رفض الرئيس محمود عباس التهديدات الاسرائيلية بفرض عقوبات على السلطة ردا على توقيع 15 اتفاقية دولية، فيما تحدث وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن مراجعة اميركية لعملية السلام. وواصلت الدبلوماسية الأميركية أمس جهودها للتوصل الى تسوية تنقذ المفاوضات.
وقال مسؤول فلسطيني لوكالة الأنباء الفرنسية طالبا عدم كشف اسمه ان الرئيس عباس أكد لكيري خلال اتصال هاتفي ليل الخميس الجمعة انه "لا تراجع عن خطوة التوقيع على الاتفاقيات الدولية". ونقل المسؤول ان "كيري أضاف أن اسرائيل تهدد برد فعل قوي ضد الخطوة الفلسطينية"، مشيرا الى ان الرئيس عباس اكد لكيري ان "مطالبنا ليست كثيرة وتهديدات اسرائيل لم تعد تخيف أحدا ولها ان تفعل ما تريد".
واوضح مسؤول فلسطيني ان الجانب الفلسطيني يطالب على الأخص بالافراج عن حوالي ألف أسير اضافي بينهم قياديون، فيما تقترح اسرائيل الافراج عن 400.
وافادت صحيفة "هآرتس" ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير جيش موشيه يعلون طلبا اعتبارا من الأربعاء من رئيس الادارة العسكرية التي تدير المناطق الفلسطينية الجنرال يواف موردخاي اقتراح سلسلة اجراءات عقابية ضد الفلسطينيين. ونقلت "هآرتس" عن مسؤول اسرائيلي قوله ان السلطات الاسرائيلية تنوي تجميد الترخيص الممنوح لمشغل الهواتف النقالة الفلسطيني "الوطنية" لتطوير شبكة البنى التحتية في قطاع غزة. كما تعتزم ايضا تقليص انشطة الفلسطينيين في المنطقة (ج) في الضفة حيث هناك مستوطنات وحيث تمارس اسرائيل سيطرة مدنية وعسكرية كاملة حسب وسائل الاعلام. واضافت ان اسرائيل جاهزة لتجميد نقل الضرائب التي تجمعها لحساب السلطة الفلسطينية.
وقالت صحيفة "معاريف" على موقعها الالكتروني أمس ان نتنياهو الذي يلتزم الصمت على قرار الرئيس عباس بالتوجه لمنظمات ومؤسسات ومعاهدات الأمم المتحدة، يعد في جعبته العديد من القرارات والاجراءات العقابية للسلطة للاعلان عنها خلال اليومين المقبلين.
واشارت الى ان عددا من المسؤولين الاسرائيليين يدرسون سلسلة من القرارات لاتخاذها من قبل نتنياهو لمعاقبة السلطة ابرزها الاعلان عن بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في مختلف المناطق ومنها منطقة E1 بالقدس. كما تتضمن قائمة العقوبات التي يقوم بوضعها طاقم اسرائيلي وزاري بناء آلاف الوحدات الاستيطانية سيكون اولها 4000 وحدة دفعة واحدة ووقف عائدات الضرائب وووضع حواجز عسكرية على الطرق بين المدن الفلسطينية وعقوبات اقتصادية اخرى.
واشارت الصحيفة الى ان وزير الاسكان الاسرائيلي اوري ارئيل هاتف نتنياهو وابلغه ان الرد الأمثل على الرئيس عباس هو الاعلان عن بناء 4000 وحدة استيطانية جديدة.
اما زئيف اليكين فقد شدد على ضرورة مصادرة مئات ملايين الشواقل التي تجنيها اسرائيل كعائدات ضرائب للسلطة الفلسطينية وتحويلها لسداد الديون لشركة كهرباء اسرائيل القطرية وشركات توريد الوقود للسلطة.
كما تتضمن قائمة العقوبات سحب بطاقات الشخصيات المهمة من مختلف القيادات الفلسطينية و"اعلان السيادة الاسرائيلية" على المستوطنات المقامة في الضفة اي ضم المستوطنات الى اسرائيل.
وأفادت مصادر فلسطينية مقربة من المفاوضات ان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير د. صائب عريقات التقى بعد ظهر أمس الوسيط الأميركي مارتن انديك.
وقال كيري خلال ندوة صحفية مع نظيره المغربي صلاح الدين مزوار في العاصمة الرباط "للأسف على مدى الأيام القليلة الماضية لم يتخذ كلا الطرفين مبادرات مساعدة" على المضي قدما بالمفاوضات. وأشار كيري الى أنه سيتحدث "ابتداء من اليوم (أمس)" مع الرئيس الأميركي باراك أوباما من أجل "إجراء تقييم دقيق لما يمكن وما لا يمكن فعله" في عملية السلام.
