إن ما يحصل في غزة خرج عن كل تقدير أو توقع ، واتخذ مسافة أبعد مما رُسم له في (الكابينت) الإسرائيلي ، فان كان (نتنياهو) قد حدد لهذه الحرب بداية من خلال (اختراعه) عملية قتل المستوطنين الثلاثة في الخليل التي تتكشف الأمور عن أنها حادثة جنائية مدبرة، فانه لا يستطيع ان يحقق النهاية السعيدة التي قدّرها بالفوز برأس الوحدة الوطنية، وتدمير غزة أو فصلها نهائيا عن فلسطين، عدا عن تعرضه لسلسلة من المفاجآت و الحقائق الميدانية التي أربكته ولم يكن ليدركها إلا بتحريك الجيوش.
ان التقدير الإسرائيلي يفشل في كل مرة يدخل فيها مستنقع غزة، كما في المرات العديدة السابقة، ورغم أن حاصل العملية العسكرية الذي يهدف لإختبار قوة المقاومة، وتدمير سلاحها الثقيل،وبث الفرقة، وتدمير الأنفاق لم يتحقق حتى الآن، إلا أن عددا من الأهداف السياسية الأخرى للعدوان الصهيوني قد فشلت أيضا سواء على الصعيد العربي أوالصعيد الأوروبي و العالمي.
في مسار حديثنا عن فشل نتنياهو من المهم الإشارة أنه نجح رغم ذلك في تأكيد المؤكد وترسيخ الراسخ وكشف المكشوف وهو عمق العلاقة الوطيدة مع الولايات المتحدة الأمريكية التي عبرت عن تآزرها مع (إسرائيل) وحقها في (الدفاع) عن نفسها رغم سيل المذابح ، كما نجح بالتزحزح قليلا، بعيدا عن البعض الأوروبي والعالمي الرسمي لسياساته فكسب اقتراب بروايته الدعائية المكثفة جيوبا هامة في الدول الأوروبية، ولدى بعض حكوماتها، لا سيما وان عزلته التي سببتها دبلوماسية أبومازن قد ألحقت به ضررا كبيرا وشوهت صورته وصورة (إسرائيل) (الديمقراطية) .
ومن مكاسب نتنياهو الأخرى تمتين الجبهة الداخلية التي أثبتت موافقتها على عدوانه البربري على غزة بنسبة 95% حسب الاستطلاعات الثلاثة لمعهد "ديمقراطية إسرائيل" لذا هو وان وضع نفسه في مأزق ميداني وسياسي كبير إلا انه كسب حلفاء جدد في اليمين المتطرف ما يؤهله وحزبه في الانتخابات القادمة .
إن اللعبة في غزة أكثر شمولية من النظر لها بعيون محلية ومحدودة تعتقد إن الحكومة الإسرائيلية تتعامل فيها مع (كيان) أو(عصابات) على حدودها، لا اعتقد ذلك فالمطامع الاقتصادية والنفوذ السياسي ومنطق السيطرة و الهيمنة في المنطقة يدخل في ذات الصراع ليرسم حقيقة ما يجري في غزة غير بعيد عن مجريات الأمور في المنطقة .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها