فتح ميديا/لبنان، ضمن فعاليات معرض الكتاب 39، وبدعوة من جناح دولة فلسطين ألقى الحاج رفعت شناعة محاضرة سياسية تحت عنوان "أخر المستجدات السياسية في الساحة الفلسطينية" الأحد 5-5-2013، بحضور ممثلي الأحزاب والقوى اللبنانية، والفصائل الفلسطينية، وفعاليات طرابلسية، وجماهير من مخيمي البداوي والبارد ومدينة طرابلس.

وتطرق الحاج رفعت إلى زيارة الرئيس أوباما ووزير خارجيته كيري التي جاءت لتكريس يهودية الدولة الصهيونية والضغط على القيادة الفلسطينية من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات دون أي شروط، إلا أن القيادة الفلسطينية أصرت على التمسك بالثوابت وعلى رأسها وقف الاستيطان والإفراج عن الأسرى والاعتراف بحدود الدولة الفلسطينية على الأراضي التي احتلت عام 1967.

وزيارة كيري جاءت تحمل في طياتها تصليب وعود دولة إسرائيل وليبايع هذا الكيان بأن امريكا هي حليفه الاستراتيجي وبأن العلاقة التي تربط بينهما أبدية، وهذا بحد ذاته عنوان واضح للمرحلة القادمة، ولتؤكد على الرواية الإسرائيلية التاريخية بأن إسرائيل هي أرض الميعاد. وتعتبر هذه الزيارة مفاجأةً للجميع لأنها لم تدفع بأي عملية سلام في المنطقة إلا أنه هناك محاولات أمريكية جادة وبدعم من بعض الأقطار العربية لضمان أمن إسرائيل.

وتطرق شناعة إلى أن حركة "فتح"  لا تستغرب هذه المشاريع لأنها عاشت ظروفاً وحصاراً من عدة أطراف أمريكية وعربية وإسرائيلية،  وكان القصد منها ابتزازنا في القرار السياسي، لكنهم لاحظوا حالة الصمود عند القيادة الفلسطينية وخصوصاً الرئيس أبو مازن الذي رفض تقديم أي تنازلات رغم التضييق الاقتصادي والمالي وحالة الجوع التي آلمت بالشعب الفلسطيني، ورغم ذلك تجاوزنا تلك المرحلة بسبب دعم وصمود الشعب الفلسطيني لقيادته، مشيراً إنه يتوجب على العدو الصهيوني الاعتراف بقرارات الشرعية الدولية التي تختص بالقضية الفلسطينية قبل العودة للمفاوضات. كما أشار  إلى الظروف التي تعيشها القضية الفلسطينية المعقدة والصعبة داخلياً وخارجياً حيث يواجه الشعب الفلسطيني العدو الصهيوني المدعوم من الولايات المتحدة وعدد كبير من دول العالم، معتبراً أن المهمة التي توكل لهذا الشعب تاريخية وصعبة ولكنه لم يعش يوماً دون هذه المهمات، وعليه أن يصلح حالته الداخلية كي يستطيع أن يواجه الاستهدافات الصهيونية والدولية.

ونوه إلى زيارة الوفد الوزاري العربي إلى الولايات المتحدة الذي سوق لبعض المفاهيم حول تبادل الأراضي، لذلك لا بد من توضيح عدد من النقاط:

أولاً : هذا الموضوع تم طرحه في مفاوضات طابا قبل كامب ديفيد الثانية ووضع على الطاولة مشروع أن هناك إمكانية تبادل أراضي بنسبة 2 إلى 3% إذا انتقلنا إلى المرحلة النهائية وتم الاعتراف بالدولة الفلسطينية إلا أن العدو الصهيوني لم  يكتفي بذلك بل طلب ما قيمته 7% والان تجدد طرح هذا الموضوع إلا أن الرئيس أبو مازن قال بوضوح "إن هذا التبادل طفيف اذا ما دعت الحاجة اليه وذلك بعد سيادة دولة فلسطين وإننا لن نبحث بموضوع تبادل الأراضي قبل الاعتراف بأراضي الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967 وعندما يكون هناك حل شامل يمكن البحث بهذا الموضوع، ولا يمكن أن نقدم هذا الموضوع سلفة إلى العدو الصهيوني على طاولة التفاوض الفلسطيني الإسرائيلي".

وأكد شناعة أن سيادة الدولة الفلسطينية على كامل الأراضي الفلسطينية ولا يجوز تسليم أي أرض للعدو الصهيوني وعملية التبادل وصفت بأنها بنفس الحجم والقيمة، وقبل عام 2000 كان العدو الصهيوني يقترح بأن يعطي أراضي في صحراء النقب وأن يأخذ أراضي في الضفة ولكن القيادة الفلسطينية رفضت ذلك، وإن الحديث اليوم بهذا الموضوع هو لإحداث بلبلة وفتنة داخلية واليوم ليس همنا أن نتبادل أراضي ولكن نريد تثبيت كيانية الدولة الفلسطينية ويجب أن لا يتلهى الشارع الفلسطيني بقضايا لا قيمة لها ومؤجلة ولا يمكن البت بها إلا إذا وافقت عليها القيادة الفلسطينية والمجلس التشريعي والمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية والشمولية في الحل النهائي يجب أن تخضع لاستفتاء الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه.

وأضاف، "أن إثارة هذا الموضوع من قبل الوفد العربي لم يكن محبذاً من قبلنا ونحن ندرك أن الجامعة العربية لا تستطيع أن تأخذ موقف مواجهة مع أمريكا وإنما هي تتبع سياسة استرضاء وتطبيع مع العدو الصهيوني، هذا ما برز من خلال ما طالبت به بعض الأقطار العربية بسحب المبادرة العربية التي وقعت في بيروت عام 2002، إلا أن الرئيس أبو مازن رفض ذلك، وبأن الدول التي طلبت سحب هذه المبادرة التي وقع عليها الجميع ظناً منهم أنه سيحصل على تعاطف ورضي أمريكي لكن في الواقع كان الهدف الأساسي هو طرح مبادرة جديدة أقل فائدة من المبادرة السابقة وتصب لصالح التطبيع مع اسرائيل قبل الحل النهائي مع الفلسطينيين، فنحن ضد هذه المبادرة والرئيس أبو مازن كان يدرك ما وراء طلب سحبها".

كما وأكد شناعة بأننا جميعاً ندرك تفاصيل المآساة التي حلت بمجتمعنا الفلسطيني وهي حالة الانقسام الذي حصل في 14/6/2007، والذي ما زالت مفاعيله وتداعياته تضر في المصلحة الفلسطينية وتصب في مصلحة العدو الصهيوني الذي يريد استمرار هذه الحالة في الشارع الفلسطيني لأن هذا العدو يريد تقسيم الوطن وتآكل الثورة الفلسطينية، فاليوم القدس وغزة والضفة تحت الاحتلال والكل يسأل متى تحصل المصالحة، فهل هناك من ينتظر إذن من إسرائيل أو أميركا كي يتصالح مع شعبه، الشعب الفلسطيني وحده من يستطيع إنهاء حالة الانقسام ويعزز الوحدة الوطنية، فالمليون شخص الذين خرجوا في احتفالية انطلاقة حركة "فتح" في غزة يستطيعون إنهاء الانقسام، والشعب الفلسطيني الذي يخرج في مسيرات في الضفة الغربية يطالب بإنهاء الانقسام، فمن الذي يريد استمرار حالة الانقسام في الشارع الفلسطيني، اسرائيل وحدها المستفيدة من هذا الواقع وتريد أن تبقى تنظر إلى الفلسطينيين يتقاتلون داخل قفص. فلماذا لا يتم إنهاء الانقسام بتطبيق الاتفاقيات التي وقعت من قبل كل الفصائل بحضور الرئيس أبو مازن في مصر، علماً أن الرئيس ذهب إلى المصريين مطالبهم بإنهاء ملف المصالحة الفلسطينية لأن الرئيس يعتبر أن ملف المصالحة أولوية وحركة "فتح" كذلك، والخيار الوحيد هو الوحدة الوطنية، ولا مجال لتحقيقها إلا بإنهاء الانقسام وانجاز الاتفاقيات لتشكيل حكومة توافق وطني انتقالية تنجز عدد من المشاريع وهذا ما وافق عليه خالد مشعل على أن تشكل الحكومة برآسة أبو مازن.

ونحن اليوم ننظر بإيجابية بعد مرور حركة "حماس" في ظروف داخلية أوصلت خالد مشعل إلى رئاسة المكتب السياسي لتحقيق المصالحة وإنهاء حالة الانقسام.

وتطرق شناعة إلى استقالة فياض التي جاءت بطلب من قيادات وقبلها الرئيس أبو مازن معتبراً ذلك خطوة في مشروع المصالحة مع "حماس"، إلا أن ذلك لم يتحقق لارتباطات "حماس" الإقليمية والدولية، والرئيس أبو مازن وعد بأنه عندما تنتهي لجنة السجلات وتقدم تقريرها النهائي سوف يحدد موعد تشكيل الحكومة وموعد إجراء الانتخابات، لأن هذا ما تم الاتفاق عليه ضمن اتفاق المصالحة وفعلاً أنهت لجنة الانتخابات عملها وأحضرت ملفاتها والرئيس بدأ التشاور من أجل تشكيل الحكومة مع الكتل البرلمانية. مؤكداً بأن الحكومة سوف تكون من شخصيات تكنوقراط، وأول مهامها أن تعد للانتخابات، وعندما يعلن الرئيس عن الحكومة سوف تعطى مهلة ثلاثة أشهر للإعداد للانتخابات.

كما تطرق الحاج رفعت إلى بعض التعقيدات في الساحة الفلسطينية وعلى رأسها استهداف حركة "حماس" لشخص الرئيس أبو مازن بالتجريح، وبأنها لا تعترف به رئيساً للدولة الفلسطينية بل تعتبره مغتصب للسلطة وغير شرعي، وكل الأطر الفلسطينية تنتظر الانتخابات الفلسطينية لذلك على الجميع أن يتحمل مسؤولياته وإلا سنكون كلنا خاسرين، وعلى قيادة "حماس" أن تضع ملف المصالحة على رأس أولوياتها.

إن هناك تحذيرات أطلقناها وخيارات تهدد القضية الفلسطينية وعلى رأسها إعطاء شرعية لغزة بأن تقتطع أجزاء من سيناء وتضاف إلى غزة وهناك أطراف عربية تعمل على ذلك لأنها تريد إنهاء القضية الفلسطينية، وإسرائيل لا تريد مفاوضات مع الفلسطينيين لا من قريب ولا من بعيد وتريد تعطيل كل شيء في السياسة والمفاوضات وتريد أن تكسب المزيد من الوقت للاستيطان في القدس والضفة واستحداث بؤر استطانية جديدة. كل يوم هناك قرارات من المحاكم الصهيونية لأهالي القدس بهدم بيوتهم بأياديهم، وتقام الكنس حولها وفي باحات المسجد الأقصى لأن الصهاينة يعرفون أن لا يوجد مقدسات لهم في القدس ولا يوجد ما يثبت انه كان وجود لهيكل سليمان فيها، الا ان الاستيطان في القدس يفرض على الفلسطينيين حل واحد وهو القبول بالدولة ذات الحدود المؤقتة أو إقامة دولة لن يكون لها ترابط جغرافي بسبب المستوطنات، والمناطق الفلسطينية سوف تكون عبارة عن كنتونات مبعثرة  ليس للاحتلال أي مسؤولية تجاهها، باختصار ان اسرائيل بهذه العقلية الصهيونية المتغطرسة والتي تعتبر نفسها المنتصرة في ظل ما يجري في الوطن العربي حيث أننا لم نسمع أي كلمة لمصلحة فلسطين من الاطراف العربية الجديدة التي لم تقدم أي جديد من أجل القضية الفلسطينية، فالوطن العربي مشغول بما هو داخلي، ولكن كل ما يجري في الوطن العربي يخضع للادارة الاميركية، وممنوع أن تكون فلسطين أولوية ويجب الإطاحة بكل ما هو مضداد باسرائيل وعلى العرب أن يطبعوا معها، إلا أننا نواجه ذلك بارادة صلبة.

بعد انتهاء المحاضرة قام شناعة بزيارة لجناح دولة فلسطين حيث أبدى إعجابه وتقديره للمعروضات التراثية، ومن ثم قام بزيارة جناح لجنة الأسير يحيى سكاف حيث أكد أن حركة "فتح" كبيرة بتضحيات رجالها وبأن عائلة الأسير سكاف كبيرة بتضحيات ابنها وهي العائلة التي تحمل وسام الشرف الفلسطيني منذ ما يزيد عن الثلاثة عقود، متمنياً أن يعيد الله الأسير يحيى سكاف إلى أهله سالماً.