وأكد كيري ان "هناك حدودا للوقت والجهد الذي يمكن للولايات المتحدة أن تخصصهما إذا لم تبد الأطراف النية والاستعداد لإحراز تقدم"، حيث تحادث هاتفيا من الرباط مع قادة المعسكرين أمس. وقال كيري "الطرفان يقولان انهما يريدان مواصلة" المفاوضات، "لكننا لن نبقى جالسين هنا الى ما لا نهاية" موضحا في الوقت نفسه أن هناك ملفات أخرى ساخنة على الطاولة مثل الملف الأوكراني والملفين السوري والإيراني.
وذكر مسؤولون أميركيون أن كيري صدم من تحركات القيادات الاسرائيلية والفلسطينية في الفترة الأخيرة.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست إن كيري سيناقش سبل المضي قدما مع أوباما بعد عودته الى واشنطن. وقال إرنست إن المرحلة الراهنة من عملية السلام بالشرق الأوسط لم تنته وانها تعثرت بسبب "الخطوات الأحادية" "غير المفيدة" التي يتخذها الجانبان.
وقال للصحفيين "حان الوقت لكي يمضي القادة الإسرائيليون وقادة الشعب الفلسطيني بعضا من الوقت لبحث خياراتهم في تلك المرحلة."
وسعت متحدثة باسم الخارجية الأميركية لاحقا الى التخفيف من وطأة هذه الأقوال مؤكدة ان بلادها تبقى "ملتزمة" بعملية السلام الجارية. وصرحت ماري هارف "ما زلنا نتفاوض" متابعة "الى ان نتوصل الى نهاية هذه العملية، على كل طرف ألا يتكهن ازاء ما سيلي".
وقررت القيادة الثلاثاء الماضي تقديم طلبات الانضمام الى 15 معاهدة أو اتفاقية دولية ردا على رفض اسرائيل الافراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى في 29 آذار الماضي كما هو وارد في مبادرة سلام طرحها كيري.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أمس نقلا عن مسؤولين في الإدارة الأميركية أن الرئيس الأميركي يعتقد أنه من الممكن أن تكون جهود كيري في الدفع بالمفاوضات بلغت أقصى مداها. وحسب الصحيفة فإن عددا من المستشارين المقربين من كيري، وبضمنهم مسؤولون في البيت الأبيض، يعتقدون أنه حان الوقت "لكي يقول كيري كفى"، كما أنهم يخشون من أن يبدو كيري كمن يدفع بعملية السلام أكثر من اللازم على حساب قضايا دولية ملتهبة، بما يسيء إلى سيرته.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول أميركي قوله إن "هناك نقطة يتوجب على كيري أن يخرج منها ويتحمل مسؤولية الفشل". وأضاف: "ينبغي على كيري أن يخفض لهجته في الموضوع الإسرائيلي - الفلسطيني ليرى كيف ستتطور الأمور".
ونقلت الصحيفة عن نائب المستشار للأمن القومي الأميركي بن رودس قوله إن "الإدارة الأميركية لن تنفصل بشكل مطلق عن عملية السلام"، وأنه "لا يوجد حد لضرورة العمل مع الإسرائيليين والفلسطينيين على هذه القضايا، وهناك دائما أسباب للتدخل الأميركي".
وأبلغ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح د. نبيل شعث وكالة "رويترز" أن الرئيس عباس لم يكن يسعى لإغضاب كيري بل لتسليط الضوء على تقاعس إسرائيل عن الإفراج عن السجناء.
وقال شعث إن كيري سيعود لأن الفلسطينيين سيواصلون المحادثات كما هو متفق عليه. وعبر عن أمله في أن ينفد صبر واشنطن من إسرائيل بدلا من الفلسطينيين.
وفي ظل توقعات بأن يتبادل الطرفان اللوم في الأزمة شكك وزير المالية الاسرائيلي يائير لبيد الذي ينتمي لتيار الوسط فيما إذا كان الرئيس عباس يريد التوصل لاتفاق مشيرا إلى قائمة طويلة من المطالب الفلسطينية شملت رفع الحصار عن قطاع غزة والافراج عن أسرى بينهم مروان البرغوثي وأحمد سعدات وفؤاد الشوبكي.
وقال لبيد وهو أحد الأصوات الأكثر اعتدالا في الائتلاف الحكومي اليميني برئاسة نتنياهو "ينبغي أن يعلم (عباس) أن مطالبه لا تصب في مصلحته في هذا التوقيت. لن يتفاوض معه أي إسرائيلي مهما كان الثمن" حسب قوله.
وسيعقد الكنيست جلسة عامة الاثنين لبحث ازمة المفاوضات كما افادت صحيفة "اسرائيل اليوم" المؤيدة للحكومة.
وحسب صحيفة "يديعوت احرونوت" فان القادة الاسرائيليين لا يستبعدون التمكن من تجاوز العراقيل قبل انتهاء الفترة المحددة للمفاوضات في 29 نيسان. واشار مراسلون في" يديعوت" و"هآرتس" أمس الى ان رد عباس على عدم الافراج عن الأسرى كان مدروسا، نظرا الى ان طلبات الانضمام تتعلق فحسب بنصوص لا تشكل خطرا جديا على اسرائيل.
ورحبت منظمة العفو الدولية من جهتها بطلبات الانضمام داعية الادارة الفلسطينية بدفعها أبعد بكثير.
وذكرت مصادر اسرائيلية ان تل ابيب ستبدأ حملة دبلوماسية دولية لـ "نزع شرعية" الرئيس عباس بزعم رفضه السلام والتمسك باطروحات "متطرفة" تتعلق برفضه يهودية الدولة.
وقالت اذاعة جيش الاحتلال انه "يجري استنفار مراكز الدعم الاعلامي والسياسي واللوبي المؤيد لاسرائيل في كافة دول العالم لشرح الموقف الاسرائيلي وخطورة الخطوات احادية الجانب التي يتخذها الرئيس الفلسطيني" حسب قولها.
وستركز الحملة على ان "عباس يرفض التنازل عن حق العودة والذي يعني تدمير دولة اليهود، وانه يماطل ويناور رافضا الوصول الى أي حلول وسط أو تمديد المفاوضات رغم نوايا حسنة ومبادرات كثيرة تم تقديمها خلال المفاوضات لتليين موقفه".
وقالت المصادر: سيقدم مندوبو اسرائيل وسفراؤها رؤية اسرائيلية متكاملة حول شخصية عباس، فيما ستدعم تلك الرؤيا بتصريحات ورؤى ساسة واحزاب فلسطينية تدعم الرواية الاسرائيلية حول قدرات عباس" زاعمة ان العديد من الفلسطينيين يرفضون تصرفات الرئيس عباس ولديهم الاستعداد للوصول الى سلام حقيقي مع اسرائيل.
وذكرت صحيفة "يديعوت احرونوت" ان زعيم حزب البيت اليهودي نفتالي بينيت يعمل على إعداد "رد موجع" ضد القيادة الفلسطينية.
وقالت الصحيفة ان" بينيت تشاور مع العديد من الحقوقيين الاسرائيليين والأجانب، الذين لهم باع طويل في القانون الدولي، وانه كون فكرة ان هناك سببين لمقاضاة القيادة الفلسطينية (كمجرمي حرب)، الأول بسبب إطلاق الصواريخ من قطاع غزة على المدنيين الاسرائيليين، والسبب الثاني هو التحريض الذي تقوم به هذه القيادة ضد اسرائيل، وتحويلها الأموال للأسرى في السجون وللمحررين منهم، حسب قوله.
وقال بينيت "لقد سمعت ان ابو مازن يقول انه سيذهب للجنايات الدولية، وأنا اقول له اذهب وستجد هناك العديد من الدعاوى بانتظارك" حسب قوله.
واشارت الصحيفة الى ان "بينيت بدأ خلال الأيام الأخيرة بتشكيل ائتلاف من منظمات ومؤسسات مختلفة، بينها منظمات عائلات القتلى من الاسرائيليين، للاعداد لسلسلة من الدعاوى القضائية المحتملة ضد القيادة الفلسطينية وفي مقدمتهم الرئيس عباس".
واضافت الصحيفة ان "هذه الدعاوى المحتملة، ستشكل رادعا في حال قرر الفلسطينيون التوجه لمحكمة الجنايات الدولية، وانهم سيتلقون سلسلة من الدعاوى ضدهم امام المحكمة نفسها" حسب قولها.
من جانبه قال الوزير الاسرائيلي المتطرف اوري اورباخ، ان الرئيس عباس "ليس شريكا للسلام، وانه ليس معنيا بالتوصل الى تسوية دائمة وانما بأن يتم اخلاء سبيل السجناء الامنيين" حسب قوله.
واشار اورباخ الى انه "ليس متأكدا من ان السلطة الفلسطينية تتطلع الى اقامة دولة فلسطينية".
بدورها قالت رئيسة حزب ميرتس زهافا غلؤون: "ان السياسة التي اتبعتها حكومة نتنياهو خلال المفاوضات مع الفلسطينيين لم تفض الى اي نتيجة". واضافت ان "هذه السياسة اتصفت بمواصلة البناء في المستوطنات وطرح المطلب بالاعتراف بيهودية دولة اسرائيل والقرار بعدم اطلاق سراح الدفعة الرابعة من السجناء الأمنيين". واعربت غلؤون عن اعتقادها بأنه "اذا كان نتيناهو غير قادر على التوصل الى اتفاق مع الرئيس عباس فربما من الأفضل ان يراجع الفلسطينيون الأمم المتحدة".
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها