قال رئيس جمهورية مصر العربية، رئيس الدورة السادسة والعشرين العادية للقمة العربية عبد الفتاح السيسي، رغم جسامة التحديات والتهديدات التي تواجهها أمتنا العربية، سيظل اهتمام مصر بالقضيةِ الفلسطينيةِ راسخاً إدراكاً منها لأن حلَّ هذه القضيةِ هو أحدُ المفاتيحِ الرئيسيةِ لاستقرارِ المنطقة، التي لن تهدأ أبداً طالما ظلت حقوق الشعب الفلسطيني مُهدَرة، رغمِ اعترافِ المجتمعِ الدولي بحقه في إقامةِ دولته المستقلة وعاصمتُها القدسُ الشرقية.

وأضاف: أن قلوبنا وعقولنا مفتوحةٌ للسلام العادل والشامل الذي يحقق الأمن والسلام لكل الأطراف والذي يتطلب إنهاء الاحتلالِ الإسرائيلي لكل الأراضي الفلسطينية من خلال مفاوضات جادة ومثمرة على أساس القرارات الدولية ومبادرة السلام العربية. وشدد على ضرورة وقف الأنشطةِ الاستيطانيةِ الإسرائيلية والانتهاكاتِ المستمرةِ للمقدساتِ الدينية جميعِها.

وأشار السيسي إلى أن القضايا التي تواجه العالم العربي في الوقت الراهن بلغت أمدا غير مسبوق، وأن انعقاد قمتنا بعنوان: 'التحديدات التي تواجه الأمن القومي العربي'، يؤكد ضرورة التصدي للتحديات التي تواجهنا دون تباطؤ، فالتحدي الموجود يهدد وجودنا وهويتنا العربية، ويستهدف الروابط بين دولنا وشعبنا ويعمل على تفكيك نسيج المجتمعات داخل الدول، والسعي للتفرقة بين مواطنيها على أساس الدين أو المذهب أو الطائفة أو العرق.

وبين أن التحدي الذي تواجهه الأمة حاليا يضاف لها تحدٍ آخر وهو الإرهاب الذي يمثل الأداة المثلى للفكر المتطرف الذي يسعى لهدم كيان الدول العربية، مشيرا إلى أن الإرهابيين استغلوا بعض القصور لدى الدول العربية في الوفاء بمتطلبات مواطنيها لإعلان الحرب على الشعوب وتدمير الدول.

وشدد على ضرورة الحفاظ على الهوية العربية وصد مساعدي التدخل في شؤوننا، وقال إن الدفاع عن أمننا دون تهديد لأشقائنا هو حق ودرع لأوطاننا وأرضنا، وليس سيفا مسلطا على أحد إلا من يبادرنا في العدوان، لذا لا بد من أدوات للعمل العربي العسكري المشترك للتغلب على ما يجري، ولتأسيس قوة عربية مشتركة للتعامل مع هذه المستجدات دون الانتقاص من سيادة أي دولة عربية، وفي إطار احترام القانون الدولي، ورفض أي تدخل في شؤون الدول العربية المختلفة.

ورحب باسم مصر بمشروع القرار الذي اعتمده وزراء الخارجية العرب لإنشاء قوة عربية مشتركة، لتكون أداة لمواجهة التحديات ولخلق نوع من التكامل العربي باعتباره إحدى الوسائل لتثبيت وتأكيد الهوية للإقليم العربي الذي بات يتعرض للهجوم والتآكل في بعض مناطقه.

ودعا لتوفير سبل العيش الكريم لشعوبنا العربية، وخلق المزيد من فرص العمل للجميع بمن فيهم الشباب، وخلق مجتمعات عربية آمنة ومستقرة.

وشدد على دور المؤسسات الدينية في التصدي للفكر المتطرف، وقال: 'نحن في أمس الحاجة لتفعيل دور مؤسساتنا الدينية لتعزيز الفهم لمقاصد الدين الحقيقة من السماحة والرحمة، ونحن بحاجة لتنقية الخطاب الديني من شوائب العنف والتطرف، والأمل معقود على المؤسسات الدينية في مختلف الدول العربية وعلى رأسها الأزهر الشريف'.

وعن الأوضاع في اليمن، قال إن ما يجري هو محاولة للنيل من أمننا المشترك عبر استقواء فئة بالسلاح لتحقيق مصالح شخصية، وبين سعي فئة أخرى للفتنة ومساعي خارجية لتفكيك اليمن، فكان محتما أن يكون هناك تحرك عربي حازم تشارك فيه مصر من خلال ائتلاف يجمع دول التعاون الخليجي ودول عربية وأطراف دولية، للحفاظ على وحدة اليمن وسلامة أراضيه ومصالح شعبه الشقيق حتى تتمكن الدولة من بسط سيطرتها على كامل الأراضي اليمنية واستعادة أرضها.

وبين السيسي، أن مصر تحترم إرادة الشعب الليبي وحقه في تقرير مصيره، لكن الوضع في ليبيا يزداد خطورة في ظل استفحال ووحشية التنظيمات الإرهابية، لذا يجب مساعدة الحكومة الشرعية على بسط الأمن والاستقرار في حدود ليبيا، لتكون قادرة بالدفاع عن نفسها ضد التنظيمات الإرهابية.

وبين أن مصر تتابع باهتمام التطورات التي تشهدها الساحة اللبنانية في ظل التطورات الكبرى في المنطقة، مؤكدا ترحيب مصر بالحوار القائم في لبنان لاستعادة الاستقرار في لبنان لتمكينه من اجتياز هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه ويحفظ الأمن والاستقرار فيه.

وختم السيسي كلمته بالقول: 'إن مستقبل هذه الأمة مرهون بما سنتخذه من قرارات في هذه القمة، والمطلوب منا كثير، حيث تتزايد تطلعات الشعوب بتحقيق الرخاء، وهو حق لها في ظل تعاظم التحديات، وهي مسؤولية كبيرة، كي لا نغدو مجموعة من الدول تلتف حول تاريخ مجيد يجمعها دون قدرتها على التغيير بحاضرها ومستقبلها'.