هاجمجيش اسرائيل غزة, ونفذ مخطط عملياته، وحقق اهدافه فيما العالم منشغل بأحداث سوريا,فالمخططون العسكريون والسياسيون بارعون بتوظيف ليس الطبوغرافيا مثل البيئة والطبيعةوالجغرافيا وحسب, بل استغلال الوقائع والأحداث في المحيط, فهذه عوامل تغطية واساليبتمويه على العمليات العسكرية مثلها مثل وسائل واساليب التمويه والتغطية المستخدمة فيعلم الحروب.فباراك – وزير الجيش الاسرائيلي المعروف بدقته في تحديد ساعة الصفر, نجحكما يبدو في توجيه ضربة عسكرية خاطفة, خطفت أرواح 25فلسطينيا في ليلتين, مستغلا انشغالالعالم بأحداث الثورة السورية ومجازر القوات النظامية الخاضعة لأوامر بشار الأسد فيحمص وادلب, وانشغال القوى الكبرى في سجالات عقيمة حول مشاريع قرارات لمجلس الأمن بشأنالوضع في سوريا, ومبارزات كلامية بين وزراء الخارجية الكبار.

شنجيش باراك 37 غارة, حققت أهدافها المنظورة, فردت الفصائل المسلحة بـ 222 صاروخا وقذيفةوصل بعضها الى قلب مدينة بئر السبع, والحقت اضرارا بالمستوطنات المجاورة قالت الصحفالاسرائيلية انها تقدر بالملايين، لكن الأهداف غير المنظورة كانت تحويل التهدئة الىركن ارتكاز لسلطة حماس في قطاع غزة, حيث سعى قادتها الى التهدئة حتى حصلوا عليها, ليقدمهايوسف رزقة على أنها انتصار, والحقيقة هي كذلك, فالحكومة الاسرائيلية تعاملت مع حماسكسلطة مسؤولة عن قطاع غزة, ليس لأنها تتعامل بواقعية أو أن حماس سلطة الأمر الواقعفي القطاع, وانما لأنها تريد ان تكون حماس هي السلطة المسؤولة في غزة,ولأنها تسعى لتعزيزدورها بما يجعل من الوحدة الجغرافية والسياسية لدولة فلسطينية في المستقبل في خبر كان,فالهجمات الاسرائيلية أدت إلى استشهاد قيادات في غزة, لكنها رفعت من شأن قيادات فيحماس توصل الليل بالنهار من اجل الاحتفاظ بالسلطة على القطاع.

بدتقيادات حماس أحرص على بث نداء التهدئة من نشيد معلقات المقاومة, فأتى هذا منسجما معاتفاق «الاخوان» مع المسؤولين الأميركيين عندما تعهدوا بتحجيم العمل العسكري لدى حماس,فكان الهجوم المكثف في الليلتين الماضيتين بمثابة مناورة بالذخيرة الحية وبأهداف فلسطينيةلاختبار قدرة حماس على الالتزام بما تم الاتفاق عليه مع « جماعة الاخوان بمصر « لذلكاستغرب حمساويون غير مطلعين على موقف الاخوان في مصر من العدوان على قطاع غزة, فربماظنوا ان القيامة ستقوم بمجرد اي اعتداء على غزة بسبب سيطرة الاخوان على مقاعد مجلسالشعب في الشقيقة مصر!!.

كشفليبرمان الأهداف غير المنظورة لهجوم جيشه على غزة اذ قال: «ان استمرار إطلاق الصواريخمن قطاع غزة باتجاه الأراضي الإسرائيلية «يقضي على أي احتمال» في إحداث تواصل جغرافيبين غزة والضفة الغربية». وقال ايضا:«طالما بقي حكم «حماس» في غزة فإن إسرائيل لن توافقأبداً على إقامة أي ممر آمن سواء علوي أو سفلي...»، فليبرمان يعلم أن الفصائل تتسلحوتطور صواريخها, ويعلم ايضا انه كلما لاحت في الأفق مصالحة فلسطينية, تختلق اسرائيلاسبابها للهجوم على القطاع لابقائه في مربع الانفصال, فليبرمان يعلم أن الرئيس ابومازن وخالد مشعل قد اتفقا على شمولية التهدئة في غزة والضفة الفلسطينية واعتماد مبدأالمقاومة الشعبية السلمية, لكن حكومة اليمين المتطرف بقيادة ( نتنياهو ليبرمان ) تسعىلادامة مبررات الحصار, ومنع التواصل الجغرافي والسكاني بين أراضي دولة فلسطين كوحدةجغرافية واحدة كما نصت عليها اتفاقيات اوسلو، واعتراض المصالحة الفلسطينية واتفاقياتهاواعلان الدوحة, لذلك فان اسرائيل معنية باطلاق الفصائل المسلحة للصواريخ والقذائف,لكن بحدود لا تخرج عن سيطرتها..لكن هل ستستطيع حكومة اسرائيل وجيشها التحكم بهذه المعادلة؟! فلبعض الفصائل المسلحة حسابات ليس لاسرائيل قدرة على احتوائها خاصة انها ليست ممثلةبسلطة ولا تتطلع لسلطة اصلا, الى جانب مفاهيمها لمعاني المقاومة والردع, وكذا ارتباطاتمع قوى اقليمية تحتم عليها تطوير قدراتها لأيام قادمة.