يعتبر مخيم نهر البارد أكبر المخيمات الفلسطينية مساحة، وثاني أكثرها تعدادًا بالسكان، وقد عانى الأهالي لفترة من الزمن من مشاكل صحية خطيرة، أبرزها تلك المتعلقة بالقلب، وكان العجز المادي عائقا أمام إجراء العمليات الجراحية. فبادر نفر من أبناء المخيم إلى تشكيل ما اصطلح على تسميته "لجنة القلب المفتوح"، تعتمد في تمويلها على تبرعات متواضعة من سكان المخيم والمغتربين. وتمكنت اللجنة منذ تأسيسها العام 1999 حتى الآن، من إجراء 210 عمليات ناجحة.

رأى المريض لافي أحمد لوباني المستفيد من اللجنة في عملية (بالون+راسور) "أن أداء اللجنة ممتاز حيث تقوم بخدمة المرضى من أبناء مخيمنا، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي الصعب، ولكن الخلل يكمن أحيانًا في عدم سرعة ألاستجابة وهذا ما حصل معي عندما كنت بحاجة إلى إجراء العملية بشكل عاجل، حيث تمت المماطلة لأكثر من أسبوع حتى تمت الموافقة".

ولفت المريض غازي إبراهيم أبو النعاج، الذي يعاني أمراضًا عدة، والذي استفاد من تبرعات اللجنة لإجراء عملية تركيب بطارية ثلاثية للقلب إلى أن "عمل اللجنة رائع جدًا، وأكثر من مهم لأبناء مخيم نهر البارد الذي يعاني أوضاعًا أكثر من صعبة، وأمل أن يتم دعمها بأوسع الأشكال".

واعتبر مسؤول مركز التواصل الاجتماعي (أجيال) زيدان طه أن "اللجنة من أهم اللجان في مخيم نهر البارد على الإطلاق، إذ تدعم عمليات القلب المفتوح والعيون، وتتمتّع بشفافية عالية حيث تعلن عن رصيدها من التبرعات التي تملكها، والمبالغ المدفوعة والمتبقية، لذلك ندعو الأهالي في المخيم إلى دعمها بشكل دائم، بما يعادل 1000 ليرة لبنانية على الأقل، خاصة بعد تخفيض الأونروا لخدماتها، على أمل أن توسع نطاق دعمها لتشمل عمليات السرطان".

وقال إمام وخطيب مسجد القدس الشيخ إسماعيل أبو شقير: "إن اللجنة تعتبر من أفضل لجان المخيمات الفلسطينية في لبنان، لما تتمتع به من ثقة الناس ونظافة الكف والشفافية المالية، وعلى الأهالي دعمها لارتباطها بواقع معاناة الفلسطيني".

وأوضح المسؤول الإعلامي للجنة الأستاذ محمد خليل أن "الجميع يثق بعمل اللجنة وإخلاصها، لأنها تتمتع بالمصداقية والشفافية، فكانوا قبل عام 2007 يدفعون ألف ليرة شهريًا كحد أدنى، علاوة عن تمويلات المغتربين، ما يعني أن تمويل اللجنة كان معتمدًا بالمطلق على الأهالي والمغتربين، أما بعد أن أعلنت الأونروا عن خطة الطوارئ عام 2007، وتغطية نفقات العمليات بنسبة 100%، ومن ضمنها عمليات القلب المفتوح، أصبح من الصعب على اللجنة جمع التبرعات، حيث جمعت اللجنة أقل من 1500$ خلال عام 2013، إلا أنها قامت بتغطية 20% من نفقات العمليات، إضافة إلى 70% تتحملها الأونروا".

وأضاف خليل: "ساهمت اللجنة في العمليات من شهر كانون ثاني 2011 وحتى شباط 2014 بـ 13780000ل.ل، وبسبب نقص التمويل أعلنا عن صرخة في 9\2\2014 تدعو وتناشد جميع أبناء مخيمنا في الداخل والخارج، خاصة المراكز والمؤسسات والموظفين من أبناء المخيم، بدعم مرضى القلب المفتوح من جديد".

نجاح هذه المبادرة، دليل على الابتكار وتقديم الحلول للمشكلات التي يعاني منها شعبنا، لذلك فهي تستحق التشجيع والمتابعة. وكما حققت هذه الخطوة نجاحًا، فأبناؤنا قادرون على الاقتداء بها لإنجاز العديد من المبادرات المشابهة في أكثر من مجال.