كان الاول من إبريل/ نيسان الجاري، يوما تاريخيا في سجل الشعب الفلسطيني بقبول دولته عضوا كاملا في محكمة الجنائية الدولية تحت الرقم (123). وتاريخية الحدث تكمن في أكثر من عامل: اولا لانه كان يوما فاصلا بين تاريخين، ما قبل عضوية المحكمة وما بعد عضويتها؛ ثانيا شعور الشعب الفلسطيني عموما وضحايا الحروب والنكبات والمجازر الاسرائيلية المتعاقبة خصوصا، بان حقهم في الدفاع عن جروحهم وشهدائهم بات ممكنا؛ ثالثا وضع حد للبلطجة والخروج على القانون لدولة الاحتلال والعدوان الاسرائيلية، رابعا فتح ميدان الاشتباك القانوني والقضائي مع دولة الارهاب الاسرائيلية المنظم، ليشكل رديفا اساسيا للجبهات السياسية والديبلوماسية والاقتصادية والثقافية والكفاحية؛ خامسا شعور القيادة الاسرائيلية بالعجز مما اطلق نيران جنونها وردود فعلها ضد الرئيس ابو مازن والقيادة الفلسطينية والشعب عموما، ولجوئها لحجز اموال المقاصة لأربعة اشهر. رغم انها حاولت التبهيت والتقليل من اهمية عضوية فلسطين في المحكمة الدولية؛ سادسا تعزيز مكانة فلسطين كدولة ذات شخصية سياسية واعتبارية في المنابر الاممية. ويكون هناك جوانب أخرى. 
بالتأكيد الانضمام لعضوية محكمة الجنائية الدولية، لا يعني ان القضايا والملفات الفلسطينية سيتم إدراجها فورا، وسيتم معالجتها في القريب. لأن مثل هذا الاعتقاد خاطئ، لأن اجراءات المحكمة طويلة. فضلا عن ان قوانينها، التي تمنح دولة الاحتلال او اي دولة مرفوع عليها قضايا تتعلق بجرائم الحرب او الابادة.. إلخ يمكن ان تناور وتضلل قضاة المحكمة الدولية من خلال فتح محكمات صورية ووهمية ضد الاشخاص والمؤسسات المرفوع عليهم قضايا من قبل الشعب الفلسطيني. 
لذا علينا وعلى جهات الاختصاص تحديدا بقدر ما نعتبر الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية لحظة فارقة في كفاحه، بقدر ما ينبغي ان نتعمق اكثر فاكثر في قوانين ولوائح عمل المحكمة، لاكثر من اعتبار: اولا لمعرفة ادق التفاصيل في آليات عمل المحكمة؛ ثانيا لمعرفة كيفية التعامل مع تلك القوانين؛ ثالثا لمعرفة نقاط القوة والضعف في لوائح عملها؛ ورابعا التعمق بالقانون الاسرائيلي، للوقوف على نقاط قوته ونواقصه وعيوبه. 
معركة محكمة الجنائية الدولية، لن تكون بسيطة او سهلة المنال، لا سيما وان الشعب الفلسطيني يواجه دولة مارقة، وخارجة على القانون، ومدعومة من الولايات المتحدة الاميركية، التي تغطي جرائم حروبها ومجازرها واحتلالها وانتهاكاتها الصارخة والمفجعة، التي ادمت حياة الفلسطينيين تاريخيا قبل النكبة واثناءها وما زالت حتى اللحظة، وستستمر إلى ان تنتهي حقبة الاحتلال لاراضي دولة فلسطين المحتلة عام 1967، وتسمح بعودة اللاجئين لديارهم على اساس القرار الدولي 194. الامر الذي يفرض علينا والجهات القانونية المختصة وخاصة لجنة المتابعة القانونية للمحكمة الاستعداد للتقدم للمعركة القضائية بخطى حثيثة. لكن دون الاعتقاد للحظة، ان هزيمة إسرائيل ستكون بالضربة القاضية، بل بالنقاط. غير ان المؤكد، ان عجلة التاريخ لن تعود للوراء، وباتت إمكانية ملاحقة الفلسطينيين للقتلة ومجرمي الحرب الاسرائيليين، إمكانية واقعية وفي اليد الفلسطينية.