تمنيت لو ان قادة حماس - على رأسهم الدكتور محمود الزهار – قد حضروا مسيرة الأشقاء التونسيين المليونية ضد الارهاب، ليس كموقف ضد الارهاب – لأن هذا اشبه بالمستحيل – وانما لرؤية آية الانتماء للوطن، وحب واحترام العلم الوطني، فلعلهم يخجلون من مشهد نساء ورجال وشبان وشابات وكهول، من شمالها الساحلي وجنوبها الصحراوي، من شرقها وغربها، من كل الشرائح الاجتماعية ء اغنياء فقراء ومتوسطي الدخل، عائلات بكامل افرادها، يتنافسون لرفع نسخ من علم بلادهم، عاليا فوق رؤوسهم وكأنهم في سباق، ويتقدمون نحو جنود جيشهم لأخذ صور تذكارية تفيض بالفخر والاعتزاز، وهم ينشدون لشاعر تونس الخالد أبو القاسم الشابي: اذا الشعب يوما اراد الحياة.. فلا بد ان يستجيب القدر، ولابد للليل ان ينجلي.. ولا بد للقيد ان ينكسر.. حماة الحمى يا حماة الحمى هلموا هلموا لمجد الزمن.. لقد صرخت في عروقنا الدماء.. نموت نموت ويحيا الوطن ".
لعل الدكتور الزهار وقادة حماس اذا عاشوا هذه اللحظات – رغم كثرة أمثالها في فلسطين مع اختلاف العلم والنشيد والقضية لعله يستجيب لصرخة ضمير، فيكف عن تقديم صورة رديئة لشخصية القيادي، الفلسطيني وشخصية الوطني المسلم، وربما آثر قطع لسانه بيديه حتى لا يظل يعبث بمفاهيم الوطنية الفلسطينية، ويتهم كل من لا ينتمي لحماس في الوطن بالخيانة والجوسسة لاسرائيل، ونكون متفائلين جدا اذا تخيلناه واقفا على منبر حق، يعترف بخطيئته حينما كان يوزع شهادات وطنية، على من يشاء، ويطلق احكام الخيانة، على من يشاء !!. لا منطق عقلاني، ولا لغة قيادي يتحدث عن احدى وسائل وادوات الديمقراطية( الانتخابات )، فنحن نعلم حالة العداء المتأصلة في تفكيره وسلوكه من حركة التحرر الوطنية الفلسطينية وتحديدا حركة فتح وقادتها ومناضليها، لذا لم نستغرب تصريحاته العدائية لاذاعة راية اف ام فقد قال :" مشكلتنا مع عباس أنه يعتبر نفسه شرعية لأن الذي يمنحه الشرعية هو اسرائيل، اما نحن اخذنا الشرعية في 2005 بانتخابات البلديات واخذناها في انتخابات 2006 في المجلس التشريعي". لكن انكشاف عورة جماعة داعش التخوينية والتكفيرية في صلب كيان حماس، بلغ حدا لم يعد ممكنا التعامل معه كخصومة سياسية، وانما جريمة يجب ملاحقة فاعلها قضائيا، فالزهار يعتبر ضمنا كل الفلسطينيين الذين صوتوا للرئيس ابو مازن في انتخابات الرئاسة عام 2005 ! اسرائيليين.
سنسأل الدكتور الزهار ما يلي: لماذا قبلتم بعد فوزكم بالانتخابات التشريعية استلام حقيبة وزارة الخارجية في الحكومة العاشرة برئاسة اسماعيل هنية؟!، ألا يعني قولك اعلاه انكم رضيتم أن تكونوا وزيرا بامرة ما سميتموها الآن (الشرعية الاسرائيلية)، وللتوضيح اكثر، فأنت كنت وزيرا في حكومة هنية المكلفة رسميا من رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية المنتخب محمود عباس ابو مازن، وهو نفسه الذي تقول عنه الآن "ان الذي يمنحه الشرعية هو اسرائيل"! فان كان للزهايمر قدرة على تبديد ذاكرة شخص، فانه عصي على ذاكرة الشعب الجمعية والفردية.
السؤال الثاني للدكتور الزهار وقادة حماس : لماذا تتعمدون رسم صورة مطابقة لنسق قادة المشروع الصهيوني الاحتلالي الاستيطاني، فذلكم قدمونا للعالم مجرد مجموعات بشرية، بلا هوية، او ثقافة، من السهل شراؤنا وبيعنا، ينشرون بين الحين والآخر أرقاما وهمية عن عدد جواسيسهم وعملائهم بيننا، لتنفير العالم من شخصيتنا الوطنية، وعدالة نضالنا وقضيتنا، فالجواسيس العملاء لا حقوق سياسية وانسانية وقانونية لهم، فلماذا ارتضيتم ان تكونوا سلاحهم وطابورهم وخلاياهم بين صفوف الشعب الفلسطيني ؟! فأنتم لتبرير جرائمكم وقمعكم لشعبنا في قطاع غزة، اختلقتم صورة قاتمة مشوهة لشعبنا، حتى بات العالم يعتقد بتساوي عدد الوطنيين عندنا مع عدد الجواسيس عند أي شعب آخر ! فانتم بهذه الأقوال لا تسيئون ولا تشوهون صورة شعبنا وحسب، بل ترتكبون جريمة تاريخية، بقولكم في ذات الحديث والوسيلة:" لن نقبل ان يتم حصار غزة المقاومة والمنتصرة بيد جواسيس اسمهم السلطة الفلسطينية ويهود اسمهم المحتلين "، فالسلطة الوطنية ارادة شعب، وهدف مرحلي على طريق الاستقلال اقره المجلس الوطني الفلسطيني قبل واحد وأربعين عاما، المجلس الذي يمثل ارادة الشعب الفلسطيني في الوطن والمهجر ودول الجوار وفصائل منظمة التحرير المقاومة الملتزمة والسائرة على درب مبادئ الثورة والكفاح والمقاومة منذ أكثر من خمسين عاما، فقولكم هذا يبيح لكل وطني فلسطيني، مقاضاتكم قانونيا. فاتهام انسان بلا سند أو بينة أو دليل خيانة، ليس للضير وحسب بل للمجتمع والشعب والوطن، فكيف اذا تعلق الأمر باتهام شعب وحركة تحرره الوطنية بالجوسسة لمحتليه ومغتصبي أرضه ؟!