مع دخول اتفاق وقف إطلاق النار في غزة حيز التنفيذ، واجه العديد من الأسرى المحررين موجة واسعة من التشهير والتحريض عبر منصات التواصل الاجتماعي، في محاولة واضحة لتشويه صورتهم أمام الرأي العام الفلسطيني.
هذه الحملات ليست عشوائية، بل تأتي في إطار حرب نفسية قد تكون مدروسة، هدفها الرئيسي كسر الروح المعنوية للأسرى المحررين وأهاليهم، ومنعهم من الاندماج في الحياة السياسية والاجتماعية بعد سنوات من الأسر، كما تهدف إلى إحداث شرخ في الصف الوطني الفلسطيني من خلال إثارة الجدل حول رموز شخصيات نضالية قدمت حياتها خلف القضبان دفاعًا عن القضية الفلسطينية.
- من يقف وراء هذه الحملات؟.
يشير عدد من التقارير إلى أن هذه الهجمات ليست مجرد تعبيرات فردية على وسائل التواصل الاجتماعي، بل هناك جهات منظمة تقف خلفها مستخدمة حسابات وهمية وممولة لنشر التشهير والتحريض، وتشير بعض التقارير إلى أن الاحتلال وأذرعه الإعلامية تقود جزءًا من هذه الحرب الرقمية.
لكن الاحتلال ليس الفاعل الوحيد، فهناك جهات أخرى قد تستغل هذه الحملات لتحقيق مصالح خاصة، سواء من خلال تصفية حسابات سياسية أو خلق أزمات داخلية تخدم أجندة معينة، كما تهدف هذه الحملات إلى إعادة تشكيل الوعي الشعبي من خلال استبدال السردية الوطنية الفلسطينية بروايات مشوهة تخدم الاحتلال، إضافة إلى ذلك؛ خلق حالة من الفوضى الرقمية تمنع التركيز على القضايا الجوهرية مثل حقوق الأسرى والانتهاكات المستمرة بحقهم.
- محمد الطوس نموذجًا للاستهداف الرقمي
المحرر محمد الطوس الذي أمضى نحو 40 عامًا في الأسر خرج إلى الحرية وهو يحمل إرثًا نضاليًا طويلاً، ليجد نفسه في مرمى حملة تشهير وتشويه كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي، ففور تحرره، انطلقت حسابات مشبوهة لنشر الشائعات حوله في محاولة للنيل من تاريخه النضالي الطويل.
الطوس، لم يكن الأسير المحرر الوحيد الذي تعرض للاستهداف، بل سبقه العديد من المحررين الذين وجدوا أنفسهم في مواجهة هجمة إلكترونية شرسة، تهدف إلى اغتيالهم معنويا بعد أن فشلت سنوات السجن في كسرهم.
- كيف نواجه ذلك؟
أمام هذا الخطر المتزايد؛ بات من الضروري العمل على تحصين الأسرى المحررين، ممن هم على وشك التحرر من اغتيالهم رقميًا، وتعزيز دور الإعلام الوطني في كشف حملات التضليل، كما يتوجب على الناشطين والمواطنين دعم الأسرى من خلال فضح الحسابات المشوهة وعدم تداول الأخبار دون تحقق وعدم نشر الفيديوهات المسيئة والتفاعل معها، وإطلاق حملات رقمية مضادة تعزز السردية الفلسطينية التي تؤكد دومًا على أن الأسرى خط أحمر ليسوا مجرد أشخاص أمضوا سنوات في سجون الاحتلال، بل هم جزء أساسي من نضال الشعب الفلسطيني.
ختامًا، لم يتحرر الأسرى من سجون الاحتلال ليواجهوا معركة جديدة ضد الشيطنة والتشويه، وكما صمدوا خلف القضبان؛ فإنهم قادرون بدعم شعبهم على التصدي لمحاولات الاغتيال الرقمي، لأن النضال الحقيقي لا تمحوه الشائعات ولا تشوهه الحسابات الوهمية.
تعليقات القرّاء
التعليقات المنشورة لا تعبر عن رأي الموقع وإنما تعبر عن رأي أصحابها