تحت شعار"يا قدس إنّا قادمون" أحيت "مسيرة العودة الى فلسطين" الذكرى الـ47 لاحتلال شرق القدس، بمسيرة كشفية لبنانية فلسطينية مشتركة انطلقت من حرش قصقص مخترقة البربير وصولاً إلى الإسكوا وسط العاصمة بيروت، عصر السبت 2014/6/7. 

وعلى وقع الموسيقى الكشفية وأناشيد الثورة، وهتافات المشاركين، ووسط  حماسة الجموع  المحتشدة على جوانب الطرقات وشرفات المنازل، انطلقت المسيرة تتقدَّمها رايات القدس ومجسمات الاقصى التي حُمِلت على الأكتاف، وخلفها الأعلام اللبنانية والفلسطينية وأعلام الكشاف اللبناني والفلسطيني، في غياب أعلام الفصائل تجسيداً للوحدة الوطنية، وأن الولاء فقط لفلسطين والقدس.

وشارك في المسيرة سعادة سفير دولة فلسطين لدى لبنان أشرف دبور، وعضو المجلس الثوري لحركة "فتح" آمنة جبريل، وقادة فصائل الثورة والقوى الإسلامية الفلسطينية والأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية، وتكتل الجمعيات والهيئات الأهلية في لبنان، والجمعيات الكشفية والرياضية اللبنانية والفلسطينية.

وتوقفت المسيرة أمام الإسكوا في حديقة جبران، حيث قرأ المشاركون الفاتحة لأرواح شهداء المقاومة اللبنانية والفلسطينية، تلا ذلك النشيدين الوطنيين اللبناني والفلسطيني، ثم كلمة فلسطين ألقاها السفير دبور، جاء فيها "لنجعل من هذا اليوم يوم انتصار للأسرى في سجون الاحتلال، الذين يسطرون اروع ملاحم الصمود بأمعائهم الخاوية لليوم الخامس والأربعين".

وعرض السفير دبور لتاريخ الاحتلال الصهيوني لفلسطين ومخططه الهادف للسيطرة على منطقتنا العربية لتحقيق حلمه بإقامة إسرائيل الكبرى، وذلك من خلال محو الهوية والطابع العربي لمدينة القدس، وتزوير الحقائق وشطب تاريخ المدينة المقدسة وتغيير السمات الحقيقية للأماكن والأزقّة والشوارع وتهويدها، والسعي لإيجاد البيئة الحاضنة للتأثير في الرأي العام الدولي وإقناعه بأنّ الأماكن الدينية الإسلامية تقوم على أنقاض آثار يهودية والهيكل المزعوم.

واستنكر السفير دبور حالة الصمت السائدة تجاه كل ممارسات الكيان الصهيوني وخصوصًا تجاه المؤمنين مسلمين ومسيحيين، ولفت إلى أن هذا الصمت يُعدُّ تشجيعاً لإسرائيل للاستمرار بمخططاتها، داعيًا الجميع لتحمُّل المسؤولية واتخاذ خطوات عمليّة وفعّالة وتحركات جديّة لنصرة وحماية القدس والمقدسّات.

وأضاف السفير دبور "سنبقى العامل الوحدوي بين كافة مكونات المجتمع اللبناني، ملتزمين بالقانون والأمن والاستقرار والسلم الأهلي، وهذا الموقف يحظى بإجماع وطني فلسطيني وعلى كافّةِ المستويات القياديةِ والهيئات والأُطُر الشعبية"، واستطرد قائلاً: "لنا ثقة بإخوتنا اللبنانيين بأنّهم لن يسمحوا أن يبقى الفلسطيني محروماً من حقوقه الإنسانية في هذا البلد الذي احتضنه وقدّم التضحيات الجِسام في سبيل القضيّة الفلسطينية، كان وسيبقى السدّ المنيع بوجه المشروع الصهيوني".

 وختم بالقول: "نستخلص العِبَر ونستلهم العزيمة والصبر والإرادة القويّة التي لا تلين ونعلنها من شعب الجبّارين، موعدنا مع القدس سيحين ولو بعد حين".

ثمَّ كانت كلمة لجنة مسيرة العودة ألقاها الإعلامي هيثم أبو غزلان، قال فيها: "نعيش في هذه الايام ذكرى اليمة علينا جميعًا، هي الذكرى الـ47 لاحتلال العدو الصهيوني لسيناء والجولان وغزة والضفة الغربية والشطر الشرقي لمدينة القدس، وفي وقت يمعن العدو فيه بعدوانه الواسع على الانسان والأرض قتلاً وتدميراً واستيطاناً وتهويداً في محاولة لإنهاء وجودنا على هذه الأرض، يخوض اسرانا في معتقلات الاحتلال منذ الرابع والعشرين من نيسان الماضي اضرابًا جماعيًا عن الطعام احتجاجًا على استمرار اعتقالهم إداريًا وللمطالبة بالإفراج عنهم وإغلاق ملف اعتقالهم الاداري ووضع حد لهذا السلوك الـمُدان دوليًا".

وتابع: "لقد أربك هذا الإضراب، مع اتساعه ليشمل عشرات اخرين من المعتقلين الاداريين والمحكومين أيضًا إدارة السجون الصهيونية لا سيما ان عشرات منهم تدهورت اوضاعهم الصحية ونُقِلوا الى المستشفيات وهذا يستدعي من الجميع المزيد من التحركات التضامنية لنصرتهم. كما ان الجرائم الاسرائيلية ضد القدس لم تقتصر على المسلمين وأماكن عبادتهم، وإنما تشمل الاماكن المقدسة المسيحية".

وأضاف أبو الغزلان "على الرغم من أن الاحتلال قد اغرق القدس بالأحياء اليهودية، وجهد من اجل زيادة اعداد اليهود فيها وعملت سلطاته ومستوطنوه من اجل احداث تبدل جوهري في واقع المدينة وتهجير اصحاب الأرض، غير ان مواطني القدس وعموم الفلسطينيين جهدوا ولا يزالون من اجل الابقاء على القدس مدينة عربية".

وأكد أبو الغزلان في نهاية كلمته أن بقاء القدس تحت نير الاحتلال يستحث الجميع للنهوض والغضب والثورة لتحريرها.

كذلك كانت كلمة لرئيس اتحاد كشاف لبنان القائد نبيل بيضون، حيث قال: "لست من الذين يكتبون في السياسة ولست من الذين يخاطبون عواطف الناس، فدوري كتربوي ومجتمع مدني، يحتم علي مخاطبة عقولكم، ففلسطين والقدس ليست في عقلي فقط، بل هي في القلب أيضًا، ماذا تنتظرون من امة تعطي لنفسها الحق باسم الدين ان تقتل وباسم الدين ان تغتصب مُلكَ الآخرين، وباسم الدين تعلِّم اطفالها ان انتصارهم على العرب هو قدر إلهي؟!! وهل ننسى كيف كان الجنود الاسرائيليين في حرب تموز على لبنان، يعلِّمون اطفالهم أن يكتبوا على قنابلهم عبارة "هدية من اطفال اسرائيل الى اطفال لبنان؟!".

وتابع بيضون: "اذا اردنا ان ننتصر على العدو الاسرائيلي علينا ان نقرأ كتبهم ونتعرف على تاريخهم. فقبل الكفاح المسلح وما أهميته وقبل الدبلوماسية على اهميتها علينا ان نتعرف كيف يربي هذه العدو نشأه، لقد سرقوا قداسة ارضنا وزعموا بحقهم بها وبقيت ارضنا مُستباحة، قيمه زائفة وقيمنا اسمى وارقى، كونوا يدًا واحدة ووجهة واحدة فعدوكم واحد".

بدوره ألقى القائد سامر أحمد "أبو عمر" كلمة باسم كشاف فلسطين، استنكر فيها وقوف الأمم المتحدة ومؤسساتها وهيئات المجتمع الدولي كمتفرجين أمام جرائم اسرائيل العنصرية التهويدية ضد القدس ووجهها التعددي الحضاري، وضد السكان الفلسطينيين والمقدَّسات، وأضاف "إننا نسأل المجتمع الدولي ومؤسسات الامم المتحدة عن صمتهم المريب تجاه ما تمارسه العنصرية الصهيونية ولماذا يخرس الضمير العالمي امام جرائم الحرب الاسرائيلية اتجاه مدينة السلام ووطن السلام؟!"، مدينًا بسام الهيئات الكشفية والرياضية الفلسطينية واللبنانية والجمعيات الاهلية في لبنان، هذا الموقف الدولي باعتباره تواطؤًا مع الاحتلال لتدمير اقدم مدينة حضارية في التاريخ ورمز الديانات السماوية والمشهد التاريخ للحضارات الانسانية.

وأضاف أحمد "إننا نعتبر القدس هي الفضاء الحضاري المشترك للأمة ولأحرار العالم الذين يحاربون الاحتلال والعنصرية ويؤمنون بأن القدس مدينة السلام والمعراج والقيامة، وان رجس الاحتلال زائل لأنه يُمثّل الظلم والخراب ولا بد ان تتحد كل القوى الحية لدعم القدس وأهل القدس في مواجهة العنصرية و تلميع الاحتلال"، داعيًا الشباب العربي للنهوض للدفاع عن القدس، ومهيبًا بالجميع لـ"حمل رسالة دائمة لأهلنا في القدس وفلسطين بأننا معهم وواجبنا دعمهم ماديًا وسياسيًا وبكل الوسائل حتى زوال هذا العار الذي لطخ الضمير الانساني، وأشاع ثقافة الحقد والدمار والموت".

وأكّد أحمد التمسُّك بخط المقاومة كخط للعودة الى القدس وكل فلسطين، وحيا ابطال المقاومة في فلسطين ولبنان الذين سطروا اجمل صور البطولات لهزيمة العدو الصهيوني، خاتمًا بتوجيه التحية الى شهداء المقاومة في لبنان وفلسطين والأمة العربية، والى الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، والى الشعب الفلسطيني المرابط في أكناف بيت المقدس.