الوفاء لقائد حركة التحرر الوطنية الفلسطينية الشهيدياسر عرفات تعبير عن نقاء الوعي الوطني.

ياسر عرفات ابوعمار اسم بحجم وطن وكوفية منسوجة من خيوطزمن اولها عند فجر التاريخ وآخرها مع آخر طلعة للشمس على الأرض.

لم يخطط ياسر عرفات الناطق باسم الثوار ليكون ضميرالشعب فلسطين والعرب وأحرار العالم، فضمائر الشعوب الحرة العظيمة تقدم للإنسانية ضمائرهابهيئة قادة ثوار، وعلماء وأدباء وفلاسفة وحكماء كبار..وهكذا فعل الشعب الفلسطيني.

كان الزمن متمردا على ياسر عرفات، لكنه استطاع بفضلارادة الثوار المناضلين وصبر الشعب الفلسطيني وانتصار العرب له الامساك بزمامه، فوصلبه الى محطات كان طريقها وعراً جدا ونال منه ومنا في مسارات.. لكنه أورثنا الزمام بعدان عاد الى فلسطين.

يحفظ الشعب مكانة قادته العظماء في وجدانه الفردي والجمعي،لأن الشعب يريد، فالنبت الطيب في الوجدان لا يخلقه قرار ولا تكونه مؤسسة، فالأمم والشعوبحفظت اسماءً منذ آلاف السنين حين لم يكن لدى البشر الواح طين او أبجدية أو ورق، فالاشخاصالتاريخيون أعظم من أن تحتويهم مادة قابلة للتفاعل والاهتراء والتحلل.. فقدرة الشعبالاعجازية تكونهم لمرة واحدة والى الأبد في الضمائر والذاكرة التي لا يشبهها أي معدنالا معدن الوفاء.

ياسر عرفات «عجينة انسانية» فهو خليط من تراب الأرضوملحها، وماء سمائها وينابيعها، عجينة متجانسة من الأفكار الانسانية التحررية التقدميةوالمفاهيم والمسلكيات النضالية الثورية، المبادئ والقيم، والعقائد والايمان، والحقوالارادة. أصاب ياسر عرفات وأخطأ أيضاً، فهو انسان قبل أن يكون زعيما، صوابه ملهم لنا،وأخطاؤه علامات حمراء لا نقربها الا لفحصها حتى لا تتكرر. يقتضي الوفاء تقييم التجربة،فنمضي بالصواب الى القدس حيث كانت وجهة ابو عمار دائما، ونقرأ العبرة من الخطأ، فالشعبهو الحكيم الشرعي للقادة والزعماء، وهو الذي يمنح شهادة «الصحة الوطنية» فلنبارك لياسرعرفات الذي نالها بدرجة امتياز.

لا تقاس مكانة الدول بمساحتها الجغرافية، ولا الشعوببعددها، ولا الزعماء بالهامات، فياسر عرفات لم يكن كديغول فرنسا العظمى الذي حررهامن جيوش النازية، لكنه جعل من فلسطين أكبر من القارات، فكان قائد شعب لايُنسى، شعبتحول من لاجئين الى فدائيين، وحوّل خيم اللجوء والتشرد لمدارس، والمخيمات جعلها قواعداللكفاح وصناعة الحياة، فصار شعبنا الصغير هو الرقم الأصعب في الأمم، وصارت بلدنا الصغيرةفلسطين مفتاح السلام والحرب في العالم.