ما زالت معركة رئاسة المكتب السياسي لحركة حماس مطروحة على بساط مجلس الشورى، الذي لم يلتئم حتى الآن لاعتبارات خاصة بالحركة، إن كان لجهة عقد الاجتماع العام في مكان آمن، أو للاتفاق على المرشحين لرئاسة المكتب السياسي. وايضا لاسباب موضوعية تتعلق بالتطورات الخطيرة الجارية في مصر، التي يحكمها الاخوان.
الصراع ما زال محصورا بين الرئيس الحالي للمكتب السياسي لحركة حماس، خالد مشعل، ونائبه الدكتور موسى ابو مرزوق. واي اسماء اخرى قد ترشح لهذا المنصب، لا حظوظ تذكر لها. لكن مشكلة الرجلين تكمن في قطاع غزة، التي انتزعت من ابو الوليد اثناء زيارته للقطاع في شهر كانون الأول الماضي، حق النقض (الفيتو) على اي توجه سياسي او تنظيمي في الحركة.
قبول خالد مشعل لفيتو غزة، كان مربوطا بمناورة تكتيكية لقطع الطريق على القوى الرافضة لقيادته الحركة في اقليم غزة، وايضا لكسب ثقة التيار النافذ في قيادة الانقلاب، خاصة تيار اسماعيل هنية، الذي اعلنه مشعل رئيسا فعليا لحماس في المهرجان المركزي بالذكرى الخامسة والعشرين لانطلاقة «حماس». رغم ان مشعل يعرف جيدا، ان هنية لا يملك الكاريزما لاتخاذ اي قرار على الصعد المختلفة، بعكس ابرز خصومه محمود الزهار، الذي يتوق ليس لقيادة غزة فقط، بل وقيادة الحركة كلها، لهذا شن اكثر من حملة ضد خالد مشعل شخصيا لازاحته عن مركز القرار.
وهو ما ساهم في دفع ابو الوليد للاعلان بشكل واضح عن عدم نيته الترشح لرئاسة المكتب السياسي منذ الرابع من أيار 2011، والذي عاد وأكده عشية زيارته لمحافظات غزة. لكن عينه لم تحد للحظة عن الموقع. ولهذا وافق على تقديم الطعم لاقليم غزة، اضف الى تعميق تحالفاته التنظيمية مع تكتل اسماعيل هنية، اولا لكسبه نصيرا لدعمه في اي معركة لاحقة، وثانيا لتقليم أظافر الزهار، ورد الصفعة له، وثالثا لقطع الطريق على منافسه موسى ابو مرزوق. لا سيما وان الاقتراح القطري في المؤتمر الثامن لتنظيم الاخوان المسلمين في السودان نهاية العام الماضي، بتشكيل مؤسسة موازية للجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامية، الذي رشح خالد مشعل لرئاستها فشل، ولم يحظ بالقبول، كما لم يحظ ابو الوليد بالدعم المطلوب.
كما ان حظوظ خالد مشعل، تضاعفت لثقة مكتب الارشاد لجماعة الاخوان، الذي يشارك بنسبة لا تقل عن 25% من اصوات المقترعين في مجلس الشورى؛ كما ان قطر تدعم بقوة مواصلة مشعل لرئاسة المكتب السياسي، وايضا لدعم تركيا لشخصه في مواجهة اي منافس بمن فيهم موسى ابو مرزوق، الذي ايضا حاول المناورة مع غزة، لكسب ودهم، وتعزيز التحالف معهم، لا سيما وانه من لاجئي القطاع، وتربطه بالعديد من قيادات الانقلاب علاقات خاصة.
لكن على ما يبدو ان حظوظ الدكتور موسى تراجعت مؤخرا، في ظل الدعم الواسع بما في ذلك غزة لمواصلة مشعل رئاسة المكتب السياسي للحركة. غير ان ابو الوليد يريد ان يستعيد باليسار ما اعطاه لاقليم غزة باليمين. اي يريد ان ينتزع منهم الفيتو. لأنه لا يقبل سيفا على رقبته ورقبة القرار السياسي للحركة كلها. لا سيما وانه يرفض معزوفة قيادة الانقلاب في غزة، التي تعتبر انها تحملت العبء الاكبر من التضحيات في رفع مكانة الحركة إن كان في المواجهة مع قيادة منظمة التحرير والسلطة واجهزتها الامنية او في تحمل عبء التضحيات نتاج عمليات الاغتيال الاسرائيلية لقيادات وكوادر الحركة في القطاع، بالاضافة للاجتياحات العسكرية المتواصلة. ولديه رؤية مغايرة لمنطق الاستئثار، الذي تنفذه مجموعة غزة بتلاوينها وكتلها المختلفة والمتناقضة. وتواصل سياسة الانقلاب داخل صفوف الحركة وخارجها كما فعلت مع الشرعية الوطنية.
مناورة مشعل بمنح الفيتو لحماس غزة، محدودة الزمن، وهو ما بات معلوما للجميع، ان رئيس المكتب السياسي الحالي، أكد في مجالسه، ان الموافقة على مواصلة دوره بقيادة المكتب السياسي، يحتم على اقليم غزة التخلي عن الفيتو طوعا، وإلا فليبحثوا عن بديل، وتقديره انهم لن يجدوه، لأن القوى النافذة داخل حماس وخارجها باتت تروج لولاية جديدة لأبو الوليد.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها