحن وهي ثلاث بطاريات وقوة كل بطارية 12 فولت نقوم بوضعها بشكل على التوالي لتصبح قوة البطاريات هي قوة المحرك إذا تم توصيلها بلوحة المحرك,ونستطيع بذلك التحكم بقوة المحرك ".

ويبين أن المحرك يستطيع أن يعمل على 12 فولت و24 فوت و36فولت وحسب رغبتهم في سرعة المحرك ويستطيع أن يتحرك لمدة 4 ساعات تقريبا , من ثم سيقوم الفريق بعد انتهاء من تجميع المحرك وتجميع التوصيلات الكهربائية بعمل حشوه للمحرك ليبدءوا في عمل الهيكل الخارجي لرأس القطار، ولن يقف العمل عند هذا الحد ويقول عواد "عندما ننتهي من أنتاج رأس القطار وعمل الهيكل الخارجي ووضع الكراسي وتجربته سنبدأ في أنتاج عربات الجرب والتي تنقل عدد من الأطفال وبذلك ننتج قطار جار وجرو بأيدينا نحن الأطفال ". وشكر الفريق إدارة مركز بناة الغد لتشجيعهم وتطوير قدراتهم ومواهبهم، وتبنيها لأفكار الفتيان وتمويلها وتوفير كافة الاحتياجات اللازمة لنجاحها، وإظهارها للنور ومتابعتهم والإشراف عليهم. فمدينة خان يونس على موعد مع انطلاق هذا القطار في شوارعها وليثبت أن لدي أطفال قطاع غزة قدرات يمكن تفجيرها إذا أعطيت المساحة لهم .