لم تكن مدينة غزة تسمع بهن من قبل، ولكنهن طرقن أبوابها بطريقة أبهرت من حولهن، كسرن الحواجز والعادات، ووقفن بتحدٍ أمام التقاليد ليكنَّ أول من امتهن أعمال اقتصرت في السابق على الرجال فترة من الزمن، ويضربن بعرض الحائط التهميش الوظيفي.

أم محمد(43عاماً) إحدى المدربات على قيادة السيارات في مدرسة الجراجوة، منذ العام 1990 أي ما يقارب عشرون عاما وهي تمارس تلك المهنة وتتقن قيادة جميع أنواع السيارات والشاحنات ناهيك عن قيامها بتدريب الطلبة عليها

تتحدث أم محمد وهي ترسم ابتسامتها التي غطت تجاعيد الزمن على وجهها وتصف نفسها: "أنا كالفاكهة النادرة، لوجود مدربة مثلي في القطاع بأكمله، مشيرةً إلى أنها تعطي دروسها للطالبات والطلبة كما ويسمح لها أن تدرب على قيادة السيارات الملاكي والتجاري والشاحنات.

لم تسمح بأي حاجز أن يقف أمامها ليعيق تحقيق حلمها بأن تمتهن النجارة عمل لها، "آمال أبو القيق "36 عاماَ، تعيش نهارها العملي بين رائحة الصمغ وبقايا برادة الخشب، ومع أصوات آلات الخراطة لتكون بذلك أول امرأة تكسر حاجز الممنوع وتنخرط في مهنة تكاد تكون شبه مستحيلة على النساء بغزة، تميزت بردائها الأزرق، وأخذت تحفر رسوماتها على الخشب قائلة: "شاركت ضمن دورات أعدتها وزارة الشئون الاجتماعية بغزة في دورة تدريبية عن النجارة ضمن مشروع تمكين المرأة والمجتمع، تلقيت تدريب لمدة 3 شهور وقد أصبحت أُتقن العمل النحت والرسم على الخشب، وقمت بعمل إطارات للمرايا وأشكال هندسية تراثية، تتحدث بفخر وزهو لا تجده لدى أحد، فبعد معاناة وظروف سيئة عايشتها من طلاقها إلى تحملها مسؤولية طفلتها المعاقة، وجدت ذاتها وأخذت تطورها منذ عام 2004 حتى اليوم

كثير ما تجد أمامك حواجز قد تعيقك عن التقدم وتؤخرك خطوة إلا الوراء، بينما أم صهيب (30 عاماً) ،التي تعمل هي الأخرى كمدربة في مدرسة الأوائل بغزة، وجدت أمامها من يعطيها الدفعة القوية لأن تستمر في ذلك القطار وفي ذلك توضح قائلة: "وما دعمني أكثر هو موقف تعرضت له عندما كنت أقود إحدى الشاحنات، توقف رجل كبير في السن وأشار بإبهامه إشارة الاستمرار كتشجيع لي، شعرت بأنني ناجحة وقد دفعني ذلك للاستمرار"، فقالت أحب أن تأخذ المرأة وضعها في أي مجال وبمساواة مع الرجل وأنا خضت هذا المجال وليس عيباً أن تخوضه نساء مثلي".

يشار إلى أنه حاولت نساء غزة دخول مهن زاولها الرجال منفردين بها لسنوات طويلة فكان في نوفمبر لعام 2010 نساء قمن بحفر آبار لتجميع مياه الأمطار، وكانت "مادلين كُلاب" راكبة البحر، ومدربات القيادة ، والنجارة أبو قيق.

للمشاكل زاوية حاولت "أم محمد"و"أبو القيق"و"أم صهيب" التغلب عليها وبالرغم من ذلك بقين محافظات على تقدمهن في امتهان ما كان محظور عليهن فهن يمتلكن الخبرة والحرفية يحققن من خلالها أحلامهن وذواتهن، صممن آذانهن عن استهزاءات قد تلقى عليهن حيناً ونجحن في ذلك، وشرحن صدورهم لكل تشجيع يقوي عزيمتهن، ليعلن بذلك أن المرأة لا مستحيل أمامها إن أرادت شيئا.