حلفاء نتنياهو في الائتلاف الحكومي الاسرائيلي الحالي, اصبحوا اكثر جرأة في القفز على اكتافه والمزايدة عليه, وهذا بسبب اخطائه التي ابرزها, انه هو الذي اختار هذا الائتلاف لكي يختبئ وراءه ويهرب من ابسط الالتزامات تجاه الشعب الفلسطيني وتجاه الفرص المتاحة في عملية السلام التي لم تتح لاحد غيره على النحو الذي نراه من ايجابية الموقف الفلسطيني.
هذه المزايدات التي يمارسها اعضاء الائتلاف الحكومي الاسرائيلي لها عدة اسباب لعل اهمها ان بعض هؤلاء امثال ليبرمان, ونفتالي بينيت يهيئون انفسهم ليكونوا البديل, كما ان بعضهم اصبح يعتقد ان الائتلاف اشبه بسفينة غارقة حتما والقفز منها هو الخطوة الضرورية.
والحقيقة ان نتنياهو كما ينتقده نجوم الليكود مثل دان ميريدور قد ارتكب اخطاء عديدة, من ابرزها عدم قراءة المزاج الدولي قراءة صحيحة, حيث لم تعد الرواية الاسرائيلية تقبل بحذافيرها كما في الماضي بسبب دعمها اللامحدود من قبل الادارة الاميركية, فادارة اوباما الحالية لم تعد قادرة على تسويق الرواية الاسرائيلية على علاتها, كما لم تعد قادرة على ابتلاع الاخطاء الاسرائيلية بكل فداحاتها.
ولكن في اعتقادي فان الخطأ الاكبر الذي ارتكبه نتنياهو انه لم يعط الرئيس ابو مازن حق قدره, بانه شريك كفؤ جدا وجاد جدا في عملية السلام, وانه حقق ومصداقية عالية مع شعبه وفي المنطقة وفي العالم, وان تعهداته التي قطعها على نفسه قادر على تنفيذها وليست نوعا من التهويش كما كانت تشير التقارير الاسرائيلية التي بنى عليها نتنياهو تقديراته الخاطئة, فظن حينئذ انه اقل احساسا بالمسؤولية, كما في صفقة أسرى قبل اوسلو كما ان نتنياهو قرأ الاحداث الجارية في المنطقة قراءة متسرعة, وربما ركبه الغرور بسبب تداعيات هذه الاحداث, مع انه في قلب هذه الاحداث نفسها ذهبت الادارة الاميركية وحلفاؤها الخمسة الى اتفاق مع ايران من دون اسرائيل, وان التطورات في المنطقة رغم مأساوية بعضها ليست طبقا للمعايير الاسرائيلية.
الاستهانة بالخصم واحدة من الاخطاء القاتلة التي ارتكبها نتنياهو, ولذلك فانه محشور في الزاوية الان, اما الخضوع لمجانين الائتلاف وشطحاتهم الاستعراضية, واما الذهاب الى انتخابات مبكرة, والمزاج الآن مرتبك ولا احد يضمن النتائج, واما غض النظر عن قطعان المستوطنين الى ما لا نهاية, قطعان المستوطنين الذين اظهروا في احداث مستوطنة "يتسهار "جنوب نابلس انهم لا يقيمون وزنا للدولة الاسرائيلية نفسها.
لا يستطيع نتنياهو ان يرتكب كل تلك الاخطاء ويحملها في نفس الوقت للجانب الفلسطيني, لم يعد العالم يصدق تلك اللعبة المملة, ولا بد لمن ارتكب الخطأ وضيع الفرص ان يدفع الثمن, وهكذا فان الجهود الاميركية التي تبذل هذه الايام لها قيمة كبرى, انها سوف تكشف اذا ما كان نتنياهو يستطيع ان يكون قائدا للائتلاف وليس تابعا له, كما ان هذه الجهود سوف تكشف اذا ما كان نتنياهو قادرا على ان يتعامل مع المفاوضات مع الفلسطينيين بشكل جدي فيه جرأة الاعتراف بالحقائق, وليس استمرار الهروب من مواجهة الاستحقاقات الملحة, الدربكة الحاصلة الان على المستوى السياسي الداخلي في اسرائيل سوف تتضح خلال ايام, عودة الى السكة الصحيحة ام فشل ومواجهات وتداعيات.