الحرب الإجرامية الإسرائيليةعلى غزة، تستوجب حُكماً، وحدة الموقف الفلسطيني، التي هي مقدمة طبيعية لتطور الموقفالعربي، والى ارتقائه الى مستوى الإجراءات العملية رداً على أي عدوان، إن لم تكن عسكريةابتداءً، فلتكن سياسية ودبلوماسية تشمل الإدارة الأميركية التي أعطت الضوء الأخضر للعدوان،ثم أكد الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون» على هذا الضوء، تأييده للغاراتبعد أن بدأت. فالمحتلون يريدون من القوة التي تحكم، سواء في الضفة أو غزة، أن تكونفاقدة للقدرة على مقاومة الاعتداءات، وكذلك فاقدة للقدرة على المبادرة السياسية. هملا يريدوننا أن نقاوم ولا أن نسالم. إن ما يسعون اليه، هو إبقاؤنا في منطقة اللا وزنالرمادية. لقد بتنا، من جراء الانقسام، بلا بدائل. فإن كان الكفاح المسلح عسيراً مكلفاًبحكم موازين القوى، وهذا ما قلناه أكثر من ألف مرة؛ فإن خيارنا الطبيعي، هو توافق المجتمعوالكيانية والقوى السياسية، على استراتيجية عمل طويلة الأمد، تتأسس في إطارها حالةفلسطينية تعكس قوة الموقف الوطني الفلسطيني، بما يضمن القدرة على رفض مخططات العدو،وعلى تعزيز فاعلية العمل السياسي والروابط مع العالم، وإتاحة المجال للمجتمع الفلسطينيلكي ينمو في ظروف طبيعية، فيمارس البناء ويحقق نهوض المجتمع وإنعاش ثقافته، بدل اليأسوالضياع اللذيْن لا تدحضهما الخطابات الرنانة!
في خضم هذا الحدث، وعلى الرغممن الألم والإحساس الفاجع بالخسارة؛ لن نتردد في التذكير بأن المحتلين كانوا وسيظلونحريصين على جرّنا الى مربع الحرب، لأن في هذا المربع دون سواه، يكون ربحهم الصافي،إذ نتلقى الضربة والخسارة الفادحة، ثم نكون ملومين. ويا ليت لدينا القدرة على تخليقشق فلسطيني لمعادلة قوامها الحرب من جانبهم والمقاومة بالنيران من جانبنا. فما تدلعليه وقائع الأيام القليلة السابقة، هو أن النيران الفلسطينية من غزة، وهي التي يتذرّعونبها لإدامة الحرب والعدوان؛ لم تؤلمهم ولم تُلحق بهم خسارة في الأرواح. أما في جانبنا،فلدينا أرقام الشهداء. ربما تكون «حماس» أدركت هذه الحقيقة، لكنها لم تنجح في تأسيسخطاب آخر، يساعد على بناء الوضع الوطني الفلسطيني على أسس راسخة، تقوم عليها عمليةتعزيز للقوة والقدرة، لكي نصبح جاهزين لأن نقاوم، إذا ما توافر لنا ظهير إقليمي حقيقي.ها هي قذائف العدو تضرب وتقتل وتحرق، ولا نيران مساندة لنا من «حزب الله» ولا من إيرانولا من غيرها. لم تكن هذه الحقيقة غائبة أو ملغزة، مثلما لم يكن غائباً ولا ملتبساًكون الفلسطينيين جميعاً يتوحدون في مواجهة العدوان، وكوننا أقرب الى بعضنا البعض، منقرب أيٍ من طرفي الخصومة الى أقرب حلفائه ومشجعيه!
كنا نأمل أن تنشأ خيارات «حماس»من خلال هذه الحقائق، لكي لا يكون هاجسها اليومي هو المحافظة على الحكم في غزة ورفضالمصالحة تحت عنوان المقاومة التي إن قاومت أو لم تقاوم، سيقابلها المحتلون بحرب النيرانالإغراقية التي تصيب أهدافها. إن الإطار السياسي الجغرافي والفصائلي، الذي تحكم فيه«حماس» يفتح المجال لاستباحة غزة بتأييد من الولايات المتحدة وحلفائها. ففي هذه اللحظات،يقتضينا الواجب أن نلح مرة أخرى، على وحدة الكيانية الفلسطينية، وعلى وحدة القوى الحيّة،وعلى اعتماد سياسة وطنية واقعية، تتمسك بثوابت وأهداف الشعب الفلسطيني، وتوفر الحشدوالاصطفاف الدولي وراء أهدافنا العادلة.
ولا معنى الآن، للإفاضة فيشرح دوافع الحرب وأسباب إدانتها، وتكرار مطولات البرهنة على أن المحتلين معتدون ومجرموحرب. المعنى الذي نتطلع اليه، يتعلق بالإجابة عن أسئلة أخرى مهمة، بجدية وصراحة ومسؤولية:كيف نجعل مثل هذه الحروب صعبة على مجرمي الحرب؟ وكيف نعزز موقفنا الوطني العام؟ وكيفنظل متمسكين بأهدافنا على الرغم من سطوة القوة الباغية؟ وكيف نواجه مثل هذه الحروبموحدين!
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها