خاص مجلة القدس- حوار: طارق حرب
خلال قيامه بتأدية مناسك الحج، التقى مع بعض لاجئي لبنان، فشرحوا له الأوضاع الصحية التي يمرون بها ويعانون منها. تأثر بما سمع، وفور عودته إلى أرض الوطن كتب تقريراً إلى الرئيس محمود عباس يطلعه فيه على ما وصل إلى مسامعه وإذا ما كان هناك إمكانية لتقديم المساعدة والعون كوزارة صحة في السلطة الوطنية الفلسطينية لمساعدة الأهل في لبنان.
وجاء رد الرئيس أبو مازن بتكليفه شخصياً لزيارة المخيمات الفلسطينية في لبنان ومعاينة الوضع الصحي للاجئين والمرافق الصحية الفلسطينية في لبنان على أرض الواقع.
مجلة القدس التقت وزير الصحة الفلسطينية د. هاني عابدين خلال وجوده في لبنان للتعرف على جوهر الزيارة وما يحمله من برامج بالنسبة للوضع الصحي في لبنان.
بدايةً كان الهدف الأول الذي وضعه وزير الصحة د.هاني عابدين نصب عينيه بعد تكليفه بالمهمة هو أن لا تقتصر الزيارة على وزارة الصحة بل أن تمتد لتشمل التعاون مع المعنيين بالشؤون الصحية في المخيمات. فكان الاقتراح أن تكون وزارة الصحة جزءاً من وفد يضم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ونقابة الأطباء الفلسطينيين ومندوبين من مكتب الرئاسة، والصندوق القومي الفلسطيني، للوقوف على ما يجري من الناحية الصحية في المخيمات الفلسطينية في لبنان.
مستشفى بدون ماء وكهربا!!!
"أن تسمع غير أن ترى بأم عينك ما يجري على أرض الواقع". هذا ما قاله الوزير عابدين حول أولى زياراته إلى مستشفى بلسم في الرشيدية مضيفاً:"حقيقةً، لم أصدق بأن هذا المرفق هو مرفق صحي. لكن كانت لي نظرة أخرى عندما رأيت المستشفى الآخر في مخيم البص". ورأى الوزير عابدين أن "مستشفى بلسم يمكن استخدامه كمستوصف، فيما تكون التحويلات بالنسبة للقطاع الصحي من الدرجة الثانية والثالثة إلى مستشفى البص لما يتمتع به من إمكانية للتطور وتقديم الرعاية بشكل أفضل مما هو موجود حالياً في مستشفى بلسم. فخلال زيارتي لم يكن هناك ماء، وهذا نادراً ما يحصل، وأيضاً الكهرباء غير متوفرة دائماً، والكوادر البشرية غير متوفرة بشكل كامل".
الهمشري نقطة مضيئة
من جهة ثانية اعتبر د. عابدين أن مستشفى الهمشري نقطة مضيئة، مضيفاً: "نستطيع القول أن التطوير الذي حصل فيه من ناحية الخدمات الطبية المقدمة إلى اللاجئ الفلسطيني في المخيمات على المستوى الثالث والرابع هو شيء مفرح وجيد. وهناك إمكانية لتطوير هذا المكان لسد كل الاحتياجات في الجراحات المختلفة وأيضاً في التخصصات المختلفة". وأكد الوزير أن هذا التطوير يحتاج إلى وضع سياسة ورؤية جديدة للمستشفى وإيجاد إمكانية مادية، وتطوير الكادر البشري الطبي والتمريضي لمواكبة ما هو جديد في عالم الطب، وبالتالي كسب ثقة المواطن والجمهور بما يقدم من خدمات في هذا المستشفى، إلى جانب تشجيع الجهات الأخرى على شراء الخدمة الطبية من هذا المرفق، وحثها على الشراء بحجم أكبر عوضاً عن التحويل إلى المستشفيات الخاصة الموجودة في المنطقة.
نحو تركيز الإمكانيات وترشيد الخدمات الطبية
وحول الفكرة الأساسية التي يحملها الوزير عابدين لتطوير الخدمات الصحية للاجئين قال: "يجب أن يتم العمل من خلال ترشيد الرعاية الصحية وترشيقها أي الحد من تكاليفها الفائضة، إذ أنه ضمن الإمكانيات الموجودة لا يمكن أن يكون هناك مرافق على مستوى مشافٍ متطورة في كل مخيم. لذا نريد أن نركز هذه الإمكانيات في ثلاثة أو أربعة مراكز، أي بمعدل مركز في كل منطقة، بحيث تكون هذه المراكز رئيسيةً يُحوَّل إليها المرضى للخدمة الطبية المتطورة. وتبقى المراكز الأخرى بمكانة مستوصفات لا مستشفيات لتقديم الخدمة والإسعافات الأولية وبعد ذلك يتم نقل المريض إلى المراكز الرئيسية".
وأكد الوزير عابدين أنه عندما تكون هناك رؤية كاملة وشاملة لما هو موجود وعندما توضع خطة، فسيتم استعراض كافة الاحتمالات للاستفادة من كل المراكز حسب إمكانياتها وما هو متوفر لها من كوادر واستغلالها جميعاً بحسب الظروف المتاحة.
الهدف بناء خطة مستقبلية وليس إلغاء أحد
يشدد الوزير عابدين على أن زيارته إلى لبنان ليست لإلغاء دور أحد من المعنيين في الشؤون الطبية للاجئين في المخيمات وإنما للتشاور، وإبداء الرأي، وبناء خطة مستقبلية وإستراتيجية جديدة تصب في مصلحة اللاجئ الفلسطيني. مشيراً إلى أنه "إذا كان رأي الأخوة في الهلال الأحمر الفلسطيني أنهم يستطيعون تحمل هذه المسؤولية فليكن، فنحن ليس لدينا أي رأي مسبق حول من سيتحمل هذه المسؤولية أو من سيساهم في تحمل هذه المسؤولية؛ لكن نقول أنه من خلال لقاءاتنا سمعنا أن إمكانيات الهلال الأحمر المادية أصبحت محدودة مقارنة بما كان في السابق، فإذا كان الأمر كذلك، في ظل اقتراح جهات أخرى علينا تحمل مسؤولية إدارة المرافق الصحية الفلسطينية، فليكن". وأضاف: "هناك الكثير من المعوقات وخاصةً ما يتعلق بأن الهلال الأحمر لم يشهد أي تطور في العملية الإدارية والخطط المستقبلية، وهذا ما نريد التباحث معهم فيه".
لن نُخلي الأونروا من مسؤولياتها
يشدد الوزير عابدين على أن الأونروا عليها مسؤولية لجهة تقديم الرعاية الصحية للاجئين الفلسطينيين في مخيمات الشتات ويتابع: "نحن لن نرفع مسؤولية الرعاية الصحية عن الأونروا وهذا من الأساسيات ولن نبحث فيه. ولكن كيفية ومستوى الخدمة المقدمة من وكالة الأونروا هو ما يجب التطرق إليه، إضافةً إلى ماهية رؤيتهم المستقبلية حول تقديم هذه الخدمة التي نريد استيضاحاً عنها منهم، وإذا ما كانوا سيقدمونها على مختلف المستويات أم سيحددونها بمستوى دون آخر"، معلِّقاً بالقول: "لا نستطيع أن نرضى بأن تتنصل الأونروا أو حتى أن نقول بأنها تريد أن تتنصل من مسؤوليتها تجاه الخدمة الصحية بالنسبة للاجئ الفلسطيني".
وجوب تقاسم الأدوار للنهوض بالواقع الصحي
يختم الوزير عابدين اللقاء بالقول: "يجب أن يكون هناك تفكير جدي لوضع رؤى واستراتيجيات غير التي كانت موجودة في السابق، لأن الوضع لا يحتمل. ويجب تطوير قطاع الخدمات الصحية المقدمة للاجئ الفلسطيني في المخيمات. ويضيف: "يجب أن يتم تقاسم الأدوار. لا أحد يستطيع بمفرده تحمل المسؤولية كاملة. وأرى أنه إذا قمنا بتقسيم الأدوار يمكن القيام بهذه المهمة وتطوير والنهوض بالواقع الصحي الفلسطيني للاجئين الفلسطينيين في لبنان".
ويتابع: "ما رأيته من مرافق صحية في المخيمات الفلسطينية، بعضه لا يفي بالغرض، ويجب أن لا يكون مرفقاً صحياً. ولكن هناك مرافق صحية أخرى لا بأس بها، ونحن نتمنى أن يكون هناك نوع من المساهمة من قِبَل جميع المعنيين في تقديم الرعاية الصحية بحيث تصبح ذات جودة عالية تليق بما يستحقه المواطن الفلسطيني. والنقطة الثانية هي أن هناك أولويات في تقديم الرعاية الصحية للاجئ الفلسطيني يجب أخذها بالحسبان، فحوالي 50% من الشعب الفلسطيني تحت سن 18 ويجب أن يتم تطوير الخدمات المقدمة في مجال الطفولة والأمومة، وأمراض الأطفال، فلا يعقل أن يكون لدينا مستشفى وليس فيه قسم خُدَّج (Guavas) على مستوى عالٍ يقدم كل الرعاية. ومن هنا فيجب أن يكون هناك رؤية جديدة تتناغم مع احتياجات المجتمع الفلسطيني في الشتات".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها