في يوم الصحافة العالمي، الذي صادف امس الثلاثاء، تحتل قضية حرية الرأي والتعبير والتنقل والحصول على المعلومات ونشر الحقائق وحماية حياة الصحفيين وكل العاملين في ميادين الاعلام المختلفة ومنابرهم ومؤسساتهم، مكانا رئيسيا في اهتمامات اتحادات الصحفيين الوطنية والقومية والاقليمية والدولية والامم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان، وكذا يفترض ان تهتم الحكومات في دول العالم بما تقدم، مع ان الغالبية العظمى منها تناقض ما هو موجود في دساتيرها والتزاماتها الاقليمية والاممية، وترتكب انتهاكات ضد الصحفيين ومؤسساتهم على حد سواء. وجميع الدول، تريد من الصحفيين ومنابرهم ابواقا وصدى بائسا لخياراتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وقلب الحقائق بما يتناسب واجهزتها الامنية.
وفي فلسطين تحتل قضية الصحافة وحرية الصحفيين، مكانة خاصة، لا سيما ان سلطات الاحتلال الاسرائيلية ترتكب ابشع الانتهاكات بحقهم: القتل والاعتقال والملاحقة حتى على مواقع التواصل الاجتماعي، كما حصل مع الصحفية سماح دويك من القدس، وسامي الساعي من طولكرم، دون اي وازع اخلاقي او قانوني ضاربة بعرض الحائط كل المواثيق والاعراف والقوانين الاممية وحتى الاسرائيلية نفسها. قادة إسرائيل المتطرفون لم يعودوا مستعدين ولا قادرين للاستماع لاية وجهة نظر معارضة لهم ولخياراتهم السياسية الاستعمارية لا في اسرائيل ولا من قبل الفلسطينيين سياسيين او اعلاميين ومثقفين. حتى باتت تستوحش وتتغول في جرائمها ضد الصحفيين ومؤسساتهم المرئية والمسموعة والمقروءة. ويعتقد أركان القيادة الاسرائيلية، انهم عبر سياسة تكميم الافواه والاعتقال والمطاردة والاغلاق والقتل للنخب الاعلامية، انها يستطيعون الحؤول دون وصول الصورة والصوت الفلسطيني المدافع عن الذات الوطنية والحرية والاستقلال للعالم. غير ان اسرائيل تخلع بسياساتها وانتهاكاتها وارهابها المنظم آخر اوراق التوت، التي تغطي عوراتها، وتميط اللثام كليا عن وجهها العنصري والفاشي.
اعتقال إسرائيل لتسعة عشر صحفيا فلسطينيا وعلى رأسهم عمر نزال، عضو الامانة العامة لنقابة الصحفيين الفلسطينيين، الذي اعتقل قبل إثني عشر يوما على معبر الكرامة، ثم الحكم عليه اربعة أشهر إداريا دون وجه حق، يؤكد الحقيقة، التي اشير لها آنفا. وتؤكد للعالم غياب وانتفاء اي ملمح للديمقراطية في الدولة العبرية، وتكشف عن خواء البناء الفوقي والتحتي الاسرائيلي، لان هناك تناغما بين مكونات المجتمع الاسرائيلي على المزيد من التطرف والعنصرية ومواصلة الاحتلال وحرمان الشعب الفلسطيني من ابسط حقوقه السياسية.
ورغم مطالبات الاتحادات وممثلي الهيئات الاممية ذات الصلة بالافراج عن الصحفيين الفلسطينيين إلا ان حكومة نتنياهو ترفض الاصغاء، وتلفق التهم جزافا للصحفيين خاصة للصحفي نزال. وتدعي زورا وبهتانا معلومات لا اساس لها من الصحة، عن وجود تنسيق وخط ساخن بين نقابة الصحفيين الفلسطينيين ونقابة الصحفيين الاسرائيليين، لكي تضلل العالم والمؤسسات الدولية ذات الصلة.
الائتلاف اليميني المتطرف الحاكم منذ اشتعلت الهبة الشعبية في تشرين الاول 2015 حتى الان، ارتكب ما يزيد عن 120 اعتداء ضد الصحفيين وادواتهم وسياراتهم ومحطات إذاعاتهم كما حصل مع إذاعة "منبر الحرية" في الخليل، التي داهمتها قوات جيش الاحتلال الاسرائيلي فجر الثالث من تشرين الثاني 2015 وصادرت معداتها واجهزة بثها، واصدرت امرا عسكريا بمنعها من البث لمدة ستة اشهر (أُعيد بثها مجددا امس الاول)، ومنعت القائمين عليها الاقتراب من المبني تحت طائلة الهدم الكلي للمبنى، وفي 21 من الشهر ذاته تمت مداهمة ومصادرة اجهزة بث ومعدات إذاعة "راديو الخليل"، واعطت القائمين عليها امر منع من البث لمدة ستة اشهر، كما ارسل رئيس الادارة المدنية الاسرائيلية تحذيرا لاذاعة "one الخليل" بإيقاف بثها إن لم توقف حسب بيانه التهديدي "التحريض" وفق "قانون الطوارىء". وكانت وزيرة ما يسمى بالعدل الاسرائيلية، إيليت شاكيد، هددت هيئة الاذاعة والتلفزيون بوقف بثها. ولم تتوقف حملات دولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية على وسائل الاعلام والصحفيين، الامر الذي يتطلب من العالم خاصة المؤسسات ذات الصلة باتخاذ ما يلزم لحماية حياة وحرية الصحفيين الفلسطينيين، وطرد ممثليها (إسرائيل) من المؤسسات والاتحادات الاممية والاوروبية والعمل على عزلها كليا، كي تتوقف عن إرتكاب جرائمها الوحشية ضد الصحفيين الفلسطينيين ومؤسساتهم.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها