الإسرائيليون مقبلون على انتخابات مبكرة خلال أيام ، وإذ كانت الانتخابات قد تم تبكيرها نتيجة فشل حكومة نتنياهو في تحقيق موافقة الكنيست على المشروع المالي للدولة العبرية فان الأحزاب الأخرى وفي دعايتها الانتخابية الحالية لم تشر للموازنة المفترضة أو المقترحة من قبلها ما يربك صناع الرأي ان تجاهل ذلك الاسرائيليون.
إن الناخب الاسرائيلي الذي يواجه معضلة اقتصادية كشف عنها «ربيع تل أبيب» وما لحقها من محاولات فرض ضرائب باهظة وتغييرات اقتصادية هذا الناخب يعيش في دوامة التخويف والوجل الذي ترفع راياته الأحزاب اليمينية ونتنياهو بفزاعة ايران ودولة فلسطين ويهودية الدولة ، اذ كلما حُشرت زاد صراخها حول نقاء الدولة العبرية وتعرضها للأخطار المحدقة باعتبارها الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط.
يتواجه في هذه الانتخابات كل من الرئيس الاميركي أوباما ورئيس الوزراء نتنياهو فعليا ، فعدا عن العلاقة السيئة بين الرجلين لاختلاف طرق التفكير وأساليب كل منهما في الحفاظ على أمن (اسرائيل) فان نتنياهو المنزعج كليا من اعلان الدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة ومنكس الرأس من صمود غزة قام بإعطاء أوامر البناء غير الشرعي في القدس.
في المقابل فان الرئيس أوباما الذي لا يستلطف نتنياهو أو سياساته كان قد عرقل التصويت لفلسطين دولة في نيويورك ولم ينجح إلا مع 7 دول بينها دولتا ميكرونيزيا وبلاو العظيمتان (كما وصفهما جيفري غولدبرغ في معاريف).
يتوقع المحللون مواجهة في الحكومة الاسرائيلية القادمة المفترض أن يحقق فيها اليمين تقدما مريحا (بعض التحليلات الاسرائيلية ترى امكانية حدوث اختراقات) مع الرئيس أوباما الذي يريد الحفاظ على أمن (اسرائيل) من خلال الحفاظ على يهودية (اسرائيل) خارج الضفة والمستوطنات ما لا يحبذه اليمين.
سيتفاجأ الناخب الاسرائيلي أنه مع حكومة اليمين المتوقعة لن يحقق رخاء اقتصادياً كما يتوقع (يوري افتيري)، كما ان الدولة العبرية ستزداد عزلة لا سيما وبوادرها كانت واضحة بنجاحات الرئيس أبومازن عربيا وأوروبيا ، وفي رفض العالم لمخططات نتنياهو الاستيطانية ، وقبول ذات العالم لدولة فلسطين واستتباعات هذه المكانة.
أما المفاجأة الثانية فهي أن اللعب السياسي دون فرجة أمل قد يستمر مع الفلسطينيين بلا معنى ، حيث لا تقدم على الطريق رغم أن استطلاعين اسرائيليين محترمين أظهرا أن غالبية الناخبين الاسرائيليين مع حل الدولتين بمعنى خلق دولة فلسطينية على حدود 1967 وتقسيم القدس وتشمل هذه الغالبية ناخبي الليكود و(بينيت).
الفلسطينيون من البحر الى النهر ليسوا أقلية ولن يكونوا كما تقول (عميرة هاس) مضيفة ان ذلك دلالة على «أننا كيهود لسنا أكثرية» ما يولد الخوف (والتخويف) والتلاعبات السلطوية الاسرائيلية الداخلية مطالبة بعدم استغلال التفوق العددي والعسكري الاسرائيلي والتفكير بالمستقبل.
إن سيناريوهات الإنسحاب الأحادي من الضفة (غلعاد شير) أو ضم الضفة (كما يعتقد حدوثه يوري أفنيري) قد تعني نفس المعنى هو أن يحصن الفلسطينيون في جيوب (غيتوهات) صغيرة وتمتلئ الضفة بمزيد المستوطنات وتندلع انتفاضة عنيفة لم تعد مفاجأة، وإنما كانت توقعا اسرائيليا بدأت بوادره بالنهوض، فهل ستكون هذه هي المفاجأة الثالثة التي قد تنفرج في وجه الدولة العبرية التي تنكمش سياسيا وتنعزل عن العالم وحتى عن إدارة أوباما الحالية؟
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها