تواصلت الاتصالات امس وراء الكواليس باشراف الولايات المتحدة في محاولة لانقاذ عملية السلام من الفشل، في الوقت الذي هددت اسرائيل الفلسطينيين باتخاذ اجراءات احادية الجانب ردا على تقدمهم بطلب انضمام فلسطين الى 15 اتفاقية ومعاهدة دولية الاسبوع الماضي.
ويتوجه الرئيس محمود عباس (ابو مازن) إلى القاهرة اليوم الاثنين، للمشاركة في الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الاربعاء، والذي سيناقش التطورات الاخيرة في ملف المفاوضات المتعثرة مع الجانب الاسرائيلي، وسط احتمال بأن يجري الرئيس بعدها جولة عربية لاجراء المزيد من المشاورات مع القادة العرب حول الاستعصاء الذي تواجهه المفاوضات.
وأكدت مصادر في الرئاسة ان الرئيس سيغادر اليوم إلى القاهرة ليلتقي غدا الثلاثاء بأمين جامعة الدول العربية د.نبيل العربي، قبيل الاجتماع الطارئ المقرر الاربعاء. واشارت ذات المصادر الى ان الاجتماع سيناقش الخطوات الفلسطينية الواجب اتخاذها في ظل تعثر المفاوضات وعدم التزام اسرائيل ببنود صفقة انطلاق المفاوضات قبل تسعة اشهر وعدم وفائها باطلاقها سراح الدفعة الرابعة من اسرى اوسلو.
وحسب ذات المصادر فإن جولة الرئيس تأتي ضمن سلسلة من الخطوات الحاسمة، التي تعتزم القيادة اتخاذها في الايام المقبلة، فيما يتعلق بشكل العلاقة مع اسرائيل التي هددت بفرض عقوبات على السلطة ولحث القادة العرب على توفير شبكة أمان عربية مالية وسياسية، في حال اتخذت اسرائيل عقوبات تشمل تجميد عائدات الضرائب.
وكانت صحيفة "الأهرام" المصرية نقلت عن مصادر مطلعة امس، إن الرئيس عباس سيمنح وزراء الخارجية العرب مهلة 48 ساعة لدراسة القرارات العربية التي يجب أن تتسم بالحسم بشأن المفاوضات. وأضافت المصادر أنه في حالة حدوث المزيد من التأزم والاحتقان مع الجانب الإسرائيلي، فإن الرئيس عباس سيدعو إلى عقد قمة عربية طارئة.
وكشف مصدر في الرئاسة الفلسطينية للصحيفة أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري طلب من الرئيس عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضبط النفس، وعدم اتخاذ إجراءات انتقامية متبادلة، وانتظار ما سيسفر عنه لقاؤه مع الرئيس الأميركي باراك اوباما بعد عودته لواشنطن.
وقال إن كيري أكد للجانب الفلسطيني أنه سيواصل جهوده لإنقاذ مفاوضات التسوية، والعمل على تمديدها بعد انتهاء الجولة الحالية في التاسع والعشرين من نيسان الحالي. وأضاف أن كيري سيسعى لإقناع الكونغرس بعدم تنفيذ تهديده بفرض عقوبات على الجانب الفلسطيني، وكذلك إقناع الإسرائيليين بوقف تصعيدهم ضد الرئيس عباس لرفضه تمديد المفاوضات لمدة 9 أشهر أخرى، واللجوء إلى المنظمات الدولية لمعاقبة إسرائيل على تعنتها.
وقال نتنياهو في مستهل الاجتماع الاسبوعي لحكومته امس، "هذا لن يؤدي سوى الى ابعاد اتفاق السلام"، مؤكدا ان "الخطوات الاحادية الجانب من طرفهم ستقابلها خطوات احادية الجانب من جانبنا"، في اشارة الى طلب فلسطين الانضمام الى 15 معاهدة واتفاقية دولة. ورأى نتنياهو ان القرار الفلسطيني "لن يفعل سوى ابعاد اتفاق السلام".
واضاف ان "الفلسطينيين لديهم الكثير لخسارته من خطوة احادية الجانب. سيحصلون على دولة عبر المفاوضات المباشرة فقط وليس من خلال التصريحات الفارغة او الخطوات احادية الجانب". وقال "نحن مستعدون لمواصلة المحادثات ولكن ليس بأي ثمن".
وبحسب نتنياهو فان الفلسطينيين قدموا طلب الانضمام للمعاهدات الدولية "عندما اقتربنا من التوصل الى اتفاق حول مواصلة المحادثات" لما بعد موعدها النهائي المحدد في 29 من نيسان المقبل.
