لغط كثير أثير حول تصريحات الرئيسمحمود عباس للتلفزيون الاسرائيلي، واجتهادات متباينة تناقلتها وسائل الاعلام في قراءةحديث الرئيس وتفسيره، وكان هناك من انفعل واستسلم للغضب غير المؤسس على قراءة دقيقةلنص الحديث وللتأويل الذي يحركه الشك الساكن في العقل الفلسطيني إزاء أي نشاط سياسيلا ينضوي تحت شعار التحرير من الماء إلى الماء، لكن هذا الانفعال كان مدفوعا بعاطفةوطنية وأصيلة تعبر عن الوجدان الجمعي الفلسطيني وعن الموقف المتمسك بحق كل الفلسطينيينفي كل فلسطين.

هذا الانفعال طبيعي وصحي وربما يكونضروريا بالمعنى السياسي، عندما يتحول إلى ضغط سياسي على الجانب الآخر، وهو في صراعناعدو استعماري بالغ الوقاحة، لا يتورع عن اقتراف الجرائم بحق شعبنا وأرضنا، ولا يحترمالعهود والمواثيق، ويجاهر بمعاداته لحق الانسان الفلسطيني في الحياة ناهيك عن حقه فيالعودة.

لكن هذا الانفعال الذي يترجم الفارقالموضوعي بين الخطاب السياسي والخطاب الجماهيري هو موقف حسي وطني لا يخضع لبرنامج سياسيلأي فصيل ولا يحتكم لقرارات وتعميمات أي تنظيم يزعم النطق باسم الشعب الفلسطيني. لذايبدو الاستثمار السياسي للانفعال مستفزا وضارا خاصة عندما يكون الطرف المستثمر متفقامع مضمون تصريحات الرئيس في ما يتعلق بحدود دولة فلسطين التي قبلت السلطة أن تكون فينطاق الضفة والقدس وقطاع غزة، وأقرت حماس بقبولها لهذه الحدود في أكثر من تصريح بألسنةكبار قادة الحركة وصانعي قرارها السياسي.

من يسأل قيادة حماس في الداخل وفيالخارج عن موقفها من حل سياسي يقوم على أساس الدولتين يتبين قبول الحركة بدولة فلسطينيةعلى حدود الرابع من حزيران عام 1967. ومن يتابع الحالة الأمنية على حدود غزة مع فلسطينالأولى يعرف كم هي هادئة هذه الحدود في العهد الحمساوي غير الميمون في غزة.

وإذ يفهم المرء دوافع الانفعال العاطفيالشعبي فإنه يفهم أيضا دوافع الافتعال والتعبئة الساسية التي تمارسها حماس ضد منطوقسياسي تكتيكي ينسجم مع رؤيتها الاستراتيجية للحل. ولا يمكن اعتبار هذا الافتعال والتعبئةالبغيضة الا في سياق الصراع الداخلي وتصفية الحسابات والبحث عن مبررات للعجز البائنفي إدارة القطاع.

تحشيد حماس للمتظاهرين ضد السلطة الوطنيةيكشف بشكل جلي استحالة المضي في مشروع المصالحة مع هذه الحركة الانقلابية التي لا تتورععن توظيف الدين والحس الوطني لخدمة أهداف فصائلية ضيقة ولا تجد غضاضة في تخوين قيادةتشترك وإياه في ذات الموقف المعلن.

بالنسبة لي لا تختلف صفد عن نابلس،ولا أعتقد أن حقنا في التراب مرهون بنتائج المماحكات بين فتح وحماس.