ولم توضح مصادر مقربة من نتنياهو طبيعة الاجراءات العقابية التي قد تتخذها اسرائيل ولكن ذكرت وسائل الاعلام انها قد تشمل منع الشركة الوطنية للاتصالات من وضع البنية التحتية اللازمة لتشغيل خدمتها للهواتف النقالة في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس ووقف مشاريع بناء فلسطينية في اجزاء من الضفة الغربية.
ونقلت صحيفة "هآرتس ان نتنياهو ووزير الجيش موشيه يعلون طلبا من الادارة العسكرية الاسرائيلية في الاراضي الفلسطينية اقتراح اجرءات عقابية.
بينما دعا وزير الاقتصاد الاسرائيلي نفتالي بينيت وهو زعيم حزب "البيت اليهودي" المتطرف امس الى ان تتجه اسرائيل الى محكمة العدل الدولية في لاهاي لملاحقة المسؤولين الفلسطينيين بتهم "جرائم حرب". وقالت منظمة شعورات هادين غير الحكومية اليمينية انها تتحضر لتقديم شكاوى مماثلة.
واستبق بينيت جلسة الحكومة ليشن هجوما لاذعا على القيادة الفلسطينية والفلسطينيين قائلا "لقد فجروا بخطوتهم أحادية الجانب المفاوضات، وان خطوتهم الأحادية تتناقض وكافة الاتفاقيات والتفاهمات بما في ذلك اتفاق أسلو نفسه". وأضاف "حولت المفاوضات مع الفلسطينيين دولة إسرائيل إلى ملجأ للابتزاز وهدف للابتزازيين فإذا كانت في أوجه مفاوضات وقرر البائع الهرب حاملا معه البضاعة فانك لن تركض خلفه حاملا النقود وتستعطفه بان يفاوضك وباختصار أقول لهم واصلوا توجهكم نحو الأمم المتحدة وسنوقف المفاوضات معكم".
وهدد بينيت صباح امس في حديث لإذاعة الجيش بأن إسرائيل بصدد تقديم دعوى قضائية ضد أبو مازن في المحكمة الدولية في لاهاي بتهمة «ارتكاب جرائم حرب». وقال «نحن نستعد الآن لتقديم دعوى بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد ابو مازن، أولا بتهمة تحويل الأموال لحركة حماس التي تطلق صواريخ على إسرائيل، وثانيا بتهمة تمويل المخربين والقتلة أنفسهم على حد تعبيره.
وقبل تصريحاته تلك لإذاعة الجيش قال بنيت في حديث للإذاعة الاسرائيلية إنه يرفض اتهام وزيرة القضاء الإسرائيلية، تسيبي ليفني، لوزير الإسكان أوري اريئيل، بالمسؤولية عن تفجير المفاوضات، وقال إن المفاوضات تفجرت نتيجة لرفض الفلسطينيين الاعتراف بـ"يهودية رسرائيل".
واضاف بينيت إن المفاوضات تفجرت نتيجة لرفض أبو مازن الاعتراف بيهودية إسرائيل، مضيفا أنه يأسف أن تقوم ليفني «باتهام إسرائيل لا الفلسطينيين». ودعا إلى عدم تقديم تنازلات للفلسطينيين من أجل ثنيهم عن التوجه للأمم المتحدة، وأضاف أنه «على استعداد لشراء تذكرة طائرة لنيويورك لابو مازن ويتقدم بدعوى ضده بتهمة قتل إسرائيليين".
من جانبه اعترض زميل ليفني في كتلة "هتنوعا" عضو الكنيست مئير شطريت على تصريحاتها وقال إنه لا ينبغي منح الفلسطينيين كرتا يستخدمونه لاتهام إسرائيل بإفشال المفاوضات. واقترح شطريت إقامة دولة فلسطينية في «الحدود القائمة» والاستمرار بالمفاوضات. معتبرا أن «المصلحة الاسترتيجية لإسرائيل تقتضي التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين».
وانضم وزير الشؤون الإستراتيجية يوفال شتاينتس لجوقة المهاجمين، قائلا "يجب علينا قول الحقيقة لقد بصق ابو مازن في وجوهنا بكل بساطة وقال لنا بأنه غير معني بالسلام، وانه غير مستعد للاعتراف بوجود الشعب اليهودي وبحقه في دولته واليوم أقدم على تفجير المفاوضات لقد قامت هذه السلطة بفضلنا فقط وليس فقط بفضل اتفاق أوسلو بل بفضل الأموال التي نجبيها ونحولها لهم وبفضل الأمن الذي نوفره لهم ولو لم نقم بكل هذا لسيطرت حماس وحركة الجهاد على المنطقة كما حدث في غزة ولأسقطوا أبو مازن وسيطروا على رام الله"، حسب تعبير شتاينتس.
وافاد مصدر فلسطيني ان الاجتماع الثلاثي بين المفاوضين الاسرائيليين والفلسطينيين مع الموفد الاميركي مارتن انديك انتهى مساء امس، دون ان يقدم اي تفاصيل حول ما جرى خلاله.
وقال مصدر اسرائيلي مقرب من المفاوضات لموقع صحيفة "يديعوت احرونوت" على الانترنت "ان الاتفاق الذي كان على الطاولة الاسبوع الماضي لم يعد قائما اليوم، واسرائيل تستعد لاستئناف علاقاتها الروتينية مع الفلسطينيين كما كانت عليها قبل استئناف المفاوضات قبل تسعة اشهر". كما اعرب هذا المصدر عن تشككه بعزم الولايات المتحدة على التدخل اكثر في المفاوضات، مشيرا الى انه شعر ببعض "الفتور" لدى الاميركيين ازاء هذه المفاوضات.
وأكد مسؤول فلسطيني رفض الكشف عن اسمه لوكالة فرانس برس امس ان "اسرائيل تصر على تراجع الفلسطينيين عن خطوة التوقيع على المعاهدات الدولية كشرط للافراج عن الاسرى وهو ما طالبت به ايضا تسيبي ليفني" رئيسة الوفد الاسرائيلي المفاوض خلال اللقاء التفاوضي الاخير الذي عقد ليل الخميس الجمعة. واضاف المسؤول "الفلسطينيون يصرون على انه لا يمكن البحث في اية خطوة لاحقة قبل الافراج" عن الدفعة الرابعة من الاسرى.
ووجه امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه امس في حديث لاذاعة صوت فلسطين، اللوم الى اسرائيل مشيرا الى انها تريد تمديد المفاوضات الى "ما لا نهاية" لخلق "واقع على الارض".
واضاف عبد ربه ان اسرائيل تقوم دائما "بخطوات احادية الجانب" مشيرا الى ان الفلسطينيين يعاقبون بالفعل من اسرائيل.
وقال نبيل أبو ردينة المتحدث باسم عباس "إسرائيل هي من تقوم بخطوات أحادية من خلال مواصلة عمليات الاستيطان وعدم الالتزام بإطلاق الدفعة الرابعة من الأسرى. نحن ملتزمون بأسس عملية السلام".
وتطرق مصدر سياسي إسرائيلي امس، للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية مؤكدا إن ما كان قائما قبل أسبوع لم يعد قائما في إشارة منه لصفقة تحرير الأسرى، حسب موقع " يديعوت أحرونوت" الالكتروني.
وقال المصدر السياسي"كما يبدو الآن فان العملية التي كانت قبل عدة أسابيع لم تعد واقعية وذات صلة والصفقة التي كانت قبل أسابيع لم تعد قائمة وإسرائيل تستعد للعودة للروتين الذي كان سائدا قبل بداية المفاوضات فيما يتعلق بطريقة تعاملها مع الفلسطينيين" . وأضاف " مع ذلك فإننا في إسرائيل ننتظر نتائج لقاء كيري بالرئيس الأمريكي باراك اوباما لنرى كيف ستتصرف الإدارة الأمريكية خاصة ونحن نلاحظ برودا أميركيا كبيرا وان كيري الذي كان قبل عدة أسابيع ليس بكيري الحالي".
وقال مصدر سياسي إسرائيلي آخر وصف بالمطلع على مجرى المفاوضات والمباحثات المتعلقة بالأزمة الأخيرة ان المباحثات تسير بالاتجاه السيئ . ومنح المصدر في تصريحاته فرصة أخرى لستيبي ليفني وجهودها قائلا "يجب علينا انتظار عدة أيام صحيح ان الاتجاه لا يبشر بالخير لكنني لا أريد التسرع والحديث عن انهيار المفاوضات بشكل مطلق فهناك الكثير جدا من الجهود الرامية لإنقاذها".
وأكدت مصادر إسرائيلية عدم نية إسرائيل اتخاذ خطوات قاسية من شأنها ان تمس بالاقتصاد الفلسطيني لان مثل هذا الضرر ليس في مصلحة إسرائيل .
